المؤسسات الإقتصادية ورهان التصدير

المنتوج الجزائري يحظى باهتمام الأسواق العربية والإفريقية

رصدتها: فضيلة بودريش

تتواجد المؤسسة الإنتاجية الجزائرية العمومية والخاصة اليوم في منعطف يحتم عليها خوض مسار اقتحام الأسواق الدولية الخارجية وتهيئة إنتاجها للتدفق نحو التصدير، ولا يمكن قياس جاهزيتها إلا بمدى قدرتها على مواكبة المنافسة الشرسة التي تواجهها في عقر أسواقها الداخلية، وتؤكد جميع المؤشرات أن الأسواق الإفريقية والعربية جدّ مهتمة بالعديد من المنتجات والعتاد الصناعي بعلامة جزائرية نذكر منها آلات وتجهيزات الفلاحة والبناء والأشغال العمومية والعديد من الآلات الكهرومنزلية والإلكترونية على وجه الخصوص.

هذا ما وقفت عليه “الشعب” خلال زيارتها لأجنحة معرض الجزائر الدولي في طبعته الـ48 بقصر المعارض، والذي افتتح أبوابه في الفترة الممتدة من 26 ماي ويتواصل إلى غاية 1 جوان 2015، علما أنه يسجل مشاركة 643 عارض من بينها 6 دول أوربية و6 دول أسيوية و6 عربية و4 أمريكية و3 دول إفريقية.
إذا مسار اقتحام الأسواق الخارجية بالنسبة للآلة الإنتاجية الجزائرية بدأ يتجلى أفقه بالنظر إلى متطلبات الوضع الحالي الذي أرسى ضرورة الاندراج في مسعى التصدير في ظلّ ترقب طرح سلسلة من الإجراءات والتدابير التحفيزية. فما مدى جاهزية المؤسسة الاقتصادية الجزائرية، خاصة الصناعية وما هو موقعها في السوق الوطنية وماذا عن قدراتها في التصدير وكذا الصعوبات التي تواجهه هذا المسار..؟
مؤسسة مرسي لصنع آلات التبريد
الجودة تزيل العراقيل ..

ولدى مؤسسة “مرسي” الخاصة والتي تنشط في مجال صناعة مختلف آلات التبريد المخصصة للمقاهي والأدوية والأسماك والمثلجات وكذا المقاهي ولواحقها وما إلى غير ذلك تجربة في التصدير، بعد أن طرحت منتوجا منافسا في السوق الوطنية على مدى عقدين من الخبرة ة والتنافسية العالية، بل صارت تحتل حصة معتبرة من السوق الوطنية لا تقل عن معدل 20 بالمائة، ومن بين البلدان التي صدرت لها ذات المؤسسة، حسب ما أكده ممثلها السوق السعودية، وتوجد مشاريع للتصدير نحو السوق الموريتانية ومهتمين للتصدير نحو أسواق عربية وأخرى إفريقية، ويعتبر إطار مؤسسة “مرسي” أن المنتوج الذي يتسم بالجودة والسعر المعقول سيكون عليه الطلب القوي سواء في الأسواق الداخلية أو الخارجية. ولأن منتوج المتعامل “مرسي” افتك ثقة الزبائن خاصة في المناطق الجافة كالصحراء، وصارت مدة صلاحيته طويلة فلا يتلف بسرعة، يدرس في الوقت الحالي إمكانية تطوير منتوجه أكثر بالشراكة مع دول أجنبية على غرار إيطاليا الرائدة في هذا المجال، وحتى لا يتم استيراد أي قطعة غيار أو مادة أولية تدخل في صنع هذا النوع من الآلات من الخارج، ويتسنى بعد ذلك تصدير الآلات والمحركات نحو الأسواق الخارجية خاصة العربية والإفريقية، أما بالنسبة للمكسب الوطني، فإنه يتم مضاعفة عدد العمال والمساهمة في امتصاص البطالة وكذا خلق الثروة.
شركة “مونديال فور الجزائر”
 هاجس التراكمات الإدارية

وتطرح شركة “مونديال فور الجزائر” الكائنة بوهران وهي مؤسسة عائلية، سلسلة من آلات المخابز ولواحقها أي المخبزة بجميع تجهيزاتها “أفران خبز وخلاطات أرضية وهوائية وأفران بيتزا” وما إلى غير ذلك، أي منتوجا يوصف بالعالي الجودة وتتكفل الشركة بأشغال الصيانة بعد اقتناء العلامة الإيطالية، وأهم ما يميزها أن لديها قدرات للتصدير وأجرت اتصالات مع عدة دول عربية وإفريقيا على غرار مصر، وسجلت محاولات لولوج السوق السودانية وتتطلّع فوق كل ذلك لاقتحام أسواق بعض الدول الإفريقية، بعد أن أفتكت الاعتراف بأن منتوجها بمعايير دولية، ولديها تجربة في التصدير فمنذ أربع سنوات أجرت عمليات تصدير ناجحة نحو ليبيا وتسيطر داخليا على السوق الجزائرية بنجاح، لكنها حسب صاحبها تواجه منافسة دولية.
وبخصوص تحديات التصدير لم يخف صاحب المؤسسة، أن عملية التصدير في الجزائر مازالت معقدة نوعا ما، بسبب ما وصفه بالعراقيل الإدارية والبيروقراطية، واستغراق العملية لمدة زمنية غير معقولة وهي ضعف عشرات المرات تلك التي تمر بها عملية التصدير لمصدرين أوربيين من بلدانهم نحو أسواق خارجية، فمنذ تحضير ملف التصدير إلى غاية عملية نقل السلع يعاني المصدر، ويشعر بأنه يقطع مسافات ماراطونية بمفرده حتى يصاب بالإرهاق. ومع ذلك تبحث هذه المؤسسة عن شركاء أجانب لتطوير منتوجها وتوسيع المؤسسة، لكنها لن تبنى الشراكة إلا بعد أن تتأكد من أن المتعامل الأجنبي سيقدم إضافة للمنتوج الوطني.
«بي.أم.أس” المختصة في اللواحق الكهربائية  
التصدير يساهم في امتصاص البطالة

من جهتها مؤسسة “بي.أم.آس” المختصة في صنع اللواحق الكهربائية المتواجدة بـ “بابا أحسن” لديها أسواق معتبرة بالخارج حسب ما أكده ممثلها معمري محمد، ونجحت في مواجهة المنافسة الداخلية في البداية منذ نشأتها عام 2001، حيث نسبة الإنتاج الوطني من القطع الكهربائية التي تطرحها يمثل نسبة عالية لا تقل عن 97 بالمائة، وتتواجد بأسواق إفريقية مثل البنين والمالي وبوركينافاصو والسينغال وموريتاني والكاميرون، ولأنهم رائدين في السوق الوطنية يحرصون على المساهمة في امتصاص البطالة، ولأن التصدير يعد نافذة حقيقية نحو امتصاص البطالة واستحداث مناصب الشغل. ويذكر أن للمؤسسة منتوج جديد سيتم إطلاقه مستقبلا ويعد جد متطور.
بوترشة مدير الإدارة بشركة “أطلس”
ضرورة  حمايةالمنتجات الوطنية

وحاول بوترشة مصطفى مدير الإدارة العامة بشركة “أطلس” المختصة في صناعة آلات الاستقبال الرقمي، والعديد من الأدوات الكهرومنزلية على غرار أدوات التسخين بالغاز الطبيعي والكائنة بولاية سطيف، تشخيص تحديات وعراقيل التصدير خاصة النقائص التشريعية كما أوضح، وذكر أنهم تمكنوا من تصميم “البطاقة الأم” لجهاز “الديمو” من طرف مهندسين جزائريين ويعد جد متطور ومنافس حتى في الأسواق الدولية، غير أن تكلفة صنع الهيكل الخارجي مكلفة، لذا لجأوا إلى صنع ذلك في الخارج ويواجهون صعوبات عديدة. وحول تجربتهم في التصدير اقتحم منتوجهم منذ سنة 2000 كل من تونس وليبيا والسودان وصدروا كثيرا الهوائيات المقعرة. لكن ممثل مؤسسة “أطلس” بوترشة اغتنم الفرصة ودعا إلى ضرورة أن تحمي الدولة المنتوج الجزائري حتى يواجه تحدي التصدير بنجاح وثقة وجدية، واستحسن كثيرا في سياق متصل الحملة التي أطلقت خلال الأسابيع القليلة الفارطة من أجل تشجيع استهلاك المنتجات الوطنية، واعتبر ذلك بالخطوة التحفيزية التي من شأنها أن ترفع من نوعية وجودة الإنتاج وتشجع بالموازاة مع ذلك المستثمر لتوسيع مؤسسته وتطوير أدائها، إلى جانب أنها تشجع كذلك على رفع نسبة الإندماج، علما أن ذات المؤسسة نسبة الإندماج فيها تناهز الـ70 بالمائة، في ظلّ وفرة المادة الأولية التي تقتنى من مركب الحجار، وينتظر مؤسسة أطلس أن تفعل أدائها لتستثمر في اللواحق وأكسسوارات الأجهزة التي تصنعها، حتى  يكون الإنتاج محليا مائة بالمائة. وتساءل ذات المتحدث إن كان قانون المالية للسنة الفارطة قد يراجع لأنه على حدّ تأكيده يساوي في رسوم الضريبة على الأرباح ما بين المنتوج المحلي ونظيره المركب، وبدا على أمل كي تراجع نسبة هذه الرسوم التي تصل إلى 20 بالمائة. وفيما يتعلق بسؤال يتمحور إن كان المتعامل الاقتصادي الجزائري لديه ثقافة التحليل ومتابعة البورصة والتكيف مع مستجدات السوق، يعتقد أنه لا يتابع كونه ينشغل بالعديد من المشاكل والعراقيل الإدارية التي تعترضه، بداية من نقل المادة الأولية إلى غاية تسويقها، ولا حل سوى إرساء إجراءات التسهيل والتبسيط. ويرى كمستثمر أن القاعدة الاستثمارية49 / 51 ضرورية كونها تحمي السيادة الوطنية، وأثبتت نجاحها في ظلّ تألق ونجاح شركات كبرى أنشأت على ضوء هذه القاعدة.
المؤسسة العمومية للصناعات الإلكتروتقنية
وتحضر المؤسسة العمومية للصناعات الإلكتروتقنية نفسها للتوجه نحو التصدير، رغم أنها لديها أسواق مضمونة في الجزائر، على غرار تعاملها مع مجمع سونلغاز وجميع وحداته، وكذا مختلف المؤسسات الخاصة التي تحتاج إلى المحولات الكهربائية والمحركات الكهربائية والقوالب، وتشغل نحو 850 عامل وتتواجد بولاية تيزي وزو، علما أنها تنتج سنويا ما لا يقل عن 5500 محول، ولم يخف مالك بلعيد إطار مكلف بالرقابة والنوعية أنه تم برمجة ولوج عالم التصدير، ويسعى فوق كل ذلك السير نحو تحسين المنتوج بشكل أكبر رغم أنه افتك شهادة “إيزو 9001” منذ عام 2004.
ويتسم منتوج الشركة العمومية للصناعات الإلكتروتقنية بالجودة منذ إنشاء الشركة عام 1986، وبعد أن أثبت سيطرته على السوق الوطنية أكد على قوة تنافسيته التي يمكنها أن تصمد في وجه شراسة المنافسة الخارجية.
مؤسسة “أو.أف.أم.أ.تي.بي”
التفاوض جار للتواجد في أسواق إفريقية

ومن جهتها المؤسسة ذات المسؤولية المحدودة “أو.أف.أم.أ.تي.بي” التي تعود ملكيتها لعائلة “عزيز” بولاية بجاية، وتختص في صناعة آلات البناء والأشغال العمومية وكذا الفلاحة، تسير بخطى ثابتة نحو التموقع في مسار التصدير بعد نجاحها في السوق الوطنية، وتستقبل العديد من زبائنها من المنخرطين في مشاريع “الأنساج” وكشف أحد المساهمين في الشركة عزيز سمير أنه تم استقبالهم من طرف غرفة التجارة بدولة غانا وانجذب كثيرا نحو منتوج الآلات الفلاحية وأبدوا الجانب الغاني اهتماما كبيرا، إلى جانب الاتصال مع شركات إفريقية وكذا شريك تونسي في انتظار المشاركة مستقبلا في معرض دولي بموريتانيا، وقال عزيز أن إستراتجيتهم تتضمن اقتحام الأسواق الإفريقية بعد أن نجح منتوجهم محليا، ويذكر أن نسبة الاندماج في منتوجهم تصل إلى 60 بالمائة، ويتعاونون كثيرا مع ألمانيا وبدرجة أقل إيطاليا وفرنسا وتركيا.
وتطرّق المساهم الشاب بهذه الشركة العائلية عن عدة مشاكل وعراقيل تعيق توسيع إنتاجهم، على اعتبار أن عدد كبير من زبائنهم من الذين أنشأوا مشاريعهم في إطار الأنساج، حيث لا يسدّد المبلغ دفعة واحدة وينتظر شهر أو شهرين حتى يسدّد كل المبلغ، ولم يخف أنه يوجد زبائن منذ عام 2013 مازالت ديونهم عالقة ولم تسدّد على حد تأكيده، إلى جانب المدة الزمنية التي تستغرقها عملية تعويض الرسم على القيمة المضافة. وتبقى هذه الشركة التي أثبت نجاعة أدائها وتسير في منحنى تصاعدي في تطوير كل ما تطرحه في الأسواق تتطلع لتوسيع شراكتها لكنها تشترط أن ينتج في الجزائر ولا يحضر جاهزا.  
مناصر ممثل “فابوبيناس” لصناعة آلات البناء
منافسون غير شرعيين يضايقوننا  

ويتدفّق على هذه المؤسسة الخاصة التي تطرح آلات البناء طلبات عديدة، تبذل جهدا لتلبيتها علما أنها تشغل نحو 800 عامل، وبدورها لديها العديد من الزبائن من الأنساج، وقال ممثلها الإطار مناصر أحمد أنه تحذو المؤسسة نية وإرادة بهدف التوجه نحو التصدير وعقب الإنتهاء من الطلبات العديدة في السوق الوطنية، لكن سيتم ـ حسبه ـ التخطيط مستقبلا حتى يلج هذا المنتوج أسواقا خارجية، لذا يتم توسيع هذه المؤسسة بولاية البليدة، حيث يعكف على بناء مصنع ملحق لمواكبة تدفق طلبات السوق. لكن مناصر كشف عن وجود منافسين غير شرعيين لهم في السوق الوطنية حيث يقلدون آلاتهم التي تبنى بها الأرضيات والأسقف كونهم الرائدين في هذا المجال ويحاولون منافستهم بنوعية رديئة وسعر منافس.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024