أكد بشير خريفي رئيس المكتب الولائي للاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين بجامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا، أن السبب الحقيقي لغياب المنظمات الطلابية عن الساحة الجامعية، وتقاعسها في أداء دورها الأساسي، هو صراعات الأحزاب التي أثّرت عليهم وجعلتهم ضحية، بحكم انتماءات الاتحادات الطلابية لبعض الأحزاب التي استعملتهم لمصالحها الخاصة.
وفي هذا الصدد، طالب بشير خريفي بإعادة هيكلة الاتحادات الطلابية ومنحها شرعية لعقد مؤتمرها، والتعامل مع الاتحادات الطلابية الشرعية. وأشار رئيس المكتب الولائي للاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين بجامعة هواري بومدين إلى أن الجزائر، بحاجة إلى طلبة اليوم ليكون إطارات الغد بحكم المرحلة الانتقالية التي نمر بها.
الشعب: بداية، باعتبارك طالب وتترأس منظمة طلابية. ماذا يعني لك تاريخ الـ١٩ ماي ١٩٥٦؟
خريفي بشير: اليوم تاريخي ومهم جدا، هذا اليوم حدّد فيه الطلبة الجزائريون مسار الثورة، وأعلنوا عن دعمهم واستعدادهم للانضمام لجبهة التحرير الوطني تاركين مقاعد الدراسة، وبالتالي أضافوا قوة للثورة. وأظهر أنه في كل مرة تكون له كلمة الفصل، وللأسف زالت مفاهيم الطالب الذي يحترم، وعلينا الاهتمام بهذه الشريحة المثقفة من خلال ممثليهم لنسلم لهم فيما بعد المشعل. لأننا بأمس الحاجة إلى طالب واعي، كوننا في مرحلة انتقالية والظرف يستلزم تكوين إطارات لتسيير الجزائر مستقبلا.
الشعب: لاحظنا خلال السنوات الأخيرة غياب كلي للتنظيمات الطلابية على مستوى الجامعات، ومن المفروض أن تؤدي دورها الذي أنشئت من أجله. أين مكمن الخلل؟
خريفي: لو قمنا بحوصلة عن هذه التنظيمات نجد عدة تنظيمات منها الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين، الاتحاد العام للطلبة الجزائريين الذي تضم طلبة وشباب، ولدينا الرابطة الوطنية للطلبة الجزائريين، وكذا المنظمة الوطنية للطلبة الجزائريين، وكلها تعاني من اللاشرعية لأنها لم تعقد مؤتمراتها منذ ٢٠١٠، بحكم المرحلة التي تمر بها من الصراعات الداخلية للأحزاب التي اتخذت الاتحادات الطلابية وسيلة لتحقيق مآربها، وبالتالي أصبحت ضحية ولا تستطيع مسّ جوهر المشاكل، فيتجهون إلى المسائل الشكلية كتنظيم نشاطات ثقافية، حفلات، فطريقة إحياء هذه المناسبات تظهر معاناة الاتحادات الطلابية.
ومن جهة أخرى، مشكلة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي التي تتعامل مع الاتحادات الطلابية بصورة شكلية بدل الاعتراف بها كتنظيمات ذات فعالية ونشاط.
وأشير هنا إلى أن الاتحادات الطلابية تنشط في الشق الاجتماعي من خلال التعامل مع مصلحة الخدمات الجامعية، لكنها لا تعالج المشاكل البيداغوجية للطالب، لأنها لم تر في هذا الشق امتيازات تحصل عليها. وهذا ما جعل هذه التنظيمات هشة، وأحيطكم علما أنه منذ ثلاث سنوات كل المكاتب الولائية لهذه الاتحادات لم تصدر بيانا وطنيا تحدد فيه منهجها، سياستها الجامعية، وهدفها.
الشعب: من هو المسؤول عن هشاشة هذه التنظيمات الطلابية؟
خريفي: الهشاشة جاءت من الأمناء العامين للتنظيمات على مستوى المكاتب الوطنية، فهم يتخذون الاتحادات الطلابية كقوة لدفع توجهم السياسي على حساب الطلبة، وهذا ما أدى إلى غياب المصداقية لدى ممثلي الطلبة الذين يعانون من المكاتب الوطنية الذين أخذوا التوجه السياسي كأولوية، وهذا هو السبب الحقيقي للفراغ الموجود حاليا . حيث تمّ ملئه بنشاط لا يفيد الجامعة وذلك عبر القيام بسهرات فنية أو معارض أو مكتب لنسخ الكتب والمذكرات، وهذا ما يؤدي إلى حدوث انزلاقات، لأن الجهات المعنية ليس من اهتماماتها الجامعة والطلبة.
الشعب: وما السبب الذي يمنعكم من تفعيل دوركم من جديد؟
خريفي: من المفروض أن نعقد مؤتمرنا في ٢٠١٠، ولكن بسبب تماطل وزارة الداخلية وضغوطات الوزارة الوصية أصبحنا مكبلي الأيدي. وكما قلت أنه من المفروض أن لا نحيد عن مسار طلبة الأمس الذين كان مسارهم واضح وتكتلوا للدفاع عن قضية شرعية وواجهوا الاستعمار بالرغم من جبروته، الآن نحن نعاني مشاكل داخلية بحكم الانتماءات الحزبية للاتحادات الطلابية، فإن تطرقنا إلى أمهات المشاكل أو قمنا بإحياء اليوم الوطني للطالب تاريخيا نجد عراقيل ونصبح مصدر إزعاج وخطر، وينبغي على طلبة اليوم يناقشون الظرف والاهتمامات ويقدمون اقتراحات بنّاءة، فطلبة اليوم واعون لكن تنقصهم التغطية.
الشعب: هل جلّ المنخرطين في هذه التنظيمات من الطلبة؟
خريفي: غالبية أمناء الاتحادات الطلابية ليسوا طلبة، وأصبحوا يتاجرون ويستخدمون الاتحاد كوسيلة لتحقيق أغراضهم ومصالحهم الخاصة، فهم لا يهتمون بمشاكل الطلبة، فكيف ينتظر منهم تسوية مشاكل الجامعة، ومن يمثل الطالب يجب أن يكون منهم وليس خارج القطاع، فهناك احتجاجات تحدث ببعض الولايات، والصحافة لا تسمع بها، لأن أمناء المكاتب الولائية تستّروا عليها، ولهذا يجب على الوزارة الوصية التعامل مع الاتحادات الطلابية التي تملك شرعية وليست المتحزّبة، مراقبة نشاطهم.
الشعب: كتنظيم طلابي، ما موقفكم من القضايا الدولية الراهنة وعلى رأسها القضية الفلسطينية والصحراوية؟
خريفي: نظمنا محاضرة دعونا فيها الطلبة الصحراويين، وأعلنا من خلالها عن موقفنا الداعم للقضية والذي يعبّر عن السياسة الوطنية، وهذا هو مبدأ الاتحاد بدعم كل القضايا التحررية في العالم. كما نظمنا محاضرة سنة ٢٠٠٢، بباب الزوار عبّرنا فيه عن موقفنا اتجاه التحديات الراهنة كالربيع العربي، لمعرفة رأي الطلبة حول ايجابية أو سلبية هذه الأحداث.
الشعب: وبالنسبة لنظام ''ال.أم.دي''، هل كان لكم رأي في ذلك؟
خريفي: لم يتم استشارتنا حول النظام الذي اتبعته غالبية الدول الأوروبية، ولذلك فالطالب ذهب ضحية فرض نظام يهتم بالجانب التطبيقي بصورة أكبر، ولم تحضر له مسبّقا الأرضية والإمكانيات. لو تم استشارتنا لكنّا مستعدين له، هذا ما جعل مستوى الطالب في التحصيل العلمي يتدنى.
الشعب: ما هي مطالبكم أو اقتراحاتكم؟
خريفي: نطالب إعادة هيكلة الاتحادات الطلابية وإعطائها شرعية عبر منحها حق عقد المؤتمرات وعدم إقحامها في الأحزاب التي تستغل الظرف وهشاشة التنظيمات لخدمة مصالحها الشخصية، وبالتالي تعطي الفراغات والعجز الذي يعاني منه القطاع، حتى أنها تساهم في معاناة الطالب. ونطالب بأن تسهّل وزارة الداخلية نشاطنا بحيث يتم تجميعنا ليستخرجوا قيادة جديدة فعّالة لتتعامل معها مستقبلا.