محاولة الحفاظ عليها تسير بخطى حلزونية
ألهمت منذ القدم مخيلة الكثير من الكتاب، كما أوحت للأخرين العديد من السيناريوهات التي أثمرت بدورها أفلاما رائعة، كمعركة الجزائر، أطفال نوفمبر، كما كانت مسرحا لتصوير العديد من المسلسلات التلفزيونية كمسلسل الحريق، وغيرها، وأثارت فضول العديد من الباحثين في مجال الآثار والتاريخ وعلم الاجتماع وغيرها من المجالات، في محاولة من أصحابها لتخليد ولو جزء صغير من هذا الكنز الحضاري المعماري، والثقافي والتاريخي المادي واللامادي الذي يكون ذاكرة وهوية الشعب الجزائري.
إنها القصبة التي وإن صنفت معلما إنسانيا من قبل اليونيسكو سنة 1992، وأنشأت لها مؤسسة للحفاظ عليها وإعادة ترميم ما تبقى منها، وكرست لها دراسات معمارية وتقنية، ووظفت لها أموال طائلة لحماية تراثها المادي واللامادي من الزوال والنسيان، فمازال والأسف الكثير من بناياتها وأثارها التاريخية التي تعود إلى قرون خلت آيلة إلى السقوط.
وقد ساهم عزوف العديد من أصحاب البنايات العتيقة عن ترميمها بسبب مشاكل ونزاعات خاصة بالميراث، تاركين إياها بكل ما تحمله من ذكريات جميلة ومعمار متميز عرضة للتآكل والسقوط، ناهيك عن ترحيل الكثير من سكانها في إطار عملية القضاء على المساكن الهشة، الأمر الذي أدى إلى إبعاد جزء من الذاكرة الشعبية.
تسير اليوم عملية الترميم والحفاظ على هذا الجزء الهام من تاريخ العاصمة، للأسف بوتيرة حلزونية، ليكتفي جميع من يهمه الأمر بإحياء كل سنة اليوم الوطني للقصبة المصادف لـ٢٣ فيفري، بتسطير برنامج مناسباتي يحكي عن القصبة زمان، يستذكر بعضا من عاداتها وتقاليدها التي افتقد الكثير منها مع رحيل شيوخ وعجائز القصبة، إلى جانب برمجة بعض الزيارات المحددة المسار، تقود الزوار إلى بيت «خداوج العمية»، المكان التاريخي أين استشهد أبطال ثورة التحرير «علي لابوانت» و»حسيبة بن بوعلي» و»عمر ياسف الصغير»، وضريح سيدي عبد الرحمان الثعالبي في محاولة لتذكير الجيل الصاعد بماضي هذا الحي العتيق الذي شكل لقرون عدة قلب الجزائر العاصمة النابض.