اتّفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي

الجــزائــــــــر في حاجــــة للـــــــــرفـع من قدرتها الاستيعابيــة لبرامج دعم تنـــافسيــــة المــــــــؤسّســــات

عبد القادر مشدال أستاذ جامعي مختص في التنمية

إعادة النظر في اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي أمر أساسي بالنسبة للطرف الجزائري، على اعتبار أن الضغوط التي يكتنفها من حيث فرض آجال للفتح الكامل للسوق الجزائرية أمام المنتجات الأوروبية، لا يخدم توجه السلطات العمومية في الجزائر التي تريد الحفاظ على احتياطات الصرف المتوفرة حاليا لخدمة التوجهات الجديدة الداعمة للإنتاج الوطني والحد من الاستيراد، كسبيل لدعم قدرات النمو في الاقتصاد.
فالرقم الذي يطرح على أنه خسارة تكبّدتها الجزائر بمستوى 15 مليار دولار جراء الإعفاءات الجبائية الممنوحة لبعض المنتجات الأوروبية، هو في الحقيقة مستوى جديد من العجز التجاري الذي واجهته الدولة جراء عدم قدرة منظومتها الاقتصادية على فرض تموقع المنتجات الوطنية على مستوى السوق الأوروبية، إما لنقص الإنتاج الوطني القابل للتصدير وفي بعض الأحيان انعدامه، أو لاعتبارات تطبيق الطرف الأوروبي للحواجز غير الجمركية أي كل ما تعلق بالمقاييس الأوروبية، وعندما يتوفر المنتوج القابل للتصدير فالإمكانيات اللوجيستيكية لا تتماشى مع حجم التدفقات من السلع التي يمكن أن تصدر للسوق الأوروبية، ولا تسمح باحترام آجال التسليم أمام زبائن يشتغلون في إطار مقاييس دولية. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإنتاج التمور ذات الجودة والمطلوبة في الأسواق الخارجية، يعجز الطرف الجزائري على تصديره حسب شروط الأسواق الموجه إليها ممّا يجعله عرضة للبيع بأسعار ضئيلة في صالح متعاملين من دول الجوار، الذين يتولون تصديره من بلدانهم وبوسم دولتهم.
المشكلة الأساسية الأخرى التي تطرح بالنسبة لاتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي تتعلق بسوء أداء برامج التأهيل الموجهة للرفع من القدرة التنافسية للشركات الجزائرية، حيث أن عدد المؤسسات التي انخرطت في مثل هذه البرامج ضئيل جدا لا يتعدى حدود 5 % من العدد الإجمالي المستهدف من الشركات، في حين أن عدد المؤسسات التي تستفيد فعليا من البرنامج حتى نهايته ينزل عن هذا المستوى. فإذا كانت المسألة تتعلق بعدم كفاية برامج المرافقة المقترحة من الطرف الأوروبي، فإن هذا الأخير وفي تقارير رسمية، يشتكي من كون أن الطرف الجزائري يبدي قدرات ضعيفة في استيعاب المشاريع المطروحة لدعم الشركات، حيث أن الأغلفة المالية المرصودة غالبا ما تبقى دون استخدام من قبل الجزائريين، وهو ما يعد ضعفا هيكليا لا يسمح بالتقدم في طرح مبادرات جديدة للرفع من أداء المؤسسات الجزائرية وتنافسيتها.
تلك هي الظروف التي تجعل القيادة الجديدة في الجزائر تلح على إعادة النظر فيما تم تطبيقه إلى حد الآن في هذا المجال، مع إصرارها على الحفاظ على مستوى من التعاون المتميز مع الاتحاد الأوروبي. ..

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024