من المنتظر أن تسمح الاتفاقية التي وقعت بين غرفة الصناعة والحرف التقليدية لولاية سكيكدة مع مؤسسة إيطالية متخصصة في الصناعات الرخامية لتكوين 40 ممتهنا لتطوير الصناعات التقليدية الرخامية، بتوسيع مجال التكوين المهني في صناعة الرخام وتطوير المنتوجات الرخامية سواء كانت في المجالات المنزلية أو العمارات وكذلك في الاستخدامات الأخرى.
كما يجري التحضير لإنشاء مركز مهني متخصص في تكوين العاطلين عن العمل والراغبين في الانخراط في مجالات الصناعات التقليدية عن طريق استخدام مادة الرخام، ويأتي إنشاء هذا المركز بالنظر لتوفر منجم ضخم للرخام في منطقة »فلفلة« الغنية بمختلف أنواع المواد الرخامية، ويشغل في الوقت الحاضر من طرف المؤسسة الوطنية للرخام وبعض المؤسسات الخاصة ويسوق جزء مهم منه إلى إيطاليا وفرنسا وإسبانيا.
وتعد ولاية سكيكدة ثاني أكبر منطقة منتجة للرخام، حيث يصل إنتاجها السنوي إلى 400 ألف طن في السنة، وتتوفر على احتياطي في مادة الرخام يقدر بـ 100 سنة. وقد أوكلت لها وزارة الصناعات التقليدية مهمة تطوير الصناعات التقليدية في الرخام على المستوى الوطني، كما يوجد أزيد من 65 ألف حرفي ومهني بالولاية، ومع ذلك مازالت أغلبية الشباب تجهل الإمكانيات المادية والمجالات العديدة التي يمكن أن يوفرها قطاع الحرف والصناعات التقليدية لهم في حالة الانخراط فيها.
ويمكن لولاية سكيكدة أن تصبح مركزا دوليا للرخام في منطقة المغرب العربي وجنوب البحر الأبيض المتوسط وخاصة في مجال حجارة التزيين، بالرغم من أنها تعد في الوقت الحالي، الصناعات الرخامية ضعيفة بالولاية وتحتاج إلى توفير الأدوات والوسائل المادية والبيداغوجية للنمو قربها.
إنتاج 28 ألف متر مكعبا في 2016
وحسب مصدر من المؤسسة بولاية سكيكدة، أن المنجم السالف الذكر، ينتج حاليا ما بين 10 إلى 12 ألف متر مكعب من الرخام سنويا معتبرا هذه الكمية ضعيفة وذلك بالنظر إلى الطلب والاحتياجات المتزايدة على مواد البناء، وأضاف نفس المصدر أن المؤسسة الوطنية للرخام تعتزم إنتاج 36 ألف متر مكعب سنويا عبر مجموع المناجم الوطنية للرخام بغية تقليص فاتورة الاستيراد، كما سطّرت المؤسسة هدفا يقضي ببلوغ سنة 2016 قدرة إنتاج بـ 28 ألف متر مكعب بمنجم فلفلة لوحدها.
ومنجم فلفلة بصدد تموين 40 صناعيا وطنيا في ميدان الرخام والذين يجدون صعوبات كبيرة في ميدان التموين المنتظم ما يدفعهم للاستيراد، ويمتد منجم فلفلة على مساحة إجمالية قدرها 100 هكتار والمنطقة تتوفر على مادة رخامية هامة ذات نوعية عالية منها رخام أبيض وبني معروف، خاصة في حوض البحر الأبيض المتوسط.
إضافة إلى أن مشروع استغلال مادة الغرانيت بالمنطقة يوجد حاليا رهن الدراسة في ورشة تجريبية فيما تتواصل في الخارج المشاركة في ملتقيات بغية إكتساب التكنولوجيا الخاصة بهذه المادة التي تشكل بالجزائر ميدانا جديدا، حيث أن المرحلة الأولى من مشروع الغرانيت تتمثل في تطوير محاجره.
الجزائر تصدر الرخام الأحمر لأول مرة
هذا، وقد قامت الجزائر خلال بداية السنة الماضية بتصدير الرخام الأحمر والأصفر والوردي الذي صدر في شكل أحجار نحو إسبانيا وإيطاليا وتونس، انطلاقا من محجرتي فلفلة وكريستال بوهران.
وقدرت الكمية المصدرة على أنها كانت جد هامة، خصوصا وأن الجزائر لا تتوفر على التجهيزات الضرورية لتحويل هذه الكميات من الرخام التي لا تستعمل كثيرا في الجزائر، وتصل واردات الجزائر في مجال المنتوجات المصنعة تقدر بحوالي 60 مليون دولار سنويا، ولغرض الحد من التصدير، استفادت المؤسسة الوطنية للرخام من غلاف مالي بقيمة 29 مليون دولار لتطبيق مختلف المشاريع التنموية، والتخلص نهائيا على المدى القصير من الاستيراد، حيث اشترت مختلف محاجر المؤسسة الوطنية للرخام التجهيزات الضرورية لاستغلال المخزونات الهامة التي تتوفر عليها المناجم.
فحسب توقعات سابقة لمكتب دراسة أمريكي رجحت أن احتياطي منجم فلفلة بستة ملايين متر مكعب، الأمر الذي يسمح باستغلاله لأزيد من 110 سنوات مقبلة، هذا ما يؤهل مدينة سكيكدة، لأن تكون الأولى في إنتاج الرخام، ناهيك عن توفر منجم فلفلة على سبعة أنواع من الرخام الأبيض والتي تعد من أجود أنواع الرخام، كما أن نسبة الاستغلال الحالية به لا تفوق 30 %، حيث أنه لا توجد إلا مؤسستين على مستوى الولاية مختصتين في تصنيع الرخام وهما المؤسسة الوطنية للرخام ومؤسسة أخرى خاصة. وعن الصعوبات التي تواجه هذه الصناعة، تحدث عن قدم الآلات وغلائها، أما عن اليد العاملة، فقد بدأت تفقد حيويتها لكونها أصبحت تعاني من الشيخوخة، كما أن منتوج الشركة الوطنية للرخام غير قادر على تلبية متطلبات السوق، علما أن الرخام الجزائري يزين أكبر القصور في العالم.
كما أكد خبراء أمريكيون مختصون أن الرخام الجزائري مستعمل بشكل واسع في الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول الأوروبية كما كان مطلوبا جدا خلال العهد الروماني. وحسب دراسة قام بها وفد من الجمعية الأمريكية، فإن الرخام الجزائري استخدم في تزيين البيت الأبيض ومركز روكفيلير الشهير بالولايات المتحدة الأمريكية.
وقد عمد فريق من الباحثين الأمريكيين عند زيارته للجزائر بدعوة من الوكالة الوطنية للجيولوجيا والمراقبة المنجمية، إلى أخذ عينات من رخام المناجم والمحاجر الجزائرية ودراستها، فتوصلوا إلى نتيجة مفادها أن الرخام المستخدم في البيت الأبيض ومركز روكفيلير جزائري.