صار قطاع تكنولوجيات الاعلام والاتصال يشكّل ركيزة مهمة لاقتصاديات الدول الناشئة، ومؤشرا إيجابيا يسمح بإنعاش صادراتها بعيدا عن ثروة النفط. وعرفت الجزائر خلال العشرية الأخيرة انجذاب العديد من المستثمريين المحليين، وتوجه الشباب خريجي الجامعات في ذات التخصص نحو تأسيس مؤسسات مصغرة في الإعلام الآلي وكل ما يتعلق بتكنولوجيات الاتصال. ويؤكد العديد من ممثلي هذه المؤسسات أنه بإمكان نسيج هذه المنظومة الصناعية أن يرفع من النمو الاقتصادي، ويفرض منتوجها حتى في الأسواق الاقليمية عربيا وإفريقيا كمرحلة أولى.
ينتظر الجزائر عملا كبيرا ومفروضا عليها أن تعول على الابتكار إذا اختارت أن تعتمد على قطاع تكنولوجيات الإعلام من أجل المساهمة في إنعاش النمو الاقتصادي، وجعله قطاعا حيويا يساهم في خلق الثروة وامتصاص البطالة، والأخذ بعين الاعتبار التجارب الناجحة في الدول الناشئة، هذا ما أكده بعض ممثلي مؤسسات جزائرية تنشط في مجال تكنولوجيات الاعلام والاتصال.
وتحدث لمين مرابطي صاحب شركة كوبتال ألجيري التي تنشط بالشراكة مع إسبانيا ولديها خبرة في صناعة الألياف البصرية، حيث منحهم الشريك الأجنبي الخبرة والآلات ويساهمون في تكوين الجزائريين خارج وداخل الوطن لصناعة الألياف البصرية للجيل الثالث، وتتمثل في خيوط من أجل الاتصال. وتأسّف ذات المتحدث أن يتم الاستيراد من أسواق أجنبية بينما يأتي أجانب ويستوردون سلعته على غرار شركة يابانية ذات طابع دولي بفضل جودة الانتاج ونوعيته الرفيعة.
تحدّث صاحب نفس الشركة عن توظيف في مؤسسته كمرحلة مبدئية 28 عاملا، علما أنّهم باشروا النشاط في سنة 2011 ووقف على الاهتمام الكبير لليابانيين بمنتوج جزائري رأى النور بعد أشواط من الشراكة والتكوين الأجنبي. ولم يخف أنه لديه طلبيات معتبرة للتصدير، وبدا مقتنعا من ضرورة تكثيف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة خاصة في مجال تكنولوجيات الاتصال التي لديها سوقا استهلاكية كبيرة في الجزائر من أجل استثمار أكبر وأعمقو وحصة أكبر في تحدي التصدير، حتى تشارك مثل هذه المؤسسات التكنولجية في خلق الثروة وامتصاص البطالة.
ومن جهته اسماعيل بلعروسي عن مؤسسة “أوسكان”، قال أنّهم يجلبون أحسن علامة لأجهزة الاعلام الآلي، وذكر في سياق متصل أنها جد مطلوبة في العالم ويحاولون تطويرها، فبعد اقتحام السوق يفكّرون في التركيب ثم مستقبلا تطوير النشاط أكثر نظرا لأهمية هذا القطاع، والذي وصفه بالاستراتيجي يمكن أن يساهم في إنعاش الاقتصاد وإنشاء الثروة. ومن مزاياه أنه لا يستحق أموالا ضخمة بل من الأحسن أن تبادر به المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وسوقه الاستهلاكية معتبرة، سواء في السوق الجزائرية أو الاقليمية. وأوضح بلعروسي أنّهم متعامل جديد في السوق الجزائرية أي منذ حوالي سنتين ولديهم العشرات من العمال ويسهرون على توفير أحسن منتوج.
بينما دحماني منير عن مؤسسة سايسفورت المختصة في برمجة الاعلام الآلي، يرى أنّ هذا القطاع عوّلت عليه وتعوّل عليه العديد من الدول الناشئة في تنمية الاقتصاد، وأفاد أنّه من شأن البرمجيات التي يعكفون على صناعتها تطوير أداء الادارة وتنظيم جميع القطاعات من خلال برامج تسيير المستخدمين التي تخفّف على الادارة الملفات، وتنظّم آدائها وتمنحها إحصائيات مستمرة وفي القطاع الخاص تساهم في تنظيمه وتمنحه المعلومات ليواكب بصورة منظمة التطورات والتغيرات التي تعرفها المؤسسة الانتاجية والسوق في وقت واحد. وقال أنّ لديهم أزيد من عشرة عمال، وإنتاجهم محلي ويغطّون نحو 10 بالمائة من طلبيات السوق الوطنية للبرمجيات، وفي العاصمة ذكر أنّ وجودهم مكثّف لا يقل عن 30 بالمائة. وخلص إلى القول في هذا المقام أنّ البرمجيات التي يقدّمونها تمنح المؤسسة السرعة والفعالية في الآداء وتنظيما أكبرا، وتعمل على رفع رقم أعمالها وحجم استثماراتها.
وأوضح عبد الرحمان بن حمادي الرئيس المدير العام لمجمع كوندور إلكترونيكس، أنّهم تمكّنوا من تغطية السوق الوطنية بنحو 10 بالمائة ،ويطمحون للتموقع الجيد ومواكبة تغيرات هذه السوق، على اعتبار أنّ سوق الهاتف النقال تتغير وتتطور كل أربعة أشهر، إلى جانب تقنيات وأجهزة الإعلام الآلي تفرض تحسينا حتى تكون في مستوى تلك التي تعرض في السوق الدولية. ويعتقد الرئيس المدير العام لكوندور أنّ العديد من الدول تمكّنت من خلق الثورة من خلال هذا القطاع الحيوي، وتحدّث عن استمرار مجمعه في اقتحام السوق الجزائرية ومواصلة رهان التصدير لدول عربية وإفريقية، لأنها شرعت في ذلك مع تونس وتتفاوض مع دول إفريقية. ووصف بن حمادي السوق الوطنية بالمغرية، ويتطلّع لكي ينافس مجمعه المنتوج الأجنبي في البداية في السوق الوطنية ثم في الأسواق المجاورة، ومن خلال التصدير يمكن جلب العملة الصعبة. ولم يخف أن النسيج الصناعي للقطاع يعد من تحديات المرحلة المقبلة للمساهمة في إنعاش وتنمية الاقتصاد الوطني.
