تجلبك إلى عالمها، وحديثها لا يخلو من التشويق، وهي تستعرض مختلف مراحل الدراسة والعمل كمهندسة معمارية وكخبيرة في مجال البناء، شعارها العمل والتفاني لإثبات الذات، حسينة حماش المرأة التي اقتحمت مجال البناء في وقت كان يقتصر فقط على الرجال، كما استطاعت أن تحقق حلمها في أن تكون عنصرا فعالا في المجتمع، بالرغم من الصعوبات التي واجهتها والتي كشفت عنها في هذا الحوار التي أجرته معها «الشعب»
@ الشعب: كيف كانت البداية في هذا المجال؟
@@ السيدة حماش: تحصلت على شهادة الباكالوريا في شعبة الرياضيات، في الثمانينات، دخلت إلى جامعة باب الزوار لأدرس تكنولوجيا لو تحصلت على شهادة مهندسة دولة.. ثم التحقت بالمدرسة العليا للبناء بالرويبة لأتخرج منها سنة ١٩٩٠ بعد أن تحصلت على شهادة في تخصص ميكانيك التربة، الشعبة هذه سمحت لي بالعمل في مجال البناء والأشغال العمومية، السدود والموارد المائية، وكانت أول دفعة التي تخصصت في انجاز المشاريع ميدانيا، ولم يكن عدد الفتيات فيها سوى ٣ من بين ٩١ طالبا.
بدأت العمل ميدانيا في انجاز مشاريع السدود الكبرى كسد «مزافران»، كما تابعت مشروع بناء سد «ميكسا» في عنابة، وأنا احتفظ في ذاكرتي بتلك الأوقات التي امضيتها وأنا أتابع مختلف مراحل التجارب التي قمت بها على مكونات السدود غير الممتصة للمياه، وقد كنت أعمل مع أجانب، وقد أعجبوا بالنتائج التي توصلت إليها في وقت قياسي، وقد أردت أن اثبت من خلال ذلك أن هناك جزائريون قادرون على القيام بهذا النوع من الدراسات التقنية.
@ هل ساهمت في تكوين طلبة في هذا التخصص؟
@@ درست في جامعة باب الزوار تخصص ميكانيك التربة من ١٩٩٠ إلى ١٩٩٦ في المجال التطبيقي، حيث كنت أقوم بتجارب مع الطلبة في المخبر، وأتابع معهم التجربة وندرس النتائج المتحصل عليها، بالإضافة إلى أنني أشرفت على عملية التأطير في دورات تكوينية حول دور المخبر في الدراسات قبل، أثناء وبعد المشروع.
وأريد أن أشير كذلك إلى أن المهندس المعماري هو كذلك مراقب مالي، أي أن عمله لا يقتصر على متابعة المشروع بل يقدر التكلفة المالية له كذلك.
@ لم يجلبك عالم التدريس كما شغفك العمل في ورشات البناء ومتابعة المشاريع عن كثب لماذا؟
@@ العمل الميداني يكسب الإنسان خبرة وتحكم في المجال الذي اختار التخصص فيه، وأن اخترت ذلك، وقد تنقلت إلى كل ولايات الوطن، لأتابع انجاز المشاريع في المجالات التي ذكرتها لكي آنفا.
@ ما هي المشاريع التي قمت بدراستها ومراقبتها؟
@@ كمهندسة قمت بالمراقبة التقنية لعدة مشاريع قامت بها مكاتب دراسات أجنبية، مسجلة النقائص التي لاحظتها، بالإضافة إلى الاحتيال في حساب قيمة التجربة التقنية التي تقوم بها، تصوري أن مكتب دراسة أجنبي قام بإجراء تحاليل لعينة واحدة من التربة، ويقدم فواتير لعدة عينات، كما يقدم قراءة واحدة لعدة تحاليل، وهذا غير معقول تقنيا وعلميا، وغير مقبول أخلاقيا، لإن هذا التصرف يعد تحايلا، وقد قدمت ملاحظات بذلك إلى الجهات المعنية.
@ متى دخلت مجال الخبرة؟
@@ كما قلت لكي آنفا أن عملي الميداني من خلال متابعة أشغال ورشات انجاز عدة مشاريع في مختلف مناطق البلاد، بالإضافة إلى عملي إلى جانب مختصين حول حساب الأساس العميق، وكذا مع المركز الوطني للبحوث التطبيقية المضادة للزلازل، وقد ساهمت في إعداد كتيبات تحتوي على جملة من التنظيمات موجهة لأصحاب المشاريع، بالإضافة إلى مساهمتي في إعداد وثيقة حول تقنية تحليل التربة، وأديت اليمين «محلفة»، ليتم اعتمادي كخبيرة من طرف القضاء، وقد عاينت عدة بنايات وعقارات وقدمت تقارير خبرة حسب ما أملاه علي واجبي المهني.
@ ماهي المهام الموكلة إليك كخبيرة؟
@@ يعينني القاضي للقيام بعمل خبرة في قضايا النزاعات، كالتعدي على العقارات، عيوب في البنايات، عدم احترام معايير العمران، تسربات المياه في البنايات القديمة، بالإضافة إلى تقييم وضعية الحظيرة السكنية عموما، كما طلب مني تقديم تقرير خبرة حول الصفقات العمومية، لمعرفة مدى احترام دفتر الشروط، وكذا إجراء تقييم للبنوك من الجانب المالي، لأنني معتمدة كذلك من قبل المؤسسات البنكية .
@ هل واجهتك صعوبات أثناء قيامك بعملك هذا؟
@@ بعض المشاكل التي أواجهها في بعض الأحيان تتمثل في منعي من دخول بناية من طرف أصحابها لمعاينتها، من جهة كوني امرأة، وقلما يوجد نساء خبيرات في هذا المجال، ومن جهة أخرى، هناك نقص كبير في الثقافة القانونية، كما أن الخبرة القضائية مهمة ليست بالسهلة، إذ يمكن أن يجد الخبير نفسه أمام العدالة، وأصارحك بأن لدي جلسة أمام محكمة بئر مراد رايس عشية الاحتفال باليوم العالمي للمرأة.
@ هل يترك حبك للعمل مجالا لاهتمامات أخرى؟
@@ قبل أن أحدثك عن ميولي، أريد أن اخبركي أنني أحب اللغة العربية وأحب الحديث بها، بالرغم من أن كل دراستي كانت باللغة الفرنسية، وقد كان والدي يشجعني على الدراسة والتألق في حياتي كما أنني متأثرة ببعض الكتاب أمثال كاتب ياسين، محمد أركون والكاتب التونسي طاهر حداد الذي ناضل من اجل حرية المرأة.
وبالنسبة للاهتمامات الأخرى خارج العمل، أنا نائبة رئيس بجمعية أطفال الذين يعانون من متلازمة داون «تريزوميك»، وعضوة بجمعية الهندسة المضادة للزلازل، إلا أن هذه الأخيرة تدخل ضمن مجال تخصصي.