الاستثمار المنتج هدف الشراكة مع الأتراك

سلوى روابحية

باتت السوق الجزائرية تستقطب المزيد من المستثمرين المهتمين بالفرص الحقيقية والملموسة المتاحة، في ظل التحولات والتطورات السياسية والاقتصادية التي لا تزال تميز العديد من الدول، وتلقي بظلالها على الكثير من الاقتصاديات الغربية والعربية.
ونظرا للاستقرار الذي تشهده مقارنة بالعديد من الدول، أصبحت الجزائر قبلة للمستثمرين و الشركات الأجنبية للبحث والتقصي حول امكانية تطوير شراكة، بعد أن تكون دولها قد تأثرت من التبعات التي أفرزتها الاضطرابات في بعض البلدان.
تركيا وعلى الرغم من أنّها تعدّ سادس اقتصاد متطور في أوروبا، لم تكن في منأى عن الآثار السلبية الناجمة عن الاضطرابات في بعض دول الجوار، ولاسيما سوريا التي كانت تربطها علاقات اقتصادية وتجارية متينة، لكنها خسرت الكثير نتيجة لمواقفها حيال الأزمة السورية، ولهذا فإنّها تسعى إلى تعويض تلك الخسائر في دول أخرى، حيث استقر بها المقام في بلدان المغرب العربي، وبالذات في الجزائر لاعتبارات عديدة قد لا تتوفر في بقية البلدان المغاربية.
حضور مكثّف لرجال أعمال ومستثمرين ولكن أكثر من ذلك تجار أتراك احتلوا مساحات واسعة في معرض الجزائر الدولي المقام أياما فقط قبل زيارة الوزير الأول التركي رجب طيب أردوغان، مصحوبا بما لا يقل عن 200 رجل أعمال والأمل يحذوهم في الاستحواذ على حصة ليست بالهينة في السوق الجزائرية.
هذا الحضور التركي غير المسبوق الذي كان بمثابة الإنزال الحقيقي لرجال أعمال، يبرز الرغبة الملحة لأحفاد أتاتورك للعودة بقوة إلى الجزائر. رغبة لم يخفها العارضون الأتراك في التظاهرة الاقتصادية والتجارية الأخيرة، وهم يتحدثون إلى جريدة “الشعب” بانبهار شديد عن قوة استيعاب السوق المحلية والفرص العديدة المتاحة، خاصة
وأنّ البضائع والسلع التركية متواجدة بقوة وتنافس المنتوجات الصينية من حيث الجودة في البعض منها.
نفس الرغبة في التواجد بقوة في السوق الوطنية، عبّر عنها الوزير الأول التركي خلال محادثاته مع نظيره الجزائري عبد المالك سلال، حين أكّد على التسهيلات
والدعم الممنوح للمستثمرين الأتراك من أجل إقامة عدة شراكات مع الجزائريين، كانت أبرز ثمارها مصنع الفولاذ “توسيالي” بوهران، الذي تمّ إنجازه من طرف شركة تركية خاضعة للقانون الجزائري، ويعد أهم استثمار خارجي لتركيا من شأنه توفير مادة أساسية تحتاجها السوق الوطنية، فضلا على امكانية تصدير حصة منها إلى السوق الافريقية.
استثمارات تركية في الجزائر تتدعّم، واتفاق حول تمديد عقد تزويد أنقرة بالغاز الطبيعي لمدة عشر سنوات، تعدّ أبرز التطورات الاقتصادية والتجارية التي عرفتها العلاقات الثنائية بين الطرفين، ويراد لها أن تؤسّس لشراكة استراتيجية نموذجية يفترض أنّها تأخذ بعين الاعتبار المصالح المشتركة بين البلدين بعيدا عن تلك النظرة الضيقة التي لا تزال ترى في السوق الجزائرية مجرد تسويق للبضائع والسلع الأجنبية، ولم تخل هذه النظرة لدى بعض رجال الأعمال الأتراك، الذين أعلنوا صراحة أنّهم جاؤوا إلى الجزائر للتجارة أولا ولكن إذا وجدوا السوق مناسبا وشركاء مناسبين سيبحثون في امكانية عقد شراكة؟
الجزائر التي هي أول شريك إفريقي لتركيا تطمح إلى رفع مستوى التعاون من حيث الاستثمارات الأجنبية المباشرة المنخفضة جدا رغم مضاعفتها خلال العشر سنوات الماضية من 500 مليون دولار فقط إلى حوالي مليار دولار في نهاية سنة 2012، على الرغم من تواجد أكثر من 200 شركة تركية تعمل في الجزائر، في عدة قطاعات أبرزها الأشغال العمومية والنسيج والصيدلة
والمواد الغذائية، بينما توجد فرص استثمار وشراكة متعددة في مجالات أخرى على غرار الطاقة والفلاحة
والصحة ومواد البناء، وغيرها من فرص الاستثمار المنتج والذي يحتاجه الاقتصاد الوطني لرفع قدرات الإنتاج من جهة ودعم الصادرات خارج قطاع المحروقات، الهدف الأساسي من أيّة شراكة أجنبية فضلا عن الاستفادة من التكنولوجيا في المجالات التي يراد تطويرها.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024