يحدثنا إسماعيل مصباح، المكلف بالإعلام بالوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي وخرّيج كلية الإعلام والاتصال بالجزائر، عن الاستراتيجية الإعلامية التي تعتمدها وكالة يقع على عاتقها مهمة الترويج للثقافة الجزائرية والتعريف بها داخل الوطن وخارجه. وعن العلاقة بين الحدث الثقافي والإعلام، وإذا كان الأول يصنع الثاني أم العكس، يرى مصباح بأن كلاهما يتماشيان جنبا إلى جنب، وقد يفرض الحدث نفسه، كما يمكن للإعلام أن يخلق من أبسط الأشياء موضوعا رائجا، وهنا تبرز أهمية وسائل الاتصال المختلفة.
الشعب: مهمة الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي هي الترويج للثقافة الجزائرية في الداخل والخارج.. ما هو دور الإعلام في تحقيق هذه المهمة؟
إسماعيل مصباح: دور الإعلام مهم جدا، إذ بفضل تغطية الأحداث ونشرها، والتقارير الصحفية والمقابلات سواء المكتوبة أو السمعي-بصرية، يتعرّف الجمهور، سواء من المبتدئين أو المختصين، على طبيعة الحدث بجوانبه المختلفة (المكان، الزمان، السعر...) فالصحافة/ وسائل الإعلام تساهم في الإبلاغ عمّا نقترحه من تظاهرات، بنقل المعلومات ونشرها. كما يحمل الإعلام على عاتقه مهمة أخرى وهي التعريف ببعض التخصصات الفنية غير معروفة لدى الجمهور العريض (الفن المعاصر على سبيل المثال).
إلى جانب ما ذكرناه، فإن التغطية الإعلامية للتظاهرات الثقافية وتكريم مبدعينا وفنانينا تساهم في تعزيز وجود هؤلاء سواء على المستوى الوطني أو الدولي. وما وراء أثر «التعميم» في مختلف أوساط الجمهور، فإن التغطية الإعلامية للأحداث الثقافية هو إشعاع حقيقي لثقافتنا.
هل يعني ذلك وجود استراتيجية إعلامية تعتمدون عليها؟ وما هي الخطوط العريضة لهذه الاستراتيجية؟
فيما يتعلق بالاستراتيجية، فإنها قد وُجدت مع إنشاء الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي AARC، إذ وجب التفكير منذ البداية في الإعلام حول الوكالة وأنشطتها. وقد مرّ اتصال الوكالة عبر العديد من الخطوات، ومع ذلك، كان دائما مرتبطا بأنشطتها ومهمتها وهي الترويج للثقافة الجزائرية في الخارج. وإننا من خلال تثميننا العمل والإبداع الوطني نثمّن صورتنا كوكالة. حاليا، يمكن القول إن الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي هي المتعامل الثقافي المعروف والمعترف به وطنيا ودوليا. لم نعد نتحدث عن الخطط الاتصالية لأن كل نشاط يتطلب مقاربة اتصالية تختلف من حدث إلى آخر. إن حدثا مبرمجا/ منظما في الخارج بحكم طبيعته، يتطلب مقاربة اتصالية مكيفة وفقا للوسائل والإمكانيات المستخدمة، على عكس النشاط المحلي (سيني مدينة على سبيل المثال) والتي تتطلب مقاربة محلية أكثر (الإذاعات المحلية، مراسلي الصحف...).
ويتم استخدام مجموع وسائل الاتصال والإعلام، من الوسائل التقليدية (البيان الصحفي، الندوة الصحفية، الإعلان في الهواء الطلق، الومضات التلفزيونية، الخ) إلى الوسائل التي تدعى بـ»الحديثة» مثل الشبكات الاجتماعية، وقنوات الفيديو على شبكة الإنترنت (يوتيوب). ونكيّف وسائل الاتصال المستعملة اعتمادا على الحجم والتأثير المطلوبين والمرجوّين. ومع ذلك، لا تزال الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية وسيلة فعالة للترويج لأنشطتنا.
في رأيك.. هل الحدث الثقافي هو الذي يفرض نفسه على الإعلام؟ أم أن الإعلام هو الذي يجب عليه أن يصنع الحدث الثقافي؟
(هذا سؤال جيد).. أعتقد أن الاثنين يسيران جنبا إلى جنب. سأشرح وجهة نظري هذه، لدينا في بعض الأحيان أحداث ثقافية تثير الاهتمام العام ومهنيي الإعلام، من حيث أصالتها أو محتواها (على سبيل المثال حفل ماجدة الرومي الأخير). وفي حالات أخرى، فإن وسائل الإعلام نفسها هي التي تصنع الحدث وتجعله «رائجا». دور الصحافة / وسائل الإعلام ضروري في إبراز الأحداث ذات البعد المحدود، والهامة في المجالات الاجتماعية والثقافية (والاقتصادية)، لأنها تجمع الجمهور حولها، وتشجعه وتدعوه إلى اكتشاف هذا العمل / النشاط الثقافي.
كيف ترى وضع الإعلام الثقافي بالجزائر؟ وكذا علاقة المؤسسات الثقافية بالإعلام؟
نظرا لخصائصه وتخصصاته، ما يزال العمل الثقافي متراجعا من حيث التغطية الإعلامية لها. صحيح أن الروبورتاجات والأقسام / البرامج الثقافية آخذة في الازدياد، ولكن مع ذلك، يتطلب الأمر تجزئة وتخصصا في مختلف المقاربات الصحفية. نحن نفتقر إلى المجلات المتخصصة في الفنون التشكيلية أو السينما (على شاكلة المجلات الدولية)، أعتقد أننا يجب أن ندخل في معاهد الصحافة تخصصات وتكوينات فنية مكمّلة ليكون لدينا نقاد أو صحفيون متخصصون.
أما من حيث العلاقة مع الصحافة، فهي علاقة مهنية، بمعنى أن علينا إبلاغ الصحفيين والإبقاء عليهم مطلعين على المعلومة في أفضل الأوقات، ومنحهم كافة المعطيات اللازمة للقيام بعملهم. ونبقى في الإصغاء ومتابعة ردود الفعل المختلفة من الصحافة حول تظاهراتنا، سواء كان نقدا إيجابيا أو سلبيا.
باختصار، ما هو جديد الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي؟
بالنسبة لشهر ماي الجاري، فقد برمجنا لقاءً حول الآداب والفنون الأفريقية، ويتعلق الأمر بندوة دولية ستحتضنها المكتبة الوطنية أيام 14 و 15 و 16 من هذا الشهر. كما أننا نحضر عرض أول فيلم طويل من نوع الرسوم المتحركة تحت عنوان «حكايات من افريقيا» لجيلالي بسكري، وهو إنتاج مشترك مع الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي.