عرج الإعلامي والكاتب مهدي ضربان في حديثه عن الفعل الثقافي والإعلامي، أين عاد إلى صباح يوم من يوميات التسعينيات ...وفي أوج العشرية السوداء، أين كان يجلس إلى الروائي الطاهر وطار في مقر الجاحظية أو كما يحلو له في وكره الثقافي جاء صحفي من التلفزيون يريد رأي الروائي في موضوع شغل الساحة وقتها...قال لي عمي الطاهر وطار ...وهل في الساحة غير عمك الطاهر ...؟؟ قلت له: بالعكس أنت لرؤاك معنى يؤسس لمعايير ثقافية جادة... قال لي: يا أخي الساحة فيها الكثيرين قلت له: لكن الكل هرب التصريح أصبح مسؤولية بحد ذاتها في زمن الموت ..قال لي: يا مهدي ..خليك ...هو ما يروحو يربو الغنم المعز وإنا ندلي للصحف....؟؟؟ هنا وعبر ومضة الروائي الطاهر وطار نغوص في هذا المعنى عبر معرفة من يصنع فعلا الحدث الثقافي عندنا؟؟ وعند هذه النقطة نستعيد جيدا الحاصل في الثقافي وكيف يرسم ماهيته ضمن مسار حراك المجتمع عندنا حيث تركن الثقافة في مؤخرة ركب المعنى لا ترسم وهجها ولا تستعيد بريقا كان لابد من أن يختمر في الساحة.....هي إذن عزوف عام عن ترسيم الثقافي في فضاء المجتمع.. هي هروب كلي من أن نهندس للثقافي داخل المجتمع. بل لا نستطيع أن نؤسس لفعل ثقافي يدخل في خانة الرأي العام وكذا الموقف الذي يتواتر هنا وهناك يصنع الحدث الثقافي الواعد ...حتى الملتقيات الثقافية ذهب بريقها وترملت هي الأخرى.. أين هي الطبعات ثقافية في الجلفة وفي بسكرة وفي أم البواقي وفي عنابة وفي قسنطينة وسيدي بلعباس .. وأين هي الملاحق الثقافية في يومياتنا مثل: الشعب الثقافي والخبر الثقافي والشروق الثقافي..أين هي مجلات ثقافية مثل التبين والقصيدة وألوان وآمال وهمزة وصل ..أسعد عندما أرى ملفا ثقافيا في يومية ما ..مثلما تفعله الشعب اليوم..وأسعد يوما إن وجدت موضوعا أو حدثا وأو تغطية في يومية إلا أكلها الإشهار ومواعيد القطار ... وأكون تعيسا دائما لما أعاين مضمون قنوات لنا في السمعي البصري لا تلتفت للثقافي ولا تؤسس لمنهجية...أختم رؤيتي بما قاله يوما واستن تشرشل رئيس الوزراء البريطاني في الأربعينيات: «بإمكان بريطانيا التفريط في كل مستعمراتها ولكن لا يمكن لها التفريط في شكسبير وأدبه» ...غوبلز وزير الثقافة في عهد النازية قال: «عندما أسمع كلمة ثقافة أتحسس مسدسي»...كلمات خالدة تصنع ترسم لنا مدلول معاني الثقافة الحقيقية.