جودة البترول الجزائري وأفضليته تواجه منافسة النفط الصخري الأمريكي
إذا كانت جودة البترول الجزائري تعطيه أفضلية، فإن الأمر ليس كذلك اليوم مع المنافسة التي يفرضها النفط الصخري الأمريكي كما يشير إليه الخبير توفيق حسني، موضحا أن احتياطي النفط ضئيل مقارنة بما لبلدان منتجة أخرى تضاف إليها ظهور في حوالي 7 بلدان افريقية تتجه لإنتاج الذهب الأسود. أمام هذه الوضعية فإن البديل الوحيد الذي تنتهجه بلادنا أن تحرض على الدفاع عن معادلة الأسعار، بحيث يتطلّب تلبية الاحتياجات بالحجم الراهن ما لا يقل عن سعر 120 دولار للبرميل، في وقت يمرّ فيه سعر الغاز بمرحلة صعبة تساهم فيها المنافسة من الغاز الصخري الأمريكي والغاز الروسي والقطري، علما أن الغاز الصخري الجزائري ليست له مردودية كما يضيف الخبير.
تجدر الإشارة إلى أن نجاح الصخري في أمريكا يتعلّق بالبترول فقط، وتتشكل تركيبة إنتاج المحروقات من الصخري بين 80 بالمائة بترول و20 بالمائة غاز. وتمثلت إستراتيجية أمريكا في وضع كل الأعباء على النفط، مما سمح لهم بتخفيض سعر الغاز إلى المستوى الحالي وهو ما يفسر عدم إمكانية تطبيق النموذج الأمريكي في الجزائر. لذلك ينبغي إدراك أهمية تنويع اقتصادنا وفي أقرب وقت، خاصة وأن للجزائر موارد أخرى لإنجاز التحوّل. وفي قراءة لمؤشرات السوق العالمية للمحروقات في ظلّ تطورات مكافحة انبعاث الغازات والتغيرات المناخية، أشار حسني إلى أن المنافسة التي تحملها الطاقات المتجدّدة في مواجهة البترول والغاز سوف تكون التهديد الرئيس للوبيات البترول والبلدان المنتجة.
لوبيات البترول في العالم لديها ما يعادل 25 ألف مليار دولار من الأصول وتنفق أكثر من 200 مليار دولار لمواجهة الطاقات المتجدّدة
تحوز لوبيات البترول في العالم ما يعادل 25 ألف مليار دولار من الأصول وتنفق أكثر من 200 مليار دولار لمواجهة الطاقات المتجددة، في وقت سجل فيه تأثير السكان على هذه اللوبيات (شركات النفط العالمية الكبرى) من خلال تخصيص مساعدة لحماية البيئة بغلاف 190 مليار دولار في السنة. كما لا تتوانى البلدان المنتجة للبترول في كبح الطاقات المتجددة. غير أن كل هذا ـ كما يفسره الخبير ـ لا يمنع بتنمية الحركية الكهربائية، ذلك أن استغلال النقل الكهربائي يعدّ نشاطا منافسا للنقل التقليدي بمحركات وقود، إلى درجة أن الكلفة تعتبر منخفضة مما دفع بأمريكا إلى تطبيق رسوم على السيارات الكهربائية المستوردة من الصين. ويذكر أن نموذج السيارة الكهربائية الأمريكية «تيسلا» الأكثر مبيعا في أوروبا وأمريكا تعرف بعض الصعوبات في التموين بالمواد النادرة، فيما تعتبر الصين أكبر منتج في العالم للمواد النادرة التي تستعمل كسلاح، وقد وضعت الصين نظام حصص لتصدير هذه المواد.
أمريكا أول منتج عالمي بـ 12 مليون برميل/يوم،وفي 2018 حققت رقما قياسيا في التصدير لمجمل المنتجات النفطية بـ 5،6 ملايين برميل /يوم
وينبغي التذكير بأن إستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية من خلال مراقبة سوق الطاقة ترمي الى فرض هيمنة عالمية على الأسواق مع الدولار، فيما تعتبر أهم الأسواق متواجدة في آسيا. لقد تحوّلت أمريكا إلى أول منتج عالمي للبترول بـ 12 مليون برميل /يوم، وفي 2018 حققت رقما قياسيا في التصدير لمجمل المنتجات النفطية فبلغت 5،6 ملايين برميل /يوم وترمي إستراتيجيتها كما يوضح الخبير إلى الاحتفاظ بهيمنتها على السوق البترولية بل السعي لإرساء مراقبتها على العربية السعودية ثاني أكبر منتج عالمي، وعندها تصبح منظمة البدلان المصدرة للنفط مجرد هيكل فارغ، ولذلك كان عليها لبلوغ هدفها المحوري أن تسعى إلى تحطيم البلدان المنافسة الأخرى مثل إيران، العراق، سوريا وليبيا
أما بالنسبة لفنزويلا التي تعتبر حالة خاصة كونها منتج رئيس للنفط الثقيل، والمصافي الأمريكية في معظمها مصممة لمعالجة هذا الصنف من النفط أي الثقيل، بينما النفط الصخري الأمريكي فإنه من الصنف الخفيف، ومن أجل تلبية احتياجات السكان الطاقوية وكذا الطلب الذي تعبر عنه الصناعة، لجأت أمريكا إلى تخفيض كلفة الطاقة إلى حدّ سقف مردودية المحروقات الصخرية. للعلم فإن النفط البحري يتطلّب سعرا لا يقل عن 70 دولار/برميل مما يفسر بقاء سعر النفط ضمن حدود 60 إلى 70 دولار/برميل.
احتياطات السعودية تسمح لها بمواصلة الإنتاج خلال 70 سنة بنفس الوتيرة الحالية بكلفة 6 دولار/برميل فقط
مؤشر آخر يؤثر في سعر النفط يتمثل في مستوى المخزونات، التي بقيت بالنسبة للخام والوقود مرتفعة في الفترة السابقة رغم النزاعات والحصار المفروض على عدد من البلدان. ويضيف محدثنا مفصلا في الموضوع، أن عدد الآبار التي تمّ حفرها من النفط الصخري ولم تكتمل بلغ 8504 بئر في فيفري 2019 ، فيما الغاز الذي يتجاوز القدرات التقنية لاحتوائه من السوق يتمّ حرقة بكل بساطة، وبالسعر 7،2 دولار لوحدة متر مكعب نظير البترول ليست له مردودية في التسويق، ولذلك تطلب إنتاج النفط انجاز خطوط أنابيب جديدة للنقل والتصدير، وتوصلت أمريكا إلى تحديد سعر مرجعي لنفط «بيرميان» (حوض بيرميان هو منطقة غنية بالنفط عمره 250 مليون سنة ويمتد على غرب تكساس وجنوب شرق المكسيك الجديد بأمريكا والمنطق هذه تعد مركز الصناعة الأمريكية). وهو سعر أقل بـ 10 دولار عن سعر برميل «برنت» مما أعطى أمريكا القدرة على منافسة «برنت» في السوق الأسيوية ويغطي الفارق كلفة النقل.
هكذا يتبين أن أمريكا لها إستراتيجية سوق أكثر تلك التي ترتكز على الدفاع عن الأسعار، وهو نفس سلوك السعودية لاعتبارات أخرى، فالبلدان يتوفران على احتياطيات ضخمة، بل أن السعودية رغم نفقاتها الهائلة لتمويل الحرب في الخليج إلا أنها تتجاوز في مجال الفائدة أحسن مداخيل أفضل شركاتها. وتسمح لها احتياطاتها بمواصلة الإنتاج خلال 70 سنة بنفس وتيرة الإنتاج الحالية وكلفة الإنتاج تكون بمعدل 6 دولار لبرميل واحد فقط.