طلبـة يبحثـون عـن العلامة وليـس التحصيـل العلمي
فضّلت نجاة .م طالبة في قسم التاريخ تلخيص اليوم الوطني للطالب في كلمتين وهما التحدي والاستمرارية، مؤكدة أن هناك فرق شاسع بين طلبة الأمس واليوم قائلة: ''طالب اليوم يبحث عن العلامة ولا يهمه تحصيل العلم، مثل الذين سبقوه''، لتتدخل زميلتها إيمان لتوضّح في حديث لـ''الشعب'' أن طلبة اليوم أصبحوا يتخذون الجامعة مكان للتنزّه أو الهروب من ضغوطات المنزل الاجتماعية بالنسبة للفتيات، في حين الذكور يعملون ويدرسون، وحسبها أن حال هؤلاء أحسن من الفتاة.
وتساءلت إيمان عن مدى استفادة الطلبة من الحصص الدراسية التي تقدم لهم، أم أن حضورهم شكلي فقط، مشيرة إلى أن عدد الطلبة النجباء والذين يدرسون بجدّ يعدّون على الأصابع، وقالت إن الطلبة الكسالى يمكنك معرفتهم من خلال طريقة لباسهم وكلامهم. وفي هذا الصدد تأسفت إيمان عن عدم احترام الطالب للأستاذ حين يلقي هذا الأخير الدرس والطلبة يتحدثون، أو يضعون سماعات الهاتف في آذانهم، وحسبها، فإن كلمة جامعي أضحت تخجل على خلاف ما كان في الماضي، حيث التعليم الجامعي كان ذو قيمة.
وبالمقابل حمّلت المسؤولية للأساتذة الذين لم يضعوا حدا لتصرفات الطلبة وإلزامهم على الاحترام، وعلى حد قولها فإن ضمير الأستاذ غاب وأصبحت تهمه مصالح أخرى والطالب لا يهمه إلا العلامة.
وفي هذا السياق، أكدت نجاة أن مستوى الطلبة تراجع بشكل كبير، حيث تجدهم لا يحسنون اللغات ولا حتى اللغة الأم ولا يتقنون طريقة الإلقاء بها، فالمال الذي يشغلهم وليس تقديس العلم، مضيفة أنه بالرغم من توفر وسائل العمل، إلا أنه لا يوجد حماس لدى الطالب للتحصيل العلمي.
وفي ردها على سؤالنا حول دور الاتحادات الطلابية بالجامعة، أكدت محدثتنا أنها منذ أن دخلت الجامعة لم تلتقي بأي ممثل لهم، وحسبها فإنها منظمات دون فعالية ولا تمثل الطلبة، تنتظر فقط المناسبات وتنظيم الإضرابات التي لا تأتي بالفائدة.
وأضافت أن المنظمات الطلابية بعيدة عن الاهتمامات والمشاكل الحقيقية للطلبة.
أبرزت نجاة وزميلتها أهم المشاكل التي تعاني منها الجامعة اليوم، واصفتا وضعها بالكارثي كتهاون الإدارة في التسيير، عدم استكمال البرنامج الدراسي، البيروقراطية على مستوى المكتبات، زيادة على نقل الروائح الكريهة التي تصدر من المراحيض وغياب المدافئ. واقترحت في معرض حديثها الاهتمام بمنظومة التعليم العالي بحكم أنه ينتج لنا إطارات تسيير البلد في المستقبل. واغتنمت نجاة الفرصة لتعرب عن أملها في أن يتحلى طلبة اليوم بالمسؤولية ويؤدون واجبهم تجاه المجتمع، عندما يلجون عالم الشغل بإتقان عملهم، لأن لهم ـ أضافت ـ رسالة أمام اللّه والأجيال التي سيدرسونها في المستقبل.
وقالت أيضا، إن العلم الذي فرضه اللّه أمانة سلّمها للذين سبقونا وعلى جيل اليوم تركها للأجيال الصاعدة، كون التعليم غاية وليس وسيلة لتحقيق وظيفة.
يستهــــزؤون مـــن تخصــــص التـــاريخ
من جهتها، اعتبرت أمينة. ص طالبة جامعية بذات التخصص والتي رفضت الإدلاء باسمها كزميلاتها يوم ١٩ ماي ١٩٥٦، باليوم التاريخي للطالب الجزائري المستعد سواء عام ١٩٥٤ أو طالب ٢٠١٣، رغم وجود بعض التحفظات على حد تعبيرها. موضحة في حديث لـ''الشعب'' أن طلبة ١٩٥٤ كانت لهم روح وطنية يؤمنون بقضية بلدهم وانتمائهم، لكن حاليا أضافت أن الطالب أصبح ينظر لقسم التاريخ مجرد تخصص حكواتي وليس تاريخي بمعنى الكلمة، كما أن بعض الطلبة يستهزؤون بهذا التخصص.
وترى أمينة أنها ليست في مرحلة تنتظر فيها الأستاذ لإعطائها معلومات، لأن دور الأستاذ توجيه الطالب وتأطيره، وعلى هذا الأخير القيام بالبحث في المواضيع التي لم يتوصّل إليها الأستاذ، خاصة مع وجود الانترنيت.
ولم تخف محدثتنا وجود مشاكل على مستوى جامعة الجزائر ٠٢، والمتمثلة في صعوبة الحصول على بعض الكتب التي تساعدهم في إجراء بحوثهم كونها مفقودة، في حين الرسائل الجامعية لا تمنح لهم وإن تحصلوا على واحدة فتسلم لهم لمدة عشر دقائق، التي لا تكفي للاطلاع عليها. وعلى حد قولها، فإن المكتبة الجامعية لا تخضع لمقاييس الجرد والتصنيف الببليوغرافي، ما يجعل الطالب يضيّع وقته في البحث عن المذاكرات.
وقالت أيضا إنها لم تكن تتوقع عند التحاقها بالجامعة، أن تجد هذا الوضع من نقص المرافق، غياب مراحيض تستجيب للمعايير الصحية، وتوسيع المكتبة، قلة أجهزة الإعلام الآلي بالنظر إلى العدد الكبير للطلبة، وكذا مشكل النقل الجامعي.
وفي ردّها عن سؤالنا حول مدى تكفل المنظمات الطلابية بمشاكلهم، أجابت بأنه لا يوجد احتكاك فعلي بينهم وهذه الاتحادات الطلابية ولا تعرف صلاحياتها منذ دخولها السنة الأولى جامعي، موضحة أنه حين يغيب الطالب بسبب مرض ما، فالأستاذ يقصيه من الوحدة، ومن المفروض ممثلو الاتحاد الطلابي هم الذين يتحدثون باسمه ويحلون مشاكل الطالب، أضافت.
وحسبها، فإنه على التنظيمات الطلابية أن تكون على دراية بأحوال الطالب الاجتماعية سواء بالحرم الجامعي أو الأحياء الجامعية، كي نتفادى عزوف هذه الشريحة عن الدراسة بجد.
وتأمل أمينة أن تتطور الجامعة الجزائرية وتصبح في مصفّ الجامعات الأوروبية، ويكون فيه اهتمام كبير بقسم التاريخ بدون إغفال الفروع الأخرى، قائلة أنه ينبغي أن يعطى كل علم قيمته.
وأضافت، بأن الأمل في الطالب الجزائري الذي يمكنه تقديم الكثير إلى بلده وأطر بشكل جيد وتم تشجيعه كي لا ييأس. وعلى حد قولها، أن طلبة اليوم تحركهم ثورة العلم والمعرفة، وهم ذخيرة وكنز الجزائر بعد النفط. ولم تفوت محدثتنا الفرصة لتقديم شكرها لجريدة ''الشعب'' التي فسحت لها مجال التعبير عن آرائها.