للسنة الثانية على التوالي تستعد الجزائر لإحياء عيد يناير الذي سنه رسميا رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في 12 جانفي من السنة الماضية كعيد وطني رسمي، يحتفي به الشعب الجزائري بأمازيغيته التي تعتبر جزئا لا يتجزأ من هويته و أصالته و تاريخه. إحياء يناير او بداية السنة الفلاحية عند امازيغ شمال إفريقيا القدامى هو احتفال شعبي و رسمي بموروث ثقافي تعددت أوجهه من صناعات تقليدية و أدب و شعر و حلي و ألبسة وماكولات محلية ترمز كلها لعمق الحضارة الجزائرية العريقة.
أعلن وزير الثقافة غز الدين ميهوبي أمس، بمركز الفنون والثقافة ،قصر رياس البحر بحصن «باستون 23 « بالجزائر العاصمة، عن الانطلاق الرسمي لفعاليات « أسبوع التراث الأمازيغي»، الذي ستتواصل إلى غاية يوم 13 جانفي الجاري في عرس بهيز تتنوع فيه مختلف الطبوع الفنية و التقليدية الجزائرية.
هذه الفسحة التي قال عنها ميهوبي « أنها فرصة للوقوف على واحد من مكونات الهوية الجزائرية المبنية على العروبة والامازيغية و الإسلام ، و هو التراث الأمازيغي بكل مكنوناته العريقة. ونحن يقول أضاف قائلا على هامش الاحتفائية التي حضرها والي العاصمة و جمع من المثقفين و الحرفيين وممثلين الهيئات الحكومية ، مدينون لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ، بتكريسه 12 من جانفي عيدا وطنيا، خدمة للثقافة الوطنية بكل أبعادها وللهوية الجزائرية العربية الامازيغية الإسلامية.»
وأشار ميهوبي «أن هذا الأسبوع الثقافي ليس حكرا على الجزائر العاصمة فقط بالرغم من أنها تعرف نشاطات عديدة و تحتوي على فضاءات أوسع تجعل منها مدينة للثقافة بكل أبعادها، بل سينظم في كل ولايات و مناطق الوطن دون استثناء.»
و عن اختيار قصر الرياس لاحتضان هذه التظاهرة الثقافية، كشف ميهوبي قائلا أن هذا المعلم موقع اثري تاريخي، وسيشكل فضاء يسمح للمنتجين في الصناعات التقليدية من إبراز مواهبهم وإبداعاتهم و تعريف الناشئة بكل مكنونات تراثنا الامازيغي العريق، كما هو فضا ء أيضا للحديث عن الأصول الأولى ليناير من خلال الباحثين و المحاضرين و لكل من له اهتمام بالبعد التاريخي و المكنون العربي و الامازيغي و الإسلامي للشخصية الجزائرية.»
و بالمناسبة قدم الكاتب و الناقد و الباحث في التاريخ الامازيغي د. ارزقي فراد مداخلة شدد فيها على إسهامات الامازيغ في الحضارة الإنسانية و على الصلة الوطيدة بين العربية و الأمازيغية التي صنعها الإسلام و التكامل الذي تعرفه الهوية الجزائرية بكل مكنوناتها، مشيدا بالقرار القاضي ب ترسيم 12 يناير عيدا وطنيا و الاحتفال بهذا العيد و داعيا أيضا إلى تلاحم الشعب الجزائري و السهر على العيش في ظل الاحترام و التآخي و السلام.
للتذكير يتضمن» أسبوع التراث الأمازيغي»، عروض للألبسة و الحلي وأفرشه والماكولات التقليدية من تنشيط حرفيين و جمعيات من مختلف مناطق الوطن، و كذا أنشطة في الشعر و الموسيقى و المسرح و مسابقات موجهة للناشئة، إلى جانب محاضرات حول البعد الامازيغي في الهوية الجزائرية.
..وإنطلاق الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية ببجاية
انطلقت، أمس الأول، احتفالات رأس السنة الأمازيغية بولاية بجاية، بتسطير برنامج ثري يدوم على مدار أسبوع كامل، حيث يتضمن تنظيم معارض ونشاطات ثرية للاحتفال، بمشاركة العديد من الجمعيات المحلية بالتنسيق مع مديريات، الثقافة، والشبيبة والرياضة، وهو ما يعبر عن تشبث الشعب الجزائري بهويته وأصوله التي تستمد من عمق الحضارة.
وفي هذا الصدد أكد الأستاذ عربوش إيدير، لـ’الشعب’، ‘الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية، المصادفة في 12جانفي من كل سنة ترمز إلى مرور 2969عام، من انتصار الزعيم الأمازيغي شيشناق على فرعون مصر رمسيس الثالث بعد معركة كبيرة، ولدى عودته إلى بلده منتصرا أصدر أمرا باعتماد هذا التاريخ عيدا وطنيا لكافة الأمازيغ، وهو الاحتفال الذي يروي مجدا صنعه عظماء الأمازيغ، وتاريخا حافلا بانجازات ساهمت في بناء الحضارة الأمازيغية، وتنقسم كلمة ‘يناير’ إلى قسمين هما، «ينا» ويعني الفاتح و’ير’ الذي يعني الشهر، كما تشير الروايات الشعبية أن الاحتفال بيناير، يرمز إلى تمسك الأهالي بالأرض والفلاحة وبداية السنة الفلاحية’.
ومن جهتها أكدت السيدة حامة مسؤولة ببلدية بجاية، أنه تمّ إعداد برنامج ثري بالنشاطات الثقافية والرياضية، حيث يمتد على مدار أسبوع بغية الاحتفال بحلول رأس السنة الأمازيغية، في أجواء من الفرح وفق ما تقتضيه العادات و التقاليد، بمشاركة العديد من الجمعيات التي تبرز معارض تعبر عن الثراء والتنوع الثقافي والتراثي، من منتجات حرفية، مهن تقليدية، فن الطبخ، الزي التقليدي، والمنتجات المحلية.
وعلى هامش المعارض المنظمة اقتربت، ‘الشعب’، من السيدة هنية إحدى المشاركات، التي أكدت، ‘أن البجاويين وعلى غرار ولايات الوطن يقومون بالاحتفال بهذه المناسبة، حيث النسوة تقمن بتحضير ‘إمنسي نيناير’ ليلة الـ11 جانفي، من خلال إعداد طبق الكسكسي بالدجاج الذي يضمّ سبعة أنواع من الحبوب والخضر الجافة للمرق، تفاؤلا بسنة فلاحية سخية من ناحية الإنتاج وأملا في تحقيق نجاحات في مجالات مختلفة من الحياة، ومن الأكلات التقليدية التي يتم تحضيرها الخفاف والبغرير، ويجتمع أفراد العائلة حول مائدة الطعام في العشاء لتقاسم الطبق المعد وتبادل التهاني بحلول هذا العام الجديد، وكل هذه العادات الطيبة تؤكد مدى تشبث البجاويين بموروثهم الثقافي والتقليدي المتوارث أبا عن جد’.