ما هو واقع الكتاب الأدبي في الجزائر؟ سؤال يحمل بين ثناياه العديد من التساؤلات الفرعية الأخرى.. بداية من فكرة الكتاب الأولى إلى غاية تقديمه على رفوف المكتبات، مادة ثقافية قابلة للاستهلاك لكنها سلعة تتميز عن باقي المواد الأخرى، هذه علامات الاستفهام، حملناها إلى أساتذة جامعيين مختصين في الأدب، وأيضا إلى مسؤولي بعض دور النشر الجزائرية التي تشارك هذه الأيام في المعرض الوطني للكتاب في طبعته الثانية بقسنطينة.. الأجوبة رغم تباينها في بعض الأحيان أو كونها مكملة لبعضها البعض في مواضع أخرى، إلا أن الواقع يبقى يبحث عن إجابة، أمام تقلص نسبة المقروئية عموما والتوجه الأدبي للقارئ على الخصوص، هذه أراء من استجوبناهم.
الدكتور “السعيد بحري”
جامعة منتوري قسنطينة
سوق الكتاب الأدبي
رائجة في الجزائر
يقول الدكتور “السعيد بحري” وهو أستاذ وممثل دار بهاء الدين للنشر: “.. في نظري كأستاذ وباحث في الأدب فإن سوق الكتاب الأدبي رائجة في الجزائر، حيث تصدر سنويا عشرات العناوين في الرواية، القصة، الشعر، المسرح، مع تسجيل بعض النقائص طبعا، ومما دفع إلى هذا الترويج هو كثرة دور النشر في الجزائر التي أعطت دفعا إلى هذه العملية بصفة عامة.. وأعتقد أيضا أن نسبة المقروئية للكتاب الأدبي بمختلف أصنافه يحوز على 60 في المائة من مجموع ما يطبع من كتب بصفة عامة، وإن كان ليس لديّ رقما حقيقيا، فإن القارئ عادة ما يلجأ إلى فضاء الكتاب الأدبي وقت الضيق أو لتنمية مداركه ومعارفه الأدبية وبنسبة قليلة، إلى الدراسات الأكاديمية التي تبقى مبتغى للمتخصصين والجامعيين.. وما نشير إليه هنا ونسجله بأمانة فإننا في الجزائر في حالة نهضة في مجال النشر، رغم أننا لم نصل إلى الهدف المرجو، لكن نقول نحن في الطريق الصحيح.
الدكتور” ناصر لوحيشي” جامعة الأمير عبد القادر
الجهود يجب أن تتضاعف من أجل طباعة الدواوين الشعرية
..”ما لاحظته أن الأدباء الجزائريين في السنوات الأخيرة، كانوا أوفر حظّا في طبع مؤلفاتهم الأدبية، خاصة بمناسبة التظاهرات الثقافية في الجزائر العاصمة تلمسان، وحاليا بقسنطينة عاصمة للثقافة العربية، فقد طبعت الكثير من الكتب الأدبية من دواوين شعرية، قصص، روايات.. غير أنه أمام هذا الزخم من الأسماء الأدبية التي تعجّ بها الساحة الأدبية الجزائرية تبقى هذه الكتب غير كافية لسد حاجة طلابنا وباحثينا المتزايدة في الإطلاع عليها والاستفادة منها، وما يروّج له اليوم بأن المقروئية تدنت في الجزائر ـ أقول ـ أن هذا حاصل في العالم العربي برمته، بل أن المقروئية لهذه الصنوف الأدبية في الجزائر، وعلى قلتها تبقى موجودة دوما بل هناك من لا يستغني عنها ومارسها على الدوام، وخير مثال على ذلك طلبة الجامعات وغيرهم، وما يجب أن أشير إليه أن المطمح يبقى أكبر أمام التطور العلمي والتكنولوجي والفكري، فالجهود يجب أن تتضاعف من أجل طباعة الدواوين الشعرية، الروايات، المجموعات القصصية، فهناك أسماء جزائرية كثيرة فازت بجوائز عربية عالمية وهو ما يبعث على الارتياح.
«أحمد سبع”
مدير دار “أسامة” للنشر
سياستنا تشجيع
الشباب على الإبداع
يقول مدير “دار أسامة” للنشر والتوزيع: “المشكل أنه لا يوجد تطابق بين ما يقدم لنا من أعمال للطباعة وما تطلبه سوق الكتاب، حقيقة هناك شباب مبدع وأدباء يريدون طبع إبداعاتهم الجديدة، غير أن السوق لا تتوفّر على المقروئية للأدب الجزائري بصفة عامة، لكن بالنسب للأدب الأجنبي وكملاحظين فقط، فإن نسبة المقروئية لمنتوجه أكثر من المنتوج الوطني.. وإذا كانت هناك أسماء جزائرية أدبية قد فرضت نفسها على الساحة وأصبح لها قراء، فإنها في بعض الأحيان لا تعامل مع دور نشر جزائرية ولها ارتباطاتها مع دور نشر أجنبية.. نحن سياستنا منذ عشر سنوات في الجزائر هي تشجيع الشباب على الإبداع وهذا ما يجب أن يكون فعلا، وأريد هنا أن أعطي مثالا عن الكتاب الأدبي فـ«دار أسامة” التي أنشئت منذ ربع قرن تقريبا، نصف العناوين التي طبعناها 42 عنوانا خاص بالأدب الجزائري من رواية وقصة وغيرها، منها من تحصل على صندوق الدعم لوزارة الثقافة، وأخيرا، يجب أن نفهم بأن سوق الكتاب يرتبط أصلا بـ«الحاجة” أو “المصلحة”، فكلما كانت الحاجة ملحة إلى عنوان معين، فإن الإقبال عليه يكون أكثر، وخير دليل على ذلك الكتاب شبه المدرسي الذي يلقى رواجا غير مسبوق.
«نبيل دادوة ”
مدير “الألمعية”
للنشر والتوزيع
العمل الإعلامي والاشهاري مهم في عملية الترويج للوصول إلى القارئ
قال السيد “نبيل دادوة” صاحب دار “الألمعية” للنشر: “إن الكتاب الأدبي هو نوع مختلف عن الكتب الأخرى من نواحي عدة الإنتاج، التسويق، المستهلك، فالكتاب الأدبي حتى يصل إلى المستهلك، لابد أن يمر وفق سلسلة من العمليات، أهمها عملية الترويج الذي يكون عبر كامل تلك المراحل، فهو في حاجة إلى زوبعة من هذه العمليات حتى يصل في الأخير إلى القارئ ويلقى النجاح المنتظر، ونحن نرى أن أعمالا كثيرة لأدباء وشعراء صنعت زوبعة وراجت ونجحت في الأخير، ونذكر من بين هذه الأسماء الشاعر “نزار قباني”، الروائية “أحلام مستغانمي” وغيرهم كثير، فالترويج للكتاب والتسويق لهذه الأسماء هو ما يجعل الكتاب يصل إلى القارئ، وهو على عكس الكتب الأخرى المتخصصة والتي تستهدف جمهورا محددا بعينه كالباحثين وطلبة الجامعات، فهي أصلا لا تحتاج إلى ترويج أو إلى كل هذه الهالة من العمليات، كما أشير هنا إلى أن العمل الإعلامي والاشهاري في عملية الترويج مهمة جدا للوصول إلى القارئ.
ويجب الإشارة هنا، إلى حقيقة أن الكتاب الأدبي هو عمود النشر سواء كان قصة، رواية، ديوان شعر، فدار النشر التي ليس لديها عنوانا أدبيا، لا يمكن أن نطلق عليها دار نشر فهذا هو الأساس”.