يوضح الصحفي والشاعر إبراهيم قرصاص صاحب التجربة الطويلة في ميدان الإعلام الثقافي، بأن الحالة الطبيعية التي بدأنا نفقدها مع فوضى التنظيم، هي أنّ النّخبة هي صانعة الفعل الثقافي في كلّ فضاء، أنظر مثلا الفعل الثقافي في مجتمعات دول أوروبا وأمريكا الجنوبية والشمالية، حيث الفعل هو نتاج مجهود صناعة الحدث.
هذا الحدث الذي لا يأتي من فراغ وحيث أنّ النخبة هناك لديها مشروع ثقافي وأهداف ثقافية إستراتيجية، سيقول قائل (لا مجال للمقارنة) وهذا يحيلنا إلى الحديث عن نوعية النخبة الثقافية التي تصنع الحدث، هنا في الجزائر تراجعت النخبة التي نشأت على منابر الإعلام الثقافي خلال سنوات الثمانينيات، حيث كانت الصحافة المكتوبة تضع الثقافة ضمن إستراتيجية الفعل الثقافي العام في البلاد، قبل أن تتراجع إلى مجرّد صفحات أخبار ثقافية، أغلبها لا تحمل مضامين قويّة، باستثناء بعض الطفرات وذلك راجع إلى تراجع مستوى الرؤيا الثقافية في الجزائر حتى اقترنت بأبعاد تجارية وإشهارية، أغلبها يحمل أهداف «الإعلام العام» وليست أهداف «الإعلام الثقافي» الذي يحمل أفكار وتطلعات ومشاريع ثقافية كبرى.
أرى أنّ الفعل الثقافي يتراجع كلّما تراجع مستوى ممثّليه، لاحظ معي أنّ النّخبة في الوقت الراهن تخلّت عن قناعاتها الحضارية والوطنية وأصبحت للأسف الشديد «نخبة عادية» لا تختلف عن «النّخب الأخرى» تبحث عن مكاسب آنية زائلة لا تقدّم إضافة في المشهد الثقافي الحضاري الجزائري العام وبالتالي سيبقى الحديث عن الإعلام الثقافي في بلادنا مرتبط بجوهر الحديث عن نوعية «النخبة» التي تصنع الحدث، هذا هو السؤال؟