يسترجع اليوم وككل سنة سكان ولاية بومرداس الذكرى العاشرة لزلزال ٢١ ماي ٢٠٠٣ الذي ألم بالمنطقة وأدخل مواطني الولاية في حزن عميق وحالة هيستريا وهلع كبيرين، بالإضافة إلى نتائج وخيمة وخسائر بشرية ومادية معتبرة قدرت بحوالي ١٥٠٧ قتيل حسب تقرير خاص بالزلازل، ١٢٤٥٠ جريح و١٧٠ ألف شخص بدون مأوى، وكذا تهدم ١٧٢٠٠ بناية بصفة كلية و٥٦٠ محل تجاري و١١٦٠ تاجر منكوب بقيمة اجمالية للخسائر قدرت بحوالي ٣ ملايير دولار.
تبقى ذكرى زلزال ماي ٢٠٠٣ حاضرة بقوة في الذاكرة الجماعية لمواطني ولاية بومرداس بالنظر إلى حجم الكارثة النفسية والاجتماعية الراسخة في نفوسهم إلى اليوم كأول تجربة فظيعة يمتحن فيها المواطنون والسلطات المحلية والولائية التي تفتقد للتجربة والخبرة في طريقة التعامل مع مثل هذه الحالات الطارئة وغياب مصلحة متخصصة في إدارة الأزمات والكوارث الطبيعية الكبرى.
إلا أن الدولة وكافة الهيئات الاجتماعية والإنسانية لم تبخل على السكان بمساعداتها المادية والمالية، حيث نظمت عشرات القوافل باتجاه الولاية من مختلف مناطق الوطن، كما تلقى المنكوبون الذين تضررت سكناتهم تكفلا خاصا من طرف الدولة، خاصة في مجال إعادة إسكان آلاف المنكوبين التي كلفت الخزينة العمومية أكثر من ٧٨ مليار دينار لإعادة ترميم السكنات المتضررة، وتوفير مأوى للمنكوبين باللجوء إلى تنصيب أكثر من ٩٠ موقع للشاليهات احتوت على قرابة ١٥ ألف سكن جاهز. في حين استفادت فئة واسعة أخرى من مساعدات مادية مباشرة لإعادة بناء سكناتهم المصنفة في الخانة الحمراء ٥ وصلت الى ١٠٠ مليون سنتيم و٧٠ مليون سنتيم بالنسبة للسكنات المصنفة في الخانة البرتقالية ٤ و٤٠ مليون سنتيم للبرتقالي ٣ و٢٠ مليون سنتيم للخانة الخضراء ٢ وغيرها من المساعدات الأخرى الهادفة إلى مسح أثار الفاجعة التي ألمت بالمواطنين في نكبة غير مسبوقة يضاف إليها الصدمات النفسية التي تعرض لها عشرات الأشخاص منذ ذلك التاريخ خاصة بالنسبة للعائلات التي فقدت عزيزا عليها وبالتالي أصبح مجرد محاولة فتح صفحة من تلك المأساة يثير الكثير من الحساسية وعدم القدرة على استرجاع تلك اللحظات المؤلمة.
وبعد مرور عشر سنوات من النكبة التي بدت في البداية أزمة وطنية عابرة، تنتهي بانتهاء أثارها الاجتماعية بإعادة إسكان المنكوبين وتقديم إعانات للأشخاص الذين تضررت مساكنهم بناء على الخبرة المقدمة من طرف مركز المراقبة التقنية للبناء، لا تزال حسب مصادر محلية ٣٣٣ عائلة منكوبة تنتظر الإسكان في حين قدرتها مصادر بديوان الترقية والتسيير العقاري لبومرداس بـ٢٧١ عائلة بعد إسكان ٧٣٧٥ عائلة عبر العديد من الصيغ السكنية، مع إزالة وتحطيم ٥٣٥ شالي في مناطق من الولاية خاصة حي المرملة من أصل ١٤٩٩٧ شالي، ٦٠ شالي اتلف بسبب الحرائق، بالإضافة إلى وجود ٧٠ مؤسسة تربوية من السكن الجاهز على مستوى مواقع الشاليهات.
لكن المشكل الذي حدث بالولاية هو تحول ملف الزلزال وخاصة بالنسبة للشاليهات إلى اكبر معضلة وتحدي للسلطات المحلية التي لم تعالج سريعا القضية من جذورها، بل تركت للزمن الذي تولد عنه مشاكل عديدة بعدما تحولت السكنات الجاهزة إلى عملية بزنسة في أيدي بعض الانتهازيين الذين لا علاقة لهم بالمنكوبين، وورقة ضغط للحصول على سكنات اجتماعية نتيجة استفادة العديد من الأشخاص اغلبهم من خارج الولاية من قرارات استفادة أو شراء لشالي بأسعار مختلفة، الأمر الذي صعب من عملية إحصاء المنكوبين الفعليين وحتى الحالات الاجتماعية الحقة، مع تشويه عام لصورة الولاية ومدنها بعدما تحولت هذه المواقع الى احياء للصفيح مع انتشار مختلف الآفات الاجتماعية.
٤٠ ألف وحدة سكنية مسجلة للإنجاز
شكل ملف السكن بولاية بومرداس في السنوات الأخيرة عائقا فعليا بسبب عدة أسباب متداخلة منها تأخر المشاريع المبرمجة التي يعود البعض منها إلى سنة ٢٠٠٢، وهي إشكالية حرمت الولاية من برامج جديدة، كما خلقت السكنات الجاهزة مشكلة جديدة للسلطات المحلية بعد تحول ٩٠ بالمائة منها إلى وضعيات اجتماعية تتطلب الحل السريع، و٩٠ بالمائة أيضا منها غير صالحة للسكن بناء على تقرير اللجنة التقنية الولائية التي كلفت بمهمة الإحصاء والمراقبة، حيث أحصت دائرة بومرداس لوحدها أكثر من ٦ ألاف طلب سكن اجتماعي.
كما أظهرت الإحصائيات المقدمة من طرف مديرية السكن والتجهيزات العمومية تعثر صيغة السكن الريفي الذي كان موجها لامتصاص الطلب المتزايد على السكن وبالخصوص في المناطق الريفية حيث تم انجاز ٢٩٧٥ سكن منذ سنة ٢٠٠٢ من أصل ٩١٢٢ قرار استفادة أي بنسبة ٦١ . ٣٢ بالمائة.
وعلى الرغم من توزيع ٣٠٦٣ سكن اجتماعي إيجاري بالولاية في نهاية سنة ٢٠١٢، إلا أن كثرة الطلبات حتمت على الجهات المعنية برمجة مشاريع استعجالية للتخفيف من وطأة السكن، قدرتها الحصيلة المقدمة من طرف والي الولاية بـ٤٠٧٧٨ وحدة سكنية ستنجز خلال السنوات القادمة منها ٢١ ألف وحدة في طور الانجاز ١٩ ألف وحدة في طور الدراسة والانطلاق، موزعة على عدة صيغ منها ١١ ألف سكن عمومي إيجاري، ٥ آلاف سكن تطوري مدعم وقرابة ٣ آلاف سكن ريفي.
١١٦٠ تاجر متضرر من الزلزال ينتظرون التعويض
كشف الأمين الولائي للإتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين إبراهيم جقنون لـ«الشعب»، عن وجود ١١٦٠ تاجر متضرر من زلزال ٢١ ماي ٢٠٠٣ ينتظرون التعويض عن محلاتهم التي تعرضت للهدم أو الأضرار الجزئية، أو الاستفادة ـ كما قال ـ من قروض لإعادة بعث النشاط، خاصة وأن ٥٦٠ تاجر قد هدمت محلاتهم بصفة كلية حسب المصدر.
وعلى الرغم من الوعود المقدمة لهذه الفئة أضاف الأمين الولائي لتسوية القضية ومساعدة هؤلاء التجار في إعادة بعث نشاطهم، إلا أن المسألة لا تزال عالقة نتيجة تعقد الوضعية الإدارية لبعض التجار فيما تعلق بملف التأمين والضرائب، وملف السجل التجاري والبطاقة الجبائية، مما دفع بالاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين يقول جقنون إلى تقديم اقتراح لدى الحكومة يتعلق بمنح قرض بقيمة ١ مليون دينار لفائدة هؤلاء التجار لإعادة بناء محلاتهم وتهيئتها، إلا أن المقترح ظل عالقا لدى بنك التنمية المحلية على الرغم من الموافقة المبدئية من الجهات الوصية مع وجود مراسلة في هذا الشأن بين وزارة المالية ووزارة التجارة للشروع في تسوية الملف.
الذكرى الـ 10 لزلزال بومرداس
أكثر من 14 ألف سكن جاهز ينتظر التسوية
بومرداس: ز/ كمال
شوهد:357 مرة