كثيرة هي الأحداث الثقافية التي طبعت سنة 2015، التي لم يتبق على رحيلها سوى أيام.. وكعادته، كان المشهد الثقافي الجزائرية نشيطا، إما في طابعه الرسمي أو من خلال مبادرات جمعوية وفردية. عرفت السنة المنقضية تغيرات كثيرة على المستوى المؤسساتي للقطاع، كما شهدت تظاهرات منها المستحدث ومنها ما يواصل الثبات على نفس المستوى.. ويبقى الغائب الأكبر هو إسهام القطاع الاقتصادي في المجهود الثقافي سعيا وراء نجاعة أكبر..
وعلى سبيل الذكر لا الحصر، نعرّج على عدد من الأحداث التي ميزت ثقافة الجزائر هذه السنة.
تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية
رغم العثرات التي عرفها انطلاق التظاهرة، ثم عزوف الجمهور في فصل الصيف وهو “أمر طبيعي بالنسبة لمدينة داخلية” حسب المنظمين، إلا أن “قسنطينة عاصمة الثقافة العربية” تركت أثرها كمتنفس للثقافة العربية عموما. وعلى سبيل المثال، فقد سجل امتلاء المسرح الجهوي في أكثر من مناسبة، في ديناميكية ذات وتيرة متصاعدة. وبلغة بالأرقام، احتضنت قسنطينة 111 عرضا منذ 16 أفريل إلى غاية سبتمبر الفارط، وعرض 18 إنتاجا مسرحيا من بين 47 عملا مبرمجا في الفترة ما بين 23 أفريل 2015 و16 أفريل 2016.
صالون الجزائر الدولي للكتاب يحافظ على الصدارة
كان صالون الجزائر الدولي للكتاب كالعادة أهم التظاهرات الثقافية التي ميزت سنة 2015، وقد اختلفت الطبعة العشرون عن سابقاتها في أمرين: الأول الأرقام القياسية التي حطمها الصالون، خاصة تلك المتعلقة بعدد زواره الذين فاقوا المليون ونصف المليون زائر (تم تسجيل أيام ذروة مثل الفاتح نوفمبر الذي شهد 320 ألف زائر، والجمعة 6 نوفمبر بـ423 ألف زائر).. والثاني الرقابة الشديدة التي فرضت على المشاركين والعارضين، حيث تم وضع المعرض تحت سلطة رجال الجمارك، وتمت مراقبة الكتب التي بيعت ومعاقبة كل من يشتبه في بيعها بالجملة، هذا الأمر لم يمنع من تسجيل تجاوزات على هذا الصعيد، ولكنها تبقى خطوة أولى في الاتجاه الصحيح.
وحضر بالصالون 30 ألف عنوان، ممثلة لعارضين بلغ عددهم 910، ممثلين لـ53 بلدا من أربع قارات، كما تمّ تسجيل اعتماد تنظيم جديد للنشاطات الثقافية التي تضمنها المعرض، بتقسيمها تقسيما موضوعاتيا. وكان التركيز على الناشئة كبيرا، حيث زار 25 ألف تلميذ المعرض بعد الزيارات المنظمة بالتنسيق مع وزارة التربية، ضمن اتفاقية الشراكة الموقعة بين وزارتي التربية والثقافة في 9 مارس 2015. وعرفت الطبعة العشرون 175 مشاركا تمت دعوتهم، منهم 54 بالمائة جزائريين من كافة مناطق الوطن.
جائزة آسيا جبار تجمع شمل الروائيين الجزائريين
كانت سنة 2015 حاضنة لطبعة أولى “مؤسسة” لأول جائزة جزائرية خالصة للرواية، أريد أن تحمل اسم الروائية المرشحة في أكثر من مرة لجائزة نوبل، والمتوفاة في ذات السنة. وكان وزير الاتصال حميد قرين، في سهرة تسليم الجائزة يوم 3 نوفمبر الفارط، قد صرّح بأن هذا الاختيار يحمل دلالات، من بينها العرفان للمرأة الجزائرية بما قدمت في مختلف المجالات، بما فيها الأدب والإبداع.
خارطة المهرجانات.. تجديد للسياسة الثقافية أم ضرورة اقتصادية؟
عرفت هذه السنة الإعلان عن خارطة جديدة للمهرجانات الثقافية، ولن تبقى حسب وزير القطاع سوى المهرجانات التي أثبتت نجاعتها ونجاحها. فيما ستنظم مهرجانات أخرى مرتين كل سنتين، وسيتم إدماج أخرى في مهرجانات تحمل نفس المجال الموضوعاتي. ونصت ملامح هذه الخارطة الجديدة على منع محافظي المهرجانات من الجمع بين أكثر من مهرجان، ومنع الإطارات السامية وبالأخص المدراء على مستوى الوزارة من أن يكونوا محافظي مهرجانات. ولكن الخريطة النهائية للمهرجانات بقيت مبهمة، ولم يعلن رسميا عن وقف تنظيم هذا المهرجان أو ذاك، وهو ما قد يتضح أكثر في السنة الجديدة 2016. وكان من بين المهرجانات العائدة إلى الساحة الثقافية بعد انقطاع طويل مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي.
قانون الكتاب لسدّ الفراغ القانوني
كانت سنة 2015 السنة التي تدعم فيها المشهد الثقافي الجزائري بقانون يسير النشاطات المتعلقة بالكتاب والنشر، قانون لم يمرّ بهدوء، بل ثارت حوله نقاشات داخل وخارج المؤسسة التشريعية، بدأت بانتقاد ناشرين عدم إشراكهم في عملية صياغة مشروع القانون، وهو ما قالت لجنة الثقافة والاتصال والسياحة بالمجلس الشعبي الوطني إنها تداركته باستشارة عدد من مهنيي القطاع.
اتحاد الكتاب المغاربيين يولد بالجزائر
لم يدع اتحاد الكتاب الجزائريين السنة تمر قبل أن يستضيف رئيسي اتحادي كتاب المغرب وتونس، ليتم توقيع “إعلان الجزائر” المؤسس لاتحاد الكتاب المغاربيين، وذلك في انتظار إعلان ترؤس تونس للاتحاد الناشئ شهر فبراير من السنة المقبلة، وتداول الرئاسة حسب الترتيب الأبجدي للدول. هذه الخطوة خلفت ردتي فعل: رأت الأولى فيها تقدما للتنسيق بين دول المنطقة المغاربية في مجال الكتاب، فيما اعتبرت الثانية أن الأمر ما يزال مجرد فكرة تنتظر التأكيد على أرض الواقع، لا بالاتفاقات والبروتوكولات بل بالنشاطات والفعاليات، وهو ما ستثبته الأيام القادمة أو تنفيه.