لا يختلف إثنان على أن إحياء اليوم العالمي للمرأة مقترن بالحفلات التي يقدمها الفنان يزيد في هذه المناسبة. وهذه السنة أيضا، سيكون يزيد حاضرا ليقاسم المرأة الجزائرية عيدها، حيث يضرب لجمهوره موعدا يوم غد الثلاثاء بتيزي وزو. ولكن هذا الحفل الرقم 20 لن يكون كسابقيه، لأن يزيد سيوقّع به اعتزاله تقديم أغاني «الكبار» نهائيا، ليتفرغ كليّا لأغنية الطفل.. هذا القرار وغيره مضمون الحوار الذي أجرته «الشعب» مع يزيد..
«الشعب»: قررت أن يكون الحفل الذي ستقدمه بتيزي وزو آخر حفل تشارك فيه المرأة فرحتها.. لماذا هذا القرار؟
الفنان يزيد: لاحظت أن الأطفال بدأوا يتخذونني قدوة ومثلاً، وأرى نفسي اليوم بمثابة المربي.. وكنت دائما أؤمن بأن على الطفل أن يعيش مراحل طفولته، لذا فكّرت بأن هؤلاء الأطفال قد تستهويهم أغاني «عمو يزيد»، وأنا أفضل أن تتماشى الأغاني التي يستمعون إليها مع سنّهم. على هذا الأساس، قررت الانقطاع تماما عن الغناء للكبار والتفرّغ بصفة كاملة لأغنية الطفل.
أما عن اختياري مدينة تيزي وزو لتحتضن هذا الحفل 20 والأخير، فهي محاولة مني أن أوجّه، على لسان المرأة القبائلية، تحية إكبار لكفاح المرأة الجزائرية بصفة عامة، ولكفاح المرأة في منطقة القبائل على وجه الخصوص.
أود التذكير فقط بأنني أغني للمرأة بالمجان منذ 20 سنة، حيث كانت الحفلة الأولى التي قدّمها في الثامن مارس سنة 1997، تهدف إلى تكريم المرأة الجزائرية التي بقيت في بلدها، رغم الوضع الأمني المتردّي آنذاك، خاصة وأن المرأة كانت هي الضحية الأولى خلال العشرية السوداء، وطالها التهديد بمختلف أشكاله. أنا لا أغني فقط من أجل الإمتاع والترفيه، بل أسعى إلى توجيه رسالة بمرافقة المرأة لتحس بأنها مكرمة بما يكفي.
هل هذا يعني أنك ستتوقف عن إحياء الثامن مارس داخل الوطن فقط، أم حتى خارج الوطن، خاصة وأن عروضا كثيرة تصلك لإحياء حفلات في المهجر؟
قررت التوقف عن إحياء حفلات 8 مارس الموجهة للكبار في داخل الوطن وخارجه، أقول جيدا إن الأمر يتعلق بالحفلات الموجهة للكبار..
منذ قرابة العشرين سنة وأنت تواظب على إقامة حفلات الثامن مارس تكريما للمرأة الجزائرية ونضالها، وما يجهله العديد هو أنك تقيم هذه الحفلات تطوعا وبالمجان.. ولكن بعض الفنانين، حتى لا نقول أغلبهم، جعلوا من هذه المناسبة فرصة للربح المادي.. ما رأيك في هذه الرؤية؟
أنا من الفنانين الذين لديهم قناعة تامة بأن الفنان لابد أن تكون لديه رسالة، ولابد أن يكون نافعا لمجتمعه. وكما نعلم فإن الفنان هو مواطن قبل كل شيء، عليه واجبات وحقوق ومن واجبه تقديم رسالة، خاصة أن الفنان الذي له مصداقية وصدى يجب أن يكرّسها في خدمة المجتمع.
قد يركز الجمهور على حفلات يزيد المخصصة للمرأة، لكنه يجهل أو يتناسى ما يقدمه للطفل والفئات المحرومة. هلّا حدثتنا عن هذا الجانب في نشاطك الفني؟
ليست المرة الأولى التي أهتم فيها بهذه الشريحة من المجتمع، فقد سبق وأن قمت بحفلات لفائدة الطفولة المسعفة التي عانت كثيرا من ويلات الإرهاب، ونشاطي مع الطفل بدأته سنة 1998 بجولة وطنية لفائدة الطفل المحروم، ومن ثمة حاولت من خلال حفلاتي الاجتهاد في تقديم رسالة تضامن وبعض المرات رسالة تربوية، لأن الأجيال تربّى باجتهاد الجميع سواء فنانين أو أولياء أو مدرسين أو رجال إعلام، طبعا بالتعاون مع العائلة والمدرسة. لطالما آمنت بأن تربية الأجيال لا تقتصر على العائلة الصغيرة فقط، بل هي مهمّة كل المجتمع بمَن في ذلك الفنان.
وعلى هذا الأساس، واظبت على إحياء حفلات بمناسبة عيد الطفولة الموافق لـ01 جوان، وحرصت على إصدار ألبومات موجهة للأطفال مثل ألبوم «ماما» وألبوم «مدرستي»، وكذا ألبوم «بيتنا»، وأعمل باستمرار على تنشيط حفلات تضامنية للأطفال.
وأغتنم هذه الفرصة لأوجه الدعوة للجمهور العريض لكي يحضر بقوة الحفل الذي أحييه للأطفال هذا الجمعة، 11 مارس الجاري برياض الفتح، بمناسبة اليوم الوطني لذوي الاحتياجات الخاصة. وسيكون الحفل مسبوقا بفحص مجاني للأطفال يقوم به أطباء عيون متطوعون، حيث نرفع في الحفل شعار: «أرى أفضل لأدرس أحسن».
هذا يحيلنا إلى الحديث عن دور الفنان في المجتمع: هل يمكن للفنان أن يكتفي بالتنشيط الثقافي، أم يجدر به الاضطلاع بدور إيجابي وفعال في المجتمع؟
الفنان بصفة عامة مسؤول: أمام الله وأمام المجتمع، عن الرسالة التي يقدمها، فلابد أن يكون نافعا لمجتمعه وخاصة أن يكون قريبا من الواقع الاجتماعي لجمهوره.
ألا يتطلب أداء هذا الدور الإيجابي قدرا أدنى من التنظيم، سواء في إطار جمعوي أو نقابي من شأنه أن يحسن وضع الفنان من جهة، ويمكنه من التأثير في محيطه من جهة أخرى؟
أولا وقبل كل شيء لابد أن يكون للفنان قدر أدنى من الثقافة والتعلم، لأن هذا الفنان هو واجهة مجتمعه ووطنه، ويبقى الإطار المنظم هو خير وسيلة للوصول إلى مستوى فني مقبول. وهذا الإطار المنظم يسمح للفنان أن ينشط في واقع آمن ومريح، لأن الجو المريح يمكّن الفنان من الإبداع ويسهّل عليه المهمة.
كيف يرى يزيد واقع ومستقبل الفنان الجزائري خصوصا، والعربي عموما؟
أرى أن مستقبل الفنان الجزائري أو العربي بصفة عامة متوقف على المواضيع التي يعالجها، ومدى قربه من الواقع الاجتماعي ومن انشغالات الجمهور، ومشاركته في بناء وطنه، ومدى مساهمته وتكريس فنه لتمرير الرسائل النبيلة.
كلمة أخيرة للمرأة في عيدها؟
أغتنم هذه الفرصة لأقول للمرأة الجزائرية شكرا على كفاحكِ ونضالكِ، لأن دور المرأة الجزائرية في المجتمع هو، دون شك كبير، قيمة ثابتة عبر الأزمان، إذ أن المرأة الجزائرية كانت دائما سبّاقة في المطالبة بحقوقها وفي كفاحها إلى جانب الرجل، لتحصل على مكانة مرموقة إنْ على الصعيد العربي أو العالمي، فشكرا سيدتي على كل شيء.