فتح اليوم الدراسي للمجلس الدستوري، أمس، النقاش حول ''الإخطار عن طريق الدفع بعدم دستورية القوانين ''التي تخوض الكثير من البلدان تجاربها بغرض حماية الحريات والحقوق ووضع حد للتعسف مهما كان مصدره وإعلاء القانون فوق الجميع. وهي مسألة كشف النقاب عنها جان لوي دوبري رئيس المجلس الدستوري الفرنسي، معرّفا بالتجربة الفرنسية التي تملك مقومات جديرة بالاهتمام والعناية، وكذا أحمد ماحيو ـ الخبير القانوني المعروف ـ في عرضه لموضوع (توسيع إخطار المجلس الدستوري إلى برلمانيين).
جاء هذا في اليوم الدراسي الثاني الذي ينظمه المجلس الدستوري في إطار البرنامج العلمي المسطر هذا العام. وذكر بجدواها طيب بلعيز، رئيس المجلس الدستوري، معطيا له بعده المستحق، لا سيما في هذا الظرف الحساس من الإصلاحات الجزائرية ممثلا في تعديل أسمى القوانين.
وقال بلعيز في اليوم الدراسي الذي حضره عبد القادر بن صالح، رئيس مجلس الأمة، والعربي ولد خليفة، رئيس المجلس الشعبي الوطني، وإطارات المجلس الدستوري وفقهاء القانون، أن اللقاء العلمي جاء بعد الذي نظم يوم ١٣ ديسمبر الماضي حول (الديمقراطية عن طريق القانون).
والغاية منه والذي طرح تساؤلات حول موضوع (توسيع الإخطار الدستوري) إعطاء الكلمة لأهل الاختصاص في الحديث عن قضايا الساعة التشريعية والتحولات التي تعيشها والإصلاحات التي تطالها لإثراء النقاش الدائر في المشهد القانوني السياسي بآراء سديدة لا تتوقف عند الحدود ولا تكتفي بصغريات الأمور والأشياء.
وتوقف عند هذه المسألة محمد عبو، عضو المجلس الدستوري وزير أسبق، في كلمة تمهيدية، معطيا دلالة الملتقى ومغزاه في زمن تعديل الدستور الذي تتولاها لجنة الخبراء وتتفحص المواد والأحكام الجديرة بالمراجعة لمعالجة الاختلال وإعطائها مضمونا آنيا يبني دولة المؤسسات ويكرّس الممارسة الديمقراطية يضمن الحقوق والحريات.
ذلك أن موضوع توسيع الإخطار إلى جهات أخرى، لم يعد مطلبا للطبقة السياسية، فقط لكن تعداه إلى فقهاء القانون لترقية الحريات والحقوق والممارسة الديمقراطية. من أجل ذلك، برمجت الندوة لإثراء النقاش الدائر بين فقهاء القانون الدستوري ومدّ حوار بينهم لنشر الثقافة التشريعية الواسعة التي تعزز دولة القانون في أبعد مداها وأكثرها عمقا وممارسة.
إنها مساهمة من المجلس الدستوري الذي يتخذ مبادرات تسمح له بالتموقع في خارطة المتغيرات التي تعيشها الجزائر على ضوء الإصلاحات المتعددة الأوجه. مساهمة يثبت من خلالها المجلس أنه هيئة مرنة متحركة تتخذ قرارات ومباردات دون انتظار ما تخطر بشأنه.
وملتقى، أمس، فضاء مهم يعرض من خلاله المجلس آراء متعددة لأهل الاختصاص واقتراحاتهم التي تشكل أرضية لتعديل الدستور المحطة الحاسمة في مسار الإصلاحات الجزائرية على الإطلاق.