ترقّب كبير من أجل إنعاش أداء النسيج الصناعي في المرحلة المقبلة عن طريق مضاعفته، وبدرجة أولى الرفع من تنافسيته وتنويع إنتاجه بشكل سريع لا يتقبل تضييع المزيد من الوقت، لذا يتطلّب تطبيق الإجراءات التي تتّخذ على أرض الواقع. ويعوّل كثيرا الاعتماد على الابتكار، والاستفادة من الأموال التي رصدت أو أنفقت لوضع المؤسسة الانتاجية خاصة تلك الناشطة في القطاع الصناعي في سكة المسار التنموي، سواء المستفيدة من التأهيل أو من قروض دعم الاستثمار، وكذا من تحفيزات في السوق الانتاجية، وإن كان يعوّل مستقبلا على الصناعات الإلكترونية والبرمجيات، وتلك التي لديها علاقة وطيدة بالابتكار، والصناعات الغذائية التي من شأنها أن تشجّع الانتاج الفلاحي.
إنّ المنظومة الصناعية التي ينتظر أن تشارك في المعركة التنموية وفرض نفسها في السوق الوطنية ثم عبر الأسواق الإقليمية والدولية، يفترض أن تغتنم الفرصة لتبنّي خيار النّجاعة الذي يحرّر الاقتصاد الوطني من تبعية المحروقات.
وحتى ينجح هذا القطاع الحيوي في تطوير أدوات الانتاج التي ترتقي كذلك من خلال تعميق وتكثيف الاستثمار، فالصناعات الصغيرة للالكترونيات والبرمجيات تعتمد عليها الدول الناشئة، والتي تفتح للشباب مناصب شغل وورشات يسهل ربطها مع الجامعة ومراكز البحث العلمي التي تنشط في معزل عن المؤسسة، لكن العناية بالابتكار قادر على خلق منتوجات منافسة يسهل تسويقها ويكثر عليها الطلب لدى الزبائن المحليين ثم الدوليين.
وتؤكّد المؤشّرات على ضوء احصائيات الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار، أنّه يمكن الانطلاق من قطاعات بديلة عن الصناعات الثقيلة كبداية لعودة الانتاج الوطني للأسواق على غرار قطاع النسيج والجلود والبلاستيك والتعدين، وما إلى غير ذلك.
ويتوقّع حسب مخطط إعادة الهيكلة أن يتم تسجيل زيادة في رقم أعمال قطاع النسيج والجلود بـ 38،5 مليار دينار إلى غاية نهاية 2014، عكس 26،4 مليار المسجلة خلال سنة 2009، بمعدل نمو سنوي يقدر بـ 10 بالمائة. وينتظر في نفس الوقت تعبئة خلال المرحلة الأولى قيمة إستثمارات لا يقل حجمها عن8.2 مليار دينار قصد تطوير مرافق الإنتاج لبعض الشركات.
أما بالنسبة للجلود الخام الكاملة، تم الوصول إلى 3080 طن، أي ما قيمته 2.27 مليون دينار، أما بالنسبة للأغطية فتبلغ 40 مليون طن.علما أنّ عدد المشاريع المسجلة لدى الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار للفترة الممتدة ما بين 2002 و2012 للنسيج والالبسة قد قدّرت بـ 160 مشروع. ومن المقرر أن يعرف هذا القطاع انتعاشا في السنوات القليلة المقبلة خاصة من خلال الانفتاح على الشراكة الأجنبية على غرار الأتراك والإسبان.
أما في مجال التعدين فبلغ عدد المشاريع المسجلة في نفس الفترة، ما لا يقل عن 835 مشروع، ويتعلق الأمر بكل من الصناعة النسيجية والبلاستكية والتعدين، الذي يضم عدة نشاطات غير صناعية مثل استخراج المعادن الخالصة وإعادة رسكلة المعادن وصناعة المواد الخامة بواسطة آلات تصفيح المعادن، وتحويل المواد الخامة إلى نصف مصنعة، كالأنابيب والصفائح الرقيقة، وصناعة مواد مصنعة لمجال الصناعة والبناء والنقل والأشغال العمومية، بالاضافة إلى انتاج الفولاذ والألمنيوم.وفي مجال صناعة البلاستيك، بلغ حجم المشاريع المسجلة في نفس الفترة 836 مشروع.
وبالموازاة مع ذلك، تمّ تسجيل نحو300 متعهد من الباطن في قطاع السيارات، أغلبهم ينشطون مع الشركة الوطنية للسيارات الصناعية ويندمجون في قطاع الميكانيك الذي بلغ رقم أعماله بـ 32 مليار دينار 16000 منصب شغل، علما أنّ ثلثي المواد الأولية مستوردة، حيث تستورد المواد المضافة رغم سعرها المكلف، ويناهز استهلاك المواد البلاستيكية بـ 1 مليون طن سنويا.
ويرشّح أن يعرف قطاع الميكانيك انتعاشا أكبر في غضون السنوات القليلة المقبلة بفضل الشراكة مع الأجانب على غرار مصنع رونو لتركيب السيارات.
وتبقى المتابعة والجدية في تجسيد المشاريع وتشجيع روح المنافسة وسط المنتجين، وتقييم أداء المنظومة الصناعية وتشريح نقاط القوة والضعف، واستغلال الثروة البشرية والباطنية قادر على شق مسار تنموي فعلي في مجال الصناعة التي تعد قاطرة التنمية، وينبغي متابعة أداء كل مؤسسة ودعم كل من تسجّل نموا وتغيير استراتجية تلك التي تجد صعوبة في التموقع داخل الأسواق، وتغيير مسيّرها والاعتماد على الكفاءات خاصة منها الشابة، ويكون المعيار من يحقق نموا وتموقعا أكبر، لأنّ الدّعم والتّحفيز الذي لا يرفق بمتابعة لن يكون له أي فائدة.