لم يتغير بيت الأوبك عقب إعلان الحفاظ على سقف الإنتاج اليومي بـ30 مليون برميل في اجتماع الجمعة الماضي، الذي عرف ترقب من طرف الأسواق العالمية للمحروقات، علما أن الأوبك طيلة السداسي المقبل وإلى غاية نهاية السنة الجارية ستبقي على نفس الإنتاج، ويتضح من ذلك أن هذا الاجتماع ترك السوق مفتوحة في ظرف شهدت فيه معدلات أسعار برميل النفط حدود الـ 60 دولار، وسجلت دعوات بعض الدول بإغراق السوق العالمية بالذهب الأسود معتمدة على طاقة إنتاجها الرهيبة بل السوق عرفت تهديدات رغم الضغوط التي يشكلها فائض العرض على أسعار النفط الخام ورغبة عدد من دول المنظمة في رفع الأسعار التي استقرت التوقعات على بلوغها خلال الأشهر القادمة حدود الـ75 دولار للبرميل. لعبت الدبلوماسية الإقتصادية الجزائرية خلال الأشهر القليلة الماضية من خلال عدة مساعي بذلتها، دورا محسوسا في تقريب وجهات النظر بهدف إقناع الدول الأعضاء في الأوبيك وكذا المنتجة للنفط، لكن خارج هذه المنظمة الطاقوية، بضرورة مراعاة مصالح الدول المنتجة والمصدرة للنفط بهدف إقرار أسعار متعادلة ومتوازنة ومتوافقة تشجع تنمية الاستثمار. ويعود الحديث في ظلّ التطورات التي تعرفها السوق النفطية، عن إضرار إلغاء نظام الحصص لكل طرف منضوي تحت لواء منظمة الدول المصدرة للنفط، بمصالح العديد من الدول في الإنتاج، في ظل الظروف الأمنية الصعبة التي تمر بها كل من ليبيا وكذا العراق، الأمر الذي أفسح المجال أمام أصحاب الاحتياطات القوية بالإفراط في الإنتاج، والاستفادة من هذا الظرف الاستثنائي ماليا. وشكل تباطؤ الإنتاج في الولايات المتحدة خلال الشهرين الماضيين حسب عدة خبراء عاملا جوهريا في انتعاش أسعار النفط وبلوغها حدود الـ65 دولارا للبرميل. وما تجدر إليه الإشارة، فإن الجزائر خاضت جولات ماراطونية مكثفة قبل اجتماع الجمعة المنصرم بفيينا النمساوية، حيث حاولت فيها التفاوض مع الأعضاء والدول المصدرة للبترول داخل وخارج المنظمة لامتصاص الفائض في الإنتاج الذي يطرح لإغراق الأسواق، ويتسبب في تهاوي معدلات سعر البرميل، والإتفاق على رفع الأسعار إلى المستوى المطلوب، وكان رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة شدّد على ضرورة التحاور والنقاش في مفاوضات مكثفة وموسعة مع جميع الدول المعنية بإنتاج النفط لمعالجة الفائض في الإنتاج الذي يتسبب في عدم التوازن بين العرض والطلب والتي تفضي إلى الرفع من أسعار البرميل، في ظلّ الضغوطات في الأسعار التي تواجهها الدول المنتجة للذهب الأسود في الأسواق النفطية العالمية. وإن جاءت التوقعات مؤخرا وعقب إقرار الحفاظ على سقف الإنتاج في حدود 30 مليون برميل يوميا، منصبة في اتجاه التفاؤل وتحسن مؤشرات العرض خلال الأشهر القادمة، حيث يرتقب أن تقفز الأسعار لتستقر في سقف الـ75 دولار، ويعد تطلع الدول المنتجة والتي تصف مستوى 75 أو 80 دولار للبرميل بالمعقول والمنصف للدول المنتجة، لكن تبقى تهديدات عدم الاستقرار واردة من بينها تهديدات النمو السريع للنفط الصخري للولايات المتحدة الأمريكية، تضاف إليها تهديدات الدول صاحبة الإنتاج القوي القادرة على القضاء على حلم استقرار الأسواق والأسعار لفائدة المنتجين وهذا ما يحذر به العديد من الخبراء الذين على دراية دقيقة بصعوبة التحكم في هذه الأسواق. ولهذا تواجه دول منظمة الأوبك مخاوفا تتعلق بترشيح نمو خام المنتجين المنافسين من خارج منظمة أوبك إلى غاية عام 2017 على الأقل. ويذكر أنه كان منتظرا أن تحافظ الأوبك على سقف إنتاجها على مدى الأشهر القليلة المقبلة في ظلّ تسجيل انتعاش محسوس في الأسعار والمقدر بأزيد من الثلث، علما أنه سجل أدنى مستوياته خلال ما لا يقل عن ستّ سنوات في الظرف الذي تهاوى إليه عند عتبة الـ 45 دولار للبرميل في شهر جانفي الماضي.