تحدث مسعود بقاح، مدير متابعة المبادلات التجارية بوزارة التجارة، في حوار خصّ به “الشعب” عن آفاق وسير مفاوضات الجزائر للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، كاشفا عن تلقي نحو 120 سؤال إضافي، أغلبيتها تمس القطاع الفلاحي، وقال أن الفوج المكلف بالتفاوض، يقترب من الانتهاء من صياغة أجوبته. وفي الشق المتعلق بتعزيز وترقية التجارة الخارجية، أعلن عن وجود دعم مالي للمصدرين يجهله الكثيرون من محترفي النشاط ويتعلق بالتكفل بتكاليف النقل الخارجي.
الشعب: على ضوء الجولات الماراطونية العديدة التي خاضتها الجزائر في مسار مفاوضاتها للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية..هل يمكن الحديث عن سير هذه المفاوضات على أرض الواقع، ومدى تقدمها نحو التوقيع النهائي؟
- مسعود بقاح مدير متابعة المبادلات التجارية بوزارة التجارة: لا يخفى أن الحديث عن مسار انضمام الجزائر إلى منظمة التجارة العالمية، أثير حوله تصريحات وتأويلات، لكن في الحقيقة إنها أمور تقنية، وللتوضيح أكثر فإن الفريق المفاوض يتفاوض على أسس منهجية وعلمية، ويحرص على الدفاع على المصالح الوطنية، لأنه من السهل أخذ القرار بصورة استعجالية والسير نحو فتح الأسواق والسلع وسوق الخدمات، ونغير المنظومة القانونية والتشريعية، ويجب التأكيد في هذا المقام أن القرار السياسي للانضمام يتخذه السيد رئيس الجمهورية، والانضمام مشروط بالدفاع الأمثل عن المصالح الاقتصادية الوطنية، على اعتبار أن المسار سار بخطى ثابتة، ومدروسة بدقة، وبالتنسيق مع الرعاية المباشرة للسيد الوزير الأول، ووزير التجارة مكلف بالملف التقني، لكن توجد لجنة حكومية تضم مختلف القطاعات الوزارية المعنية، ويرأسها الوزير الأول المخوّل لإعطاء الضوء الأخضر للتفاوض.
الأسئلة المطروحة تتعلق بالقطاع الفلاحي
بلغة الأرقام، ما هي نسبة التفاوض للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية حتى يتضح ما تبقى من مدة زمنية؟
مسار التفاوض بلغ نسبة متقدمة جدا، وللتوضيح فإن هناك مفاوضات ثنائية تسري على مستوى قطاع السلع والخدمات، وهناك مفاوضات تجري على مستوى تكييف المنظومة التشريعية الوطنية، مع النصوص القانونية وأحكام واتفاقيات المنظمة العالمية للتجارة، إلى جانب وجود مفاوضات أخرى تجري فيما يتعلق بالملكية الفكرية وأخرى على القضايا النظامية، حيث نتفاوض على المجالات التي نفتحها في قطاع الخدمات.
في المرحلة المقبلة للتفاوض، ما هي الملفات التي سيركز عليها الفريق الجزائري المفاوض؟
سيتم الإجابة على الأسئلة المطروحة، حيث طرح على الجزائر نحو 120 سؤال إضافي من طرف كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وأستراليا، وتمت دراسة هذه الأسئلة على مستوى الخبراء ووافقت عليها لجنة الخبراء، وتوجد في المرحلة النهائية من الصياغة بهدف إرسالها إلى المنظمة العالمية للتجارة، وسوف تشكل جدول أشغال الاجتماع القادم لفوج عمل المنظمة العالمية للتجارة المكلف بالانضمام. وتتعلق الأسئلة المطروحة بخصوص القطاع الفلاحي، لأن الشركاء يطرحون الأسئلة ويتلقون الأجوبة من الجزائر ويتفرع عن هذه الأجوبة أسئلة أخرى ثانوية وشبكة من الأسئلة.
هل المنتوج الجزائري مهيأ لاقتحام الأسواق الدولية التي تتسم بتنافسية شرسة؟
من العوامل التي تجعل الجزائر تسير بتأني في مسار المفاوضات مع منظمة التجارة العالمية، محاولة تمكين المؤسسات الإنتاجية الوطنية، لتهيئة إنتاجها ورفع تنافسيتها، لمواجهة التحدّيات المتوّقعة عقب فتح السوق الوطنية، وعلى غرار التفكيك الجمركي في اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي الذي واجهت تنافسية القوائم الدولية، هناك بعض المؤسسات الوطنية تحاول أن تصدّر ولديها حماية خفية، لكن الشركاء في المفاوضات في منظمة التجارة العالمية، يثيرون مسائل أخرى تتعلق بالمعايير التقنية والمطابقة والتغليف، أي يتم خلق عراقيل فنية لحماية منتوجاتهم بطريقة غير مباشرة.
الاتفاقيات تسمح باتخاذ إجراءات دفاعية لمحاربة الإغراق بالسلع
ما هي الأهداف المسّطرة والفوائد التي تجنيها الجزائر عقب الانضمام إلى هذه المنظمة العالمية؟
يطرح كثيرا هذا السؤال من طرف رجال الإعلام، وللتذكير فإن منظمة التجارة العالمية تضم أكثر من 160 دولة، أي نحو 98 بالمائة من إجمالي التجارة العالمية يتداول داخل هذه المنظمة، ومن غير المقبول وليس من المنطقي أن تبق الجزائر على هامش هذا الفضاء التجاري العالمي الضخم والأكبر على الإطلاق، حيث وضعت اتفاقيات دولية، ومن الأفضل للجزائر أن تنضم إلى هذا المحفل الدولي وتدافع عن مصالحها، على ضوء ما تنص عليه الاتفاقيات الدولية، في ظل وجود اتفاقيات لهذه المنظمة تسمح للدول بأخذ إجراءات دفاعية، تسمح لها بمحاربة الإغراق، وحماية المنتوج الوطني.
وعلى ذكر ذلك، فإن الوزير الأول مؤخرا في الندوة الوطنية للتجارة الخارجية تحدّث عن التحضير الجاري لوضع قانون للتصدير والاستيراد، علما أنه يوجد 28 اتفاقا لمنظمة التجارة العالمية يمس اتفاق رخص الاستيراد، ويكون القانون الوطني مكيفا وليس هناك أي إشكال مع مسار الانضمام. وبناء على الإتفاق، الدولة لها جميع الصلاحيات لاتخاذ جميع الإجراءات التي تحمي الإنتاج الوطني لمحاولة عقلنة هذا الاستيراد الذي يُغرق السوق الوطنية واشتراط أن تطابق السلع للصحة وضمان سلامة المستهلك.
هل تشكل الأسواق الموازية عائقا يؤّخر تتويج مسار التفاوض بالانضمام؟
تبذل الدولة جهودا لتطهير الأسواق الموازية، وللحد من انتشار التجارة الفوضوية، فإن وزارتي التجارة والداخلية أصدرتا تعليمة نشرت من طرف الولاة لتطهير النشاط التجاري الموازي، ويعد عملا تسهر عليه السلطات العمومية، علما أن وزارة التجارة مسؤولة فقط على مراقبة التاجر الذي يمارس النشاط التجاري بصورة قانونية، ويمكن الانتقال إليه لمراقبة مدى احترامه للقانون.
متعاملون يجهلون امتيازات التصدير
متى يمكن القول أننا اقتربنا بشكل فعلي من الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية؟
- إن البلد الذي يتفاوض في مسار الانضمام لا يمكن أن يقيّم نفسه بشكل كبير، ويمكن القول أن عدة مسائل حسمت، لكن قرار الانتهاء يقرّه فوج العمل المكلف بالانضمام، حيث عندما نصل إلى مرحلة لا يوجد فيها أي سؤال من المنظمة وفوج العمل، يمكن القول أن مسار التفاوض انتهى، وفي الوقت الراهن يوجد أخذ ورد وأسئلة إضافية، وخلاصة القول أن المسار عرف تقدما كبيرا.
أيمكن تحديد بالتقريب تاريخ لقاء الجولة التفاوضية المقبلة؟
اللقاء يبرمج بناء على إجراءات الدولة المنظمة، كالجزائر تقدم الأجوبة على الأسئلة المقدمة من طرف الأعضاء، وعندما تستقبل الأجوبة سيكون بعدها برمجة الاجتماع.
توجد إرادة قوية من أجل ترقية التجارة الخارجية من خلال كبح وتنظيم الواردات وبالمقابل تعزيز وتفعيل الصادرات.. كيف يمكن تكريس ذلك بشكل محسوس على أرض الواقع؟
تحدث الوزير الأول عبد المالك سلال مؤخرا عن مبادرة الحكومة بقانون صادق عليه المجلس الوزاري، وسيطرح على البرلمان للمناقشة لتنظيم الاستيراد والتصدير، وتوجد رخص مسموح بها للدفاع عن المصالح الوطنية وحماية السوق، ولا يمكن أن تبقى الفوضى التي تشهدها التجارة الخارجية، خاصة ما تعلق بالاستيراد. والدولة تعمل على دعم وتقنين هذه الجوانب من أجل أن يلج المجال المتعامل النزيه الذي ينشط في الشفافية لوضع حد للغش، والتقليص من الواردات، ومن جهة أخرى العمل على تدعيم الصادرات من خلال مرافقة المصدرين بالإجراءات التحفيزية، وما تجدر إليه الاشارة أن العديد من المتعاملين ليست لهم دراية بالإجراءات التي تقدم دعما ماليا للمؤسسة المصدرة لأنه يتم التكفل بتكاليف نقلها الخارجي، في ظل وجود صندوق مالي لدعم المصدر منذ 20 سنة، والعديد من المتعاملين ليسوا على علم، ومن المفروض أن من يمارس التجارة الخارجية أن يطلع على القوانين والامتيازات.
مدير متابعة المبادلات بوزارة التجارة لـ “الشعب”:
تقدم ملحوظ في مسار الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية
حاورته: فضيلة بودريش
شوهد:971 مرة