الأستاذ الجامعي الشاعر علاوة كوسة «سطيف»

الاحتكاك والتنوع الأجيالي استحسان وتقليد ميزا الطبعة

 مكسب للثقافة والجزائريين جميعا

إن الأمم المتقدمة الراقية هي تلك الأمم التي تراهن على الثقافة والمثقفين في رسم خارطة طريق للمستقبل الزاهر الذي يجمع أطياف المجتمع في رسم لوحة ثقافية أخاذة، وأنه لمن دواعي الفخر والاعتزاز ما بادرت به نقابة الناشرين الجزائريين وما سمي بتظاهرة الربيع الثقافي الجزائري، حيث تمّ التأسيس لتقاليد ثقافية بهيجة وعميقة وهادفة تعكس وعي الجزائريين بالربيع وما تزهر فيه العقول وتتألق فيه الأفكار وتنمو فيه الرؤى البناءة التي تزيد الشعب الجزائري تماسكا وتآخيا ووحدة في وجه رياح التغريب والهدم.
وبوصفي أحد المشاركين في هذه التظاهرة، فقد وقفت على ملاحظات عديدة بارزة ميزت أشغال التظاهرة وفعالياتها الكثيرة المتناسقة والمرتكزة على أهداف مدروسة بدقة ووعي تحقق جلها في انسجام كبير بين المنظمين والضيوف في تكاثف يراهن على إنجاح التظاهرة والتمتع بربع ثقافي يعد سبقا ثقافيا وفتحا فكريا يحسب مفخرة للجزائر والجزائريين ومكسبا للمثقفين الجزائريين والعرب أيضا مادامت التظاهرة قد انفتحت على أسماء أدبية وقامات شعرية عربية كثيرة وهامة. أما الملاحظة الأولى فتتمثل في الحضور النوعي للمشاركين،
ولأول مرة شهدنا حضورا نوعيا لنخبة من الأدباء والمفكرين الذين تزخر بهم الساحة الجزائرية، واستطاع المنظمون أن يجمعوا أسماء لها وزنها في الساحة الثقافية ومن مختلف الأطياف والحساسيات الفكرية والفنية أيضا وبتوزيع جميل على مختلف الأجيال الأدبية الجزائرية وهو ما من شأنه خلق نوع من الاحتكاك الجميل والهادف والنافع لجيل الشباب، وخلق هذا الاحتكاك والتنوع الأجيالي استحسان الكثيرين الذين راحوا يكتشفون تجارب جديدة مشجعة وهذه فضيلة تحسب للجهات المنظمة التي أحسنت الاختيار والتوزيع الأجيالي لأدباء من مختلف ربوع الوطن الحبيب. الملاحظة الثانية تتعلق بتنويع النشاطات، على غير عادة كثير من التظاهرات السائدة التي تتميز بكثير من النمطية، فلقد تفردت تظاهرة الربيع الثقافي الجزائري بالجمع بين الأدب والفلسفة والنقد والفن، وهذا وعي جميل من المنظمين بأن الفنون كلها تساير بعضها بتواز وتناسق.
وقد ترك هذا التنويع أثرا جميلا بالغا لدى الحضور من الجزائريين والضيوف العرب، فلم يشعروا بملل ما أو تشابه وتكرار في النشاطات، فقد عشنا أجزاء متجدّدة بين الشعر والنقد والفلسفة والفن مع حضور لافت وجميل لقامات أدبية وفكرية. أما ملاحظتي الثالثة فتتعلق بالاهتمام البالغ للجهات المنظمة بالمدعوين،والرعاية الشديدة بهم من كل الجوانب، وهو ما زاد من حميميات التظاهرة وجعل كل الضيوف والمدعوين يلتفون حول هذا المكسب من أجل المساهمة في إنجاح هذا الحدث الثقافي الوطني الهام.
في الأخير لدي اقتراح واحد وهام جدا - بوصفي أديبا وأكاديميا - وهو أن تخصص في الطبعة القادمة ورشة أو ندوة للقصة القصيرة، بوصفها جنسا أدبيا هاما وطال تغييبه في كثير التظاهرات السابقة، وهذا ما من شأنه أن يزيد الربيع الثقافي الجزائري تنوعا أجمل وشمولية في النشاطات، خاصة أن في الجزائر كتابا ممتازين للقصة القصيرة ونقادا متخصصين في هذا المجال.
ويشرفني تأطير هذه الورشة أو المساهمة في صياغة أشغالها لأنها مجال بحثي الأكاديمي في مرحلة الدكتوراه.  ختاما، فإن الربيع الثقافي تظاهرة متفرّدة متميزة ناجحة جدا علينا جميع الالتفاف حولها وعلى الدوائر الرسمية ممثلة في وزارة الثقافة رعايتها لأنها مكسب للجزائر والجزائريين جميعا.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024