الحراك جاء من أجل استعادة القيمة الاقتصادية للعمل
اعتبر أحمين شفير أستاذ العلوم الاقتصادية أن الجزائر لديها جميع الإمكانيات والمقدرات، التي تسمح لها بتحقيق انتقال سلسل ومنظم إلى مرحلة آمنة يثمن فيها العمل، حيث يعتمد فيها على الكفاءة والإبداع، علما أن مختلف الفرص يرى بأنها مازالت قائمة من أجل بناء الجزائر بسواعد جميع المواطنين وتسييرها بأياد نظيفة وضمائر نزيهة، وحمل الفساد والمتورطين فيه مسؤولية إفراغ وكسر كل إرادة فعالة وتثبيط العزائم لدى الشباب الخلاق والمبدع.
أبدى الخبير الاقتصادي وأستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة الجزائر أحمين شفير، تفاؤلا كبيرا بقدرة الجزائريين على تجاوز الوضع الراهن، والانتقال بشكل سلسل ومنظم إلى مرحلة أفضل، يتفرغ فيها لاستكمال معركة بناء الاقتصاد وتنويعه خارج الثروة النفطية، وحول كيفية استعادة قيمة العمل في ظل الحراك السلمي الحالي وأمام التحديات الاقتصادية المصيرية التي تحمل تهديدات للنمو الاقتصادي، ومن ورائه تهدد مكاسب عالم الشغل، اعترف متأسفا أن قيمة العمل غيبت طيلة سنوات، والحراك الأخير كان قد رفع شعارات مناهضة للفساد ونهب المال العام، وجاءت واضحة في انتقاداتها وسخطها على المتسببين في الفساد الاقتصادي وتهريب الأموال وتبذيرها، والشعارات من الناحية الاجتماعية، ذكر انها تحمل كذلك تذمرا ضد الفساد الذي أفرغ العمل من قيمته الحقيقية، على خلفية أن التعيينات والمسؤوليات تتم على أساس الولاء الاجتماعي والسياسي والعائلي، وجاء هذا الحراك من أجل استعادة قيمة العمل أي إعادة مسار البلد إلى الطريق الصحيح وعلى السكة الاقتصادية الفعلية، أي تنتج الثرة بقوة العمل وليس على أساس الريع، ومن ثم تحقيق تطور اقتصادي منتج والذي لن يتجسد بالفعل إلا بتنظيم العمل واستعادة قيمة العمل على أرض الواقع، وإعادة الاعتبار للكفاءات وتثمين القدرات، وبالتالي يبنى المجتمع على أساس قيمة العمل، حيث يطبق فيها نظام المكافأة لمن أحسن في عمله وضحى واحترق من خلال ترقيته، ومعاقبة كل من ثبتت في حقه سلوكيات المفسد، وليس من يسرق يرقى أو يترك في منصبه.
يعتقد الدكتور شفير أن الحراك الشعبي السلمي الذي أبهر العالم بتحضره وتنظيمه وسلميته جاء من أجل استعادة قيمة العمل، خاصة أنه حافظ على مختلف الخدمات حيث الاقتصاد لم يتوقف وحركيته متواصلة بشكل طبيعي وعادي، ولأنه لم يسجل أي إضراب أو تعطيل للآلة الإنتاجية. وبالموازاة مع ذلك وتزامنا مع الفاتح ماي اليوم العالمي للشغل، قال الدكتور أحمين شفير أنه ينبغي تثمين أن العمال الجزائريين لم يسقطوا في فخ الإضراب أو يستدرجوا نحو أعمال تخريب تقود إلى تحطيم المكتسبات، بل تحلوا بمستوى عال من الوعي والنضج وانتهجوا السلمية التي ظلوا متشبثين بخيارها إلى اليوم، بل ومازالوا منظمين وهذا ما يبث الراحة في نفوس الجزائريين الذين ينشدون التغيير نحو الأحسن، وإلى جانب ذلك يمنحهم الأريحية في تحقيق الانتقال السياسي السلس والمنظم والناجح.
وفيما يتعلق بنقاط قوة التغيير الصحيح والسلمي والفرص القائمة التي من شأنها أن ترفع الجزائر إلى وضع اقتصادي واجتماعي أفضل ومركز وتموقع تستحقه، تحدث أستاذ العلوم الاقتصادية أحمين شفير بلغة تحمل الكثير من التفاؤول، حيث أكد أن الجزائر تعد من البلدان التي ليس لديها مديونية خارجية، وبالتالي لا يمكن لأي طرف خارجي الضغط عليها بإملاءات خارجية، ولا يمكن مساومتها بأي ورقة ضغط، وهذا حسب تقدير الأستاذ يمكنه أن يمكنها في عبور المرحلة الانتقالية بنجاح كبير، وبالنسبة للعامل الثاني أوضح الدكتور أن احتياطي الصرف يناهز في الوقت الحالي حدود 80 مليار دولار، وتعد موارد مالية معتبرة لو انتهجت فيها الرشادة في الإنفاق، وينتظر أن يضاف إليها العمل الجاد في مختلف المواقع، ومن ثم تفعيل المنظومة الجبائية من خلال التحصيل الجبائي الجيد، ويرى أحمين شفير أن للجزائر خزان من العملة الصعبة يغطي مدة 3 أو 4 أعوام المقبلة، وخلص الدكتور إلى القول أن جميع المؤشرات تبعث على الأمل والعديد من المعطيات تعد جد إيجابية، وما على الجزائريين سوى العطاء بجدية ونزاهة في إنعاش اقتصادهم وبناء بلادهم