علاقة تجوبها عدة تساؤلات.. ثقة أم أزمة أخلاق؟

الطبع الورقي يوشك على نهايته وسيقضي على القليل من المكتبات

قالمة: أمال مرابطي

غياب الكتاب في منافذ البيع وعزوف المؤسسات عن شراءه يثير الأسئلة

أوضح الأستاذ حوسيني  طاهر في حديثه لـ “الشعب” أن النشر من الصناعات الثقافية،فهي تتعامل مع الجانب الروحي للإنسان بدءاً بمادة الخام والانتهاء بتأثيرها عند الاستهلاك، والمؤلف حين يقدح فكره إبداعاً وبحثاً وتأليفاً وتعبيراً عن أحاسيس ومشاعر وأمانٍي ويصل إلى صياغة إبداعية لأفكاره، لا يشبعه شيء أكثر من انتشار هذه الأفكار بين أكبر عدد ممكن من الناس يقدمها إلى ناشر يحولها إلى منتوج ملموس هو الكتاب يتم تداوله ويصل إلى القارئ فيؤثر فيه معرفة أو تكويناً لشخصيته، وينجم عن هذا التأثير تفاعل ثقافي واجتماعي وحضاري.
وقال يتم دراسة المخطوط المقدم من المؤلف من قبل دار النشر، ونادرا ما يقوم بالدراسة لجان متخصصة توصي بالنشر أو عدمه وفق مجموعة معايير تختلف من دار نشر إلى أخرى، إذا تمّ القبول، تبدأ المفاوضات والمفروض أن تنتهي بعقد نشر واضح يحدد فيه التزامات الطرفين وحقوقهما وواجباتهما بنصوص خالية من اللبس يتنازل فيه المؤلف عن حق الاستغلال المادي مقابل مبلغ نسبة  الحد الأدنى 10%من سعر البيع، ويظل الحق الأدبي أو المعنوي للمؤلف إذ لا يجوز التنازل عنه، وتفصل قوانين حق المؤلف الدولية والعربية هذه الحقوق.
إذا لم يتم توقيع عقد واضح، إذ غالباً ما يجهل الكثيرون من أطراف العقود القوانين أن الكثير من الناشرين ومعظم المؤلفين لا يحصلون على استشارات قانونية، وغالباً ما تكون العقود عامة تخلو من التفاصيل، وهنا تصبح العلاقة بين الكاتب ودار النشر قائمة في معظم الأحيان على كيل الاتهامات لاعتقاد كل طرف بأنه السبب في خسارة الطرف الآخر. وتبدأ المشاكل والاتهامات المتبادلة. ولتوضيح اللبس في العلاقة لا بد من التوقف عند ما يصبو إليه المؤلف، وماذا يريد الناشر. يسعى المؤلف إلى الحصول على تقدير معنوي وأدبي واهتمام بإنتاجه وانتشارا واسعاً وسمعة أدبية أو مهنية، إضافة إلى الحصول على حقوقه المادية وفق ما ينص عليه العقد إن وجد.
ومن جانب آخر، ومن ناحية الناشرين أوضح أن هناك فئتين الناشر صاحب الرسالة، فإنه يريد أن ينتج كتباً ذات قيمة وقابلة للتسويق وأن يستعيد أمواله التي يستثمرها ويحقق ربحاً مادياً والتوسع في استثماره،  الناشر التاجر الذي يقتصر اهتمامه على الجانب الربحي، فإن ما يهمه هو فقط أن يحقق ربحاً، هذا النوع يهضم حقوق المؤلف، إلا أن المشرع الجزائري سعى إلى وضع قواعد قانونية تهدف أساسا إلى حماية حقوق المؤلف من الاستغلال الممارس من طرف دور النشر المتعاقد معه (الأمر رقم 03-05 مؤرخ في 19 جمادى الأولى عام 1424 الموافق 19 يوليو عام 2003، يتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة).
 وتتجسد هذه الحماية في تنظيم عقود استغلال الحق المادي للمؤلف وعلى وجه الخصوص عقد النشر عن طريق وضع عدد جد مهم من القواعد القانونية التي لم يترك فيها مجالا للأطراف المتعاقدة أن يتفقوا على مخالفتها، فهي من النظام العام.
يترتب على هذا التعاقد نتائج قانونية هامة، حيث يتمتع كل من المؤلف والناشر بمجموعة من الحقوق وفي المقابل تترتب مجموعة من الالتزامات ولتجسيد حماية فعالة لحقوق المؤلف رتب قانون الملكية الأدبية والفنية الجزائري نتيجة الإخلال في ذمة الناشر مسؤولية مدنية عن طريق إلزامه بدفع التعويضات للمؤلف، وإذا مسّت الحقوق المعنوية أو المالية في هذه الحالة حمّله المشرع المسؤولية الجزائية.
ومن المصاعب التي تواجه الناشر والمؤلف والتي تسبّب المشاكل والتهم المتبادلة بين الطرفين في أغلب الحالات والتي تودي إلى عدم حصول المؤلف على حقوقه ذكر ذات المتحدث، هو التسويق، حيث يحتاج الكتاب ككل منتج آخر إلى التسويق والعرض في أماكن البيع للوصول إلى القارئ، وفي حالة الكتاب فإن المتلقي يكون فرداً يرتاد مكتبات أو معارض الكتب، أو مكتبة عامة أو مؤسسة تعليمية، وتكمن الصعوبة دائماً في أن عدد مكتبات البيع قليلة جداً - تحولت معظمها إلى مطاعم سريعة، وتكتفي الموجودة باستيراد وعرض الكتب التي تضمن لها دخلاً جيدا وسريعا، وترفض عرض كتب مهمّة.
ينعكس ذلك على العلاقة بين الناشر والمؤلف معنويا، حيث يطوف المؤلف على المكتبات فلا يجد كتابه معروضاً فيشعر بالإحباط فيتهم الناشر بأنه لا يقوم بواجبه، كما أن عدم عرض الكتاب في منافذ البيع وعدم شراء المؤسسات تنعكس سلباً على حركة بيع الكتاب وبالتالي عن العوائد المالية للناشر والمؤلف، ويستشيط المؤلف غضباً عندما يحصل على حقوقه عن النسخ المباعة في نهاية العام وتكون قليلة جداً، ولا يستطيع الناشر أبداً أن يقنع بعض المؤلفين بحقيقة الأمر. كما اعتبر ذات المتحدث، القرصنة والتزوير والتصوير آفة المجتمعات، وأشكالها مختلفة وانعكاسها على العلاقة بين الناشر والمؤلف نتيجة تدني عوائد بيع الكتب الأصلية.
وقال، إن ضعف حركة النشر وضعف عوائد الناشر المادية وتدني الحقوق المدفوعة للمؤلف. اللّهم إلا الكتب التي ترسل إلى وزارة الثقافة لتتكفل بنشرها (صندوق دعم الإبداع) لكن العملية تستغرق وقتا كبيرا والتعويض قد يستغرق أكثر من سنة، ويشوب العملية كثيرا من المحاباة
وأبرز الأستاذ طاهر أهمية ظهور ما يسمى بالنشر الالكتروني، قائلا، ومع التقدم التكنولوجي لا شك أن نهاية الطبع الورقي يوشك على نهايته وبالتالي سيقضي على القليل من المكتبات التي تقاوم من اجل البقاء.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024