يعاني ساحل البحر المتوسط من عدة ظواهر متكرّرة ناجمة عن تقلبات طبيعية لها تأثير قوي على الحيوانات والنباتات البحرية، وبالأخص على مستوى النظم الايكولوجية الساحلية. ولا يعد الساحل الجزائري استثناء ذلك أن العديد من السكنات والأنظمة الايكولوجية تخضع للتآكل، الناجم عن النشاطات البشرية من تلوث وعمران متوحش يهدّد الشريط الساحلي. وهناك صور لموانئ الصيد (تلوث واسع النطاق) تبعث على القلق ولا يمكن تجاهلها لما تعكسه من سوء حال البيئة البحرية.
إن أول المدركين لهذا الخطر هم العلماء في هذا المجال، في ظلّ وضعية تستدعي للحرص على اعتماد نظام صيد مسؤول. وهنا تفرض إجراءات نفسها ليس من باب الممنوعات أو معاقبة مستغلي البحر، وإنما من أجل حماية البحر من خلال العمل بذكاء عن طريق إقحام المهنيين قصد التوصل إلى إقامة توازن اقتصادي بين استعمال البحر واستغلال الموارد وحمايتها.
وتحمل طبيعة تصرف الصياد مع بيئته البحرية التي يستغلها مدى إدراكه لأهمية سلوكه المهني، علما أن هناك سلوكات غير جيدة يجب أن تختفي عن قناعة من أصحابها، مثل استعمال وسائل مثل أكياس الرمل والحجارة لشدّ الشباك إلى عمق البحر وإهمالها وعدم الاكتراث لنفايات يصادفها على سطح البحر دون أن يرفعها ويخرجها من أجل رسم توجّه متكامل لبلوغ هذا الهدف احتضنت مديرية الصيد البحري والموارد الصيدية لولاية الجزائر مؤخرا (2 ماي الجاري)، يوما إعلاميا حول تحسيس بمسؤولية الصياد في حماية بيئته عن طريق مشاركته في رفع كل ما يعلّق بشباكه من مختلف النفايات وهي مهمة لها تأثيرها في المديين المتوسط والبعيد.
اللقاء جرى بالتنسيق مع جمعية «هوم» التي تنشط في مجال حماية البيئة البحرية. وشارك في الندوة مختلف المتدخلين يتقدمهم صيادون من ولايات الجزائر، تيبازة وبومرداس وكذا جمعيات إلى جانب متخصّصين من مؤسسات تكوين في الصيد البحري ومؤسسات تنشط في تنظيف المحيط ورفع النفايات.
النفايات التي يتسبّب فيها الإنسان تتشكّل أساسا من نفايات البلاستيك المهملة في الطبيعة يعثر عليها في البحر أو الساحل. ويعد البلاستيك سببا في حدوث كارثة بيئية تهدّد الأنظمة البحرية وصحة مستهلك ثروات البحر علاوة على كلفتها الاقتصادية. للعلم توجد مواد بلاستيكية تنزل إلى العمق، حيث تستقر مخلفة دمارا بيئيا وأخرى تسبح على السطح.
وهنا تبرز أهمية التحكم في تسيير مواقع النفايات ومراكز معالجتها، علما أن الحيوانات البحرية هي أول متضرّر خاصة بالنسبة للأسماك «النبيلة» مثل الدلفين والحوت الكبير جراء ابتلاع مواد بلاستيكية منها ما تجرفه التيارات من المحيطات ومن مواقع بعيدة عن المنطقة المعنية.
وخلص اللقاء إلى اعتبار التكوين الموجّه للصيادين بخصوص استعمال وسائل الصيد والحرص على استرجاعها أفضل سبيل لتحقيق تقدم في هذا الشأن، فالتكوين له أهمية كبيرة شرط أن يعتمد على برامج مركزة موجهة إلى عالم الصيادين وملائمة لمتطلبات مهن الصيد. ويعتبر تحفيز مشاركة الصيادين في مثل هذه الورشات مع توسيع مجال التوعية إلى وسائل الإعلام منها الإذاعات المحلية للولايات الساحلية على وجه التحديد، بتقديم نصيحة كل يوم تثير اهتمام الصياد في مجال التعامل مع البيئة البحرية.