أول خطاب خصصه للإقتصاد:في أول خطاب له بعد انتخابه لولاية ثانية، فضل الرئيس الأمريكي أوباما التركيز على الجانب الإقتصادي لما له من أهمية قصوى في تخفيف الوعد الذي أطلقه حول سعيه لتوفير حياة أفضل للشعب الأمريكي الذي زكاه للعودة مجددا إلى البيت الأبيض رغم استمرار الصعوبات الإقتصادية، المرشحة للتفاقم وفق العديد من التحاليل والمؤشرات.
الكساد الإقتصادي، البطالة والدين العمومي، هي أهم المحاور التي ركز عليها أوباما، مخاطبا الطبقة الوسطى من المجتمع الأمريكي بعد أن أعلن عن دفاعه المستميت لها طوال حملته الإنتخابية.
هذه الطبقة الوسطى التي تأثرت جراء الأزمة الإقتصادية، يبدو أنها لاتزال تثق في إمكانيات الرئيس أوباما في إيجاد الحلول الناجعة لها، على الرغم من أن العديد من المؤشرات الإقتصادية لم تكن في صالحة خلال ولايته الأولى، والتي كان الجمهوريون يعولون عليها للإطاحة بأوباما، مثلما أطاح الديمقراطي بيل كلينتون بالرئيس بوش الأب في بداية التسعينيات، مستغلا تراجع أداء الإقتصاد الأمريكي وانعكاساته على المجتمع الأمريكي ككل والطبقة الوسطى على وجه التحديد .
الأمريكيون لم ينتخبوا أوباما للمرة الثانية على التوالي وفق المنظور الإقتصادي، كما جرت العادة وإنما للعديد من الإعتبارات الأخرى التي جعلت منه يتفوق على غريمه الجمهوري، وهو يدرك أن هذه التزكية، تعد بالنسبة له فرصة أخرى، وجب استغلالها من أجل تحقيق الوفاق الإقتصادي الذي لطالما فرق الأمريكيين على خلفية تداعيات الأمة المالية الخانقة، ولهذا فقد رد أوباما على مؤيديه بالعمل على التكفل بمشاكل الإقتصاد وكل الآثار الناجمة عن الكساد الذي طبع الإقتصاد طيلة ولايته الأولى، من خلال طرح خطة يكون قد أعدها من أجل التقليل من عجز الميزانية وزيادة الدخل عن طريق دعوة الأغنياء للمشاركة في زيادة الضرائب، المورد الآخر للتخفيف من أعباء الدين العمومي.
الأولوية التي تبدو بالنسبة لأوباما، مفتاح الحل للمشكلات الإقتصادية المتراكمة والموروثة أصلا من عهد بوش الإبن تتمثل في الديون العمومية التي تفوق 16 ألف مليار دولار، داعيا المعارضة الجمهورية إلى التعاون للحد من العجز على الرغم من تخصيص ما يناهز 600 مليار دولار لرفع الضرائب وتقليص الإنفاق، الأمر الذي قد يؤثر على قرارات الإستثمار، وبالتالي على النمو.
الإقتصاد الأمريكي لم يتعاف بعد، لكنه خرج من دائرة الركود الذي طبعه سنوات 2007 إلى 2009، كما أن الدخل الداخلي الخام ارتفع بـ 1 ، 2 ٪ خلال السنتين الماضيتين، سمح باسترجاع 4.5 مليون منصب عمل من بين 7.8 مليون منصب فقدته أمريكا خلال الأزمة، علما أن حوالي 23 مليون أمريكي لا يزالون في عداد العاطلين عن العمل أي ما نسبته 7.9 ٪ سجلت في أكتوبر الماضي. تباطؤ الإقتصاد الأمريكي لم يوثر في شعبية أوباما ومساعيه لرد الإعتبار له نجد تأييدا لدى غالبية الأمريكيين، وهو الذي حقق نجاحا في إنقاذ صناعة السيارات وإصلاح الصحة ومواجهته الصارمة للجمهوريين الذين حاولوا عرقلة خطته حول تسوية الدين العمومي الأمريكي. خطة إن لم يتم الإتفاق بشأنها فإن أمريكا ستنزلق نحو »الهاوية المالية«، مع نهاية العام الجاري. قد تؤدي بها إلى فرض ضرائب على جميع الأمريكيين، بداية مع العام القادم.