اعتبر الفنان عبد الحميد رابية، في حديث لـ»الشعب»، أن وسائل الإعلام الجزائرية السمعي البصري والمكتوب منها، لا تعمل على الترويج للثقافة الجزائرية كما ينبغي، مشيرا إلى أن هناك غيابا شبه كلي للتغطية الإعلامية للفعل الثقافي سواء بالنسبة للمهرجانات أو النشاطات اليومية.
وقال عبد الحميد رابية أن أكثر من 80 عنوان من يوميات ومجلات، أغلبها لا تحصي صفحات للنشاط الثقافي في الجزائر إلا القليل منها، متحدثا أيضا عن غياب النقد البناء، وذلك ـ حسبه ـ يعود لغياب المنتوج في مختلف الميادين الفنية من السينما والمسرح الذي أصبح يعتمد على المونولوغ والسكاتشات.
أما عن السمعي البصري، قال عبد الحميد رابية إنه خلال سنوات الستينيات والسبعينيات، كان هناك اهتمام كبير بمختلف النشاطات الثقافية، حيث أن إنتاج أي مسرحية يتطلب تسجيلها في التلفزيون الجزائري وعرضها على المشاهد لتكون فرصة للتعريف والتعرف على الإنتاج الجزائري، مؤكدا بأن هذا الأمر لم يعد معمولا به اليوم في التلفزيون الجزائري وأصبح المسرح غائبا تماما عن قنواتنا الوطنية.
وأشار رابية إلى أنهم كانوا جد مسرورين بفتح مجال السمعي البصري، إلا أنها بدورها أصبحت تقدم أي شيء إلا الثقافة التي تعد ثانوية وضمن آخر اهتمامات رجال الاعلام، حتى أن الفنان في الجزائر يعاني التهميش والتقهقر، مؤكدا بأن الحدث الثقافي هو من يصنع نفسه في الجزائر وبالأخص إذا كان ناجحا، وليس الاعلام من يصنعه والذي يعتبر مجرد ناقل فقط للأحداث الحاصلة.
وعرج الفنان المسرحي عبد الحميد رابية للحديث عن المشهد الثقافي في الجزائر، مشيرا إلى أنه لا ينبئ بالخير، مؤكدا بأن الوضعية يرثى لها على مستوى المسرح والسينما، حيث أن الإنتاج قليل والمضمون لا يستجيب ولا يعكس لما يحدث في المجتمع الجزائري، وقال في سياق حديثه إن الجزائر تمتلك مسارح جهوية في أغلب الولايات، إلا أنها فارغة من التركيبة الفنية، ومناصبها شاغرة من المدراء وهو ما يؤدي إلى غياب التسيير المحكم للفن الرابع في الجزائر، كما تحدث رابية عن الفن السابع مشيرا إلى أنه بدوره يعاني بسبب غياب الإنتاج والتوزيع بالدرجة الأولى.
وأضاف بأن السينما الجزائرية أصبحت تعتمد على الإنتاج المشترك، الذي لا يتماشى مع الواقع الجزائري، حيث أن الطرف الثاني هو من يقوم بالتمويل، وبالتالي لا يقدم عملا فنيا يخدم الهوية الجزائرية والقيم الوطنية، وبذلك هو غير موجه لجمهورنا، مؤكدا بأنه لا يوجد إنتاج في الجزائر، والأفلام القصيرة التي يتم تكريمها خارج الوطن ذات إنتاج مشترك وليست جزائرية مائة في المائة.
رابية أكد أيضا بأنهم يتيمنون خيرا من وزير الثقافة الحالي الذي يسعى للنهوض بالثقافة في الجزائر، منذ وجوده على رأس القطاع، إلا أنه تأسف لتقليص ميزانية الثقافة، مشيرا إلى أن المردود القليل يعيق الإنتاج.
وأكد عبد الحميد رابية على أنه من المستحيل القيام بصحوة ثقافية، في ظل غياب سياسة إستراتيجية واضحة للنهوض بهذا القطاع، متسائلا عن سبب غياب القاعات من البرمجة، وهو ما جعل الجمهور يهجر قاعات السينما، وطالب رابية بضرورة فتح المجال للطاقات الشبابية، والتي يجب تغذيتها وتكوينها لمواجهة الانحطاط الذي يعرفه الإنتاج الجزائري، داعيا الإعلام بمختلف توجهاته إلى ضرورة الاهتمام أكثر بمختلف النشاطات الثقافية والفنية التي تشهدها الجزائر على مدار السنة.