يعود الخبير الاقتصادي ورئيس الجمعية الوطنية للاقتصاديين الجزائريين السيد شبايكي سعدان الى حادثة الاعتداء الارهابي على منشأة الغاز بعين أميناس ليقدم وجهة نظره حول الآثار الاقتصادية المحتملة لهذا الحادث الاجرامي ومدى انعكاساته على قطاع صناعة المحروقات في الجزائر.
الشعب: كيف تقيمون الآثار الاقتصادية المترتبة عن حادثة الاعتداء الإرهابي على قاعدة تيڤنتورين الغازية؟
شبايكي: سيكون لهذا العدوان تأثيرات، أولهما محلي، بمعنى أن الدولة ستجد صعوبات كبيرة في العودة الي ما كان عليه الحال قبل الحادث، من حيث توفير اليد العاملة المؤهلة، فالأكيد أن الكثير من العمال الذين تعرضوا لعملية الاختطاف ونجوا منه لن يعودوا الى عين أمناس فضلا عن النفقات الجديدة الاضافية المترتبة عن التعزيز الأمني المحتمل لمنشآت المحروقات لحمايتها من آية تهديدات إرهابية أخرى أما عن التأثير الثاني وهو خارجي، فقد تتأثر شركة سوناطراك من حيث العقود المستقبلية سواء في تلك المنطقة او مناطق أخرى وقد تتعرض لبعض الضغوطات من قبل الشركاء لتقديم تنازلات نظير مغامرتها للعمل في الصحراء.
الشركات الأجنبية فقدت الكثير من اطاراتها، وكادت شركة بريتش بتروليوم ان تفقد مديرها الذي كان موجودا في عين المكان، ولهذا فان الشركات قد لا تغامر في المستقبل للمجئ إلى الصحراء إلا بعد دراسة أمنية واقتصادية قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تقليص حظوظ الجزائر في الظفر بعقود شراكة جديدة مثلما كان عليه الحال في السابق.
الشعب: في السابق كان هناك نوع من الضغوطات على الجزائر لفرض شركات أجنبية للحراسة، هل تعتقدون أن حادثة عين أمناس قد تؤدي إلى تقديم تنازلات في هذا الشأن؟
شبايكي: الجزائر لن تقبل أبدا بهذا لأن شركات الحراسة هم أصلا من العسكر السابقين، وأي مكان يتواجد فيه هؤلاء فانه يعني حصرا وتحديدا التخابر لصالح جهات أخرى ولا أعتقد أن الجزائر ستقبل بذلك وهي جدو واعية بهذا الأمر.
الشعب: وماذا عن تأثير الحادث على صادرات المحروقات تجاه شركائها؟
شبايكي: لم يحدث أي خلل في التزامات الجزائر تجاه زبائنها من حيث التزويد بالغاز والبترول. لعل اليوم الأول كان شاهدا على حدوث نوع من الاضطراب ولكن فيما بعد تم تعويض النقص الناجم عن وقف تشغيل أجهزة القاعدة الغازية.
الشعب: هل تتوقعون تراجعا في الاستثمارات الأجنبية في قطاع المحروقات على خلفية حادثة الاعتداء؟
شبايكي: لاأعتقد ذلك، وإنما قد تحاول الشركات الأجنبية الحصول على المزيد من الامتيازات بالنظر الى ماحدث لعمالها في المنطقة الغازية، أما وأن تغادر الجزائر نهائيا، فلا يبدو أن مثل هذا الأمر وارد بالنسبة لها، لأن الجزائر تبقى بلدا مهما من حيث تزويد السوق الدولية بالمحروقات وخاصة بالغاز الطبيعي تجاه أوروبا بالدرجة الأولى.
الشعب: الانتقادات التي وجهت للجزائر في بداية الأمر في عملية تسيير أزمة الرهائن، كانت توحي أن نظرة الشركاء في مجال المحروقات قد تتغير، لكن التعاطي المحكم مع ذات العملية واشادة كل الدول تقريبا بالجزائر بعد انفراج الوضع، غيّر الكثير من المعطيات ماهو تعليقكم؟
شبايكي: هذه القضية تتعلق بأمن الدولة، التي تملك لوحدها حق معالجة الأزمة دون استشارة أو تدخل خارجي مهما كانت صفته، وفي اعتقادي أن أزمة مثل هذه ماكان لها أن تعرف الانفراج لولا سرية تسييرها حتى لو كانت المعلومات شحيحة في بداية الأمر، ولنتذكر جميعا حادثة 11 سبتمبر الشهيرة التي ضربت أمريكا في العمق، لم تكن هناك معلومات دقيقة بل كانت شحيحة للغاية في بداية الأمر.
الخاطفون في منشأة الغاز كانوا على اتصال مباشر مع بعض وكالات الأنباء عبر أجهزة متطورة، وبالتالي فانه كان من الأولى التزام الصمت حتى تنتهي العملية لأنه رغم الخسائر البشرية والمادية، فانه من حيث المقاييس المحافظة على هذه المنشأة، فان العملية كانت ناجحة.
الشعب: ماعدا مغادرة بعض العمال الأجانب للجزائر في الأيام التي تلت حادثة عين أمناس، لم يتحدث أي شريك عن نية الانسحاب النهائي من حقول المحروقات بماذا تفسرون ذلك؟
شبايكي: الجزائر بالنسبة للدول الغربية وخاصة تلك المهتمة بقطاع المحروقات، ينظر اليها الى غاية اليوم على أنها دولة ذات مصداقية بالنظر الى الاستقرار السياسي من جهة واحترامها لكل التزاماتها مع شركائها من جهة أخرى، ولهذا السبب لم نسمع على أن شركة ما أن في نيتها او حتى لمحت الى إمكانية الغاء التعامل مع الجزائر رغم الخسائرالبشرية، ويكفي أن ردود الفعل كانت في معظمها ايجابية وفي صالحها، بل وزادتها قوة وإشادة وبمقاييس العالم تبقى الجزائر ذات مصداقية لها تجارب ناجحة في تسيير الأزمات وخاصة الأمنية كماأنه وفي خضم الأزمة المالية العالمية فان الجزائر ينظر اليها على أنها شريك هام بالنظر الى ما تتوفر عليه من فوائض مالية، بدليل الاهتمام الكبير الذي أبداه ولا يزال يبديه العديد من الشركاء الأجانب في عقد المزيد من عقود الشراكة في شتى المجالات وخاصة خارج قطاع المحروقات، وهو ما كانت تبحث عنه الجزائر منذ سنوات طويلة.
هذا الاهتمام المتزايد بابرام عقود شراكة مع الجزائر جعل منها دولة ذات مصداقية ومؤهلة لأن تلعب دورا هامة اقليميا ودوليا بشهادة الكثير من الدول المتقدمة.