حرب باردة تلوح في الأفق

بكين تستخدم «سلاح الاقتصاد» بوجه تحالفات واشنطن

في الأعوام الأخيرة، لم تخفِ الصين غضبها من بعض الدول الأخرى، حيث كانت تعرب عن ذلك الغضب في بعض الأحيان من خلال تغريدات وخطابات لدبلوماسيين من الشباب، وفي أحيان أخرى من خلال المقاطعات غير المعلنة رسميا، والملاحقات القضائية ذات الدوافع السياسية.
وفقا لما نقله موقع «الألمانية» عن «بلومبيرج»، فإن الصين أعلنت اعتزامها الاعتماد على اقتصادها الهائل كسلاح، وسيكون الوصول إلى المستهلكين الصينيين والأرباح من الأسواق المالية في البر الرئيسي، والاستثمار في البنية التحتية، مشروطا جميعا بسلوك وخطاب الدول الشريكة، الأمر الذي يعزز الحرب الاقتصادية الباردة الجديدة.
ووجد عديد من أعضاء التحالفات التي شكلتها الولايات المتحدة أنهم صاروا الطرف المتلقي، ومن بينهم كوريا الجنوبية وكندا، وحتى النرويج المعروفة باعتدالها، ومع ذلك، فإن الانتقادات التي وجهها مسؤولون صينيون إلى أستراليا هذا الأسبوع تمثل تصعيدا ملحوظا.
القائمة الشاملة
وكانت الانتقادات صريحة بصورة صادمة، حيث قدمت السفارة الصينية في كانبرا للصحافيين قائمة تضم 14 طريقة أخطأت أستراليا من خلالها، وقد كانت القائمة شاملة، حيث استشهدت بكل شيء، بداية من العقبات التي أثيرت تجاه الاستثمارات الصينية في أستراليا، وصولا إلى تمويل الحكومة الاتحادية إلى المراكز البحثية التي توجه انتقادات.
من جانبه، رد سكوت موريسون رئيس الوزراء الأسترالي على قائمة الشكاوى من جانب السفارة الصينية في كانبرا، قائلا «إن البلاد ستواصل العمل بما يخدم مصالحها ولن تغير سياستها»، وتم تسريب ملف يضم قائمة من 14 شكوى إلى وسائل إعلام من قبل سفارة الصين في كانبرا الصينية، بعد أن وقعت أستراليا واليابان في الأسبوع الماضي اتفاقية دفاع تاريخية.
ويتهم الملف موريسون بـ»تسميم العلاقات الثنائية» بوقوفه مع حملة الولايات المتحدة ضد الصين و»إطلاق حملة تستهدف علاقات الصين بتايوان وهونج كونج». وبالنظر إلى أن الصين قد بدأت بالفعل في تقييد استيراد مجموعة واسعة من المنتجات الأسترالية، فقد كان التهديد صريحا بالقدر نفسه.
وقال أحد المسؤولين الصينيين لصحافي في كانبرا، «إن الصين غاضبة، إذا جعلت الصين عدوا، فإن الصين ستكون عدوا». وأشارت وكالة «بلومبيرج» إلى أن الأمر سيجعل كثيرا من الأستراليين يشعرون بالقلق، حيث إن نحو ثلث صادرات البلاد من السلع والخدمات يذهب إلى الصين.
وتوترت العلاقات بين الصين وأستراليا بشكل متزايد هذا العام، بعد أن أيدت كانبرا دعوات من جانب الولايات المتحدة لإجراء تحقيق في أصول جائحة فيروس كورونا.
شريك موثوق به
وفي الوقت نفسه، قد يتفق كثير من المسؤولين التنفيذيين من شركات التعدين ومصدري المواد الغذائية وما شابه مع جوش فرايدنبرج وزير المالية الأسترالي، الذي قال قبل أن تصدر السفارة قائمتها، «إن الانفصال عن سلاسل التوريد المتمركزة في الصين ستكون له تكاليف اقتصادية ضخمة»، مشيرا إلى أنه من الممكن أن يتم العمل مع الصين بدلا من ذلك.
ويظهر رد فعل الصين تجاه مناشدة فرايدنبرج من أجل تخفيف حدة التوتر، مدى احتمال حدوث ذلك. ومن المؤكد أن ممارسة الضغط على الصادرات الأسترالية بينما تمر البلاد بأول فترة ركود اقتصادي لها منذ 30 عاما، ليس هو الأمر الذي يقوم به شريك موثوق به.
في المقابل، سيؤدي ذلك إلى إثارة حجج جديدة داخل تلك الدول، حيث سيصطف رأس المال المتحالف مع المصدرين و»الحمائم» الصينيين، أمام ليبراليي السوق المتحالفين مع المنتجين المحليين و»صقور» الأمن القومي.
وفي الواقع، فإن الحجة المتعلقة بتنويع أسواق التصدير وسلاسل التوريد، بالنسبة إلى كثير من الشركاء التجاريين للصين وليس لأستراليا فحسب، صارت أكثر إقناعا اليوم مما كانت عليه في الأسبوع الماضي، فيما يتعين على الصين أن تتذكر أنه من الممكن أن يستمر الاحتياج في الاتجاهين.
وعلى صعيد آخر، فإن «الخيار النووي» بالنسبة إلى أستراليا، هو تعليق صادرات خام الحديد - التي تعمل على دفع عجلة صناعة الصلب في البر الرئيسي - إلى الصين. وسيكون هذا «الخيار النووي» أقوى، إذا لم تكن الصين قريبة من السيطرة على منجم «سيماندو» لخام الحديد في غينيا، الذي يعد واحدا من أكبر احتياطيات خام الحديد العالي الجودة في العالم.
ويجب أن يكون هذا درسا لشركاء الصين التجاريين، حيث إن إيجاد أسواق خارج الصين، أو العثور على موردين أكثر كفاءة من هولاء الموجودين في البر الرئيسي سيتكلف أموالا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024