«الشعب» تنقل وقائع عملية تحرير الرهائن بتيقنتورين

قوات الجيش الوطني الشعبي تنتصر في معركة أخرى ضد الارهاب

مبعوثة الشعب إلى عين أمناس: زهراء بن دحمان

لم تكن الحياة سوداوية بعين أمناس، ولا الأوضاع خطيرة مثلما حاولت بعض وسائل الإعلام  سيما الأجنبية الترويج له، عبر تقارير لم تستند إلى الصحة، حيث راحت البعض من القنوات الأجنبية مما تعودت على نفخ النار في الرماد، تفسر الحادثة المأساوية كل حسب هواها، ففي الوقت الذي كانت القوات الخاصة للجيش الوطني الشعبي تواصل تنفيذ عملياتها «النوعية» لتحرير بقية المحتجزين من الرهائن، الجزائريين والأجانب وسط تكتم حذر، كانت الحياة تسير بشكل عادي في مقر دائرة عين أمناس حيث سرعان ما انتشر سكان المنطقة في الأحياء والشوارع كل يقضي حاجاته وأشغاله اليومية، لكن مع حرص على متابعة تطورات العملية الإرهابية، خاصة في ظل الحديث عن تمكن وحدات الجيش الوطني من تحرير العديد من الرهائن، والقضاء على عدد من الإرهابيين وإلقاء القبض على آخرين.

استقطبت العملية الإجرامية  الأولى من نوعها التي ضربت عمق قاعدة الحياة البترولية بتقنتورين، والتي تضم مؤسسات أجنبية في قطاع إنتاج المحروقات، اهتمام الكبير والصغير في عين أمناس، بدليل اصطفاف العديد من السكان في الصباح الباكر من يوم أمس، أمام المؤسسة العمومية للصحة الجوارية حيث نصبت خلية أزمة للتكفل بالمصابين في هذا الاعتداء الجبان، للاستعلام عن آخر الأخبار خاصة بعد تسرب معلومات تفيد أن العملية العسكرية ضد الإرهابيين إنتهت، ليتأكد عدم صحة الخبر حيث أكدت مصادر أمنية مطلعة أن العملية تواصلت إلى ساعات متأخرة من يوم الجمعة، واستمرت إلى يوم السبت، مسفرة عن وقوع نحو ٥٠ قتيلا أجنبيا، وتحرير أكثر من ١٠٠٠ عامل جزائري وأجنبي كما تم القضاء على المجموعة الإرهابية المتبقية في عملية مداهمة مركب تكرير وإنتاج الغاز، بعد أن  اتخذت منها جماعات الموت حصن منيعا لها، مستعملة العمال كدروع بشرية.

المستشفى مغلق إلا للحالات الإستعجالية
وجودنا بالمنطقة، تركنا نرفض مبارحة المكان حتى نتأكد من صحة المعلومات المسربة، خاصة وأن فرد من مصالح الشرطة أكد لنا الخبر، وأن الجثث سيتم نقلها إلى المستشفى في سيارات إسعاف، وهو ما تأكدنا منه والساعة كانت تشير وقتها إلى منتصف الليل وخمسة عشر دقيقة، غير أن التعليمات من السلطات الأمنية والتي قضت بعدم السماح لوسائل الإعلام بالدخول إلى المستشفى حالت دون متابعتنا نقل عملية نقل الجثث، ولا التقرب من الجرحى، والإكتفاء بمراقبة الوضع والتطورات من أمام مدخل المؤسسة الجوارية للصحة العمومية.
قبل ذلك، كان قرار غلق المستشفى أمام المرضى من سكان المنطقة، للتفرغ لعملية متابعة جرحى الهجوم الإرهابي الشنيع، وحفظ جثث العمال المتوفيين، قد أثار استياء بعض المواطنين، غير أنه سرعان ما تجاوبت المصالح الأمنية والمحلية مع طلباتهم الملحة، باستقبال الحالات الإستجالية فقط، في وقت لوحظ استنفار أمني كبير أمام مدخل المستشفى حيث تولى عملية المراقبة الوافدين أعوان الأمن وأفراد من مصالح الشرطة، قابلته حركية كثيفة لسيارات الإسعاف والمصالح الأمنية التي كانت تتولى نقل الضحايا من الجرحى والقتلى.
ونصبت خلية أزمة ثانية بمستشفى عين أمناس، لتوفير كل الوسائل المادية والبشرية للتكفل بالمصابين أو الأموات، كما تم تجنيد تام لكافة المصالح، من أجل تسهيل تنقل العمال الجزائريين إلى ولاياتهم، والأجانب إلى دولهم بعد استكمال الإجراءات على مستوى مصالح الدرك الوطني، وتواصلت عملية نقل جثث الضحايا إلى بلدانهم.
إلى جانب ذلك تم تنصيب مركز طبي متقدم على بعد ١٥ كلم من تيقنتورين، وصلنا إليه في حدود الساعة الثانية عشر بعد الزوال، ضم ٧ خيم، جهزت إحداها وهي الأكبر بأسرة لاستقبال المصابين القادمين من قاعدة الحياة البترولية، وتقديم الإسعافات الأولية لهم، على أن يتم تحويلهم فيما بعد إلى المؤسسة العمومية الجوارية لعين أمناس  بعد تشخيص حالاتهم لتلقي العلاج المناسب، أو إلى مركز الاستشفائي بالعاصمة حسب درجة خطورة الإصابة.

تونسيون، ليبيون، مصريون وماليون ضمن المجموعة الإرهابية ومواطنون يؤكدون مساندتهم للجيش
نقلت مصادر أمنية، أن الإرهابيين الذين شاركوا في الهجوم الجبان على قاعدة الحياة البترولية تبين أن بعضهم من جنسيات تونسية، مصرية، ليبية، ومالية، فضلا عن وجود فرنسي ضمن المجموعة وقد تم التأكد من ذلك بعد استنطاق أحد الإرهابيين الذي سلم نفسه إلى مصالح الأمن، وإلقاء القبض على ٣ آخرين أحياء وهو ما سهل على مصالح الأمن تحديد هويتهم.
وذهب ناجم.ع أحد أعيان المنطقة إلى تأكيد هذه المعلومات حينما قال في تصريحه ل«الشعب» أن الإرهابيين المشاركين في الهجوم على تيقنتورين، منهم تونسيين، ليبيين، ومصريين ما بات يفرض علينا نحن سكان المنطقة، فتح عيوننا جيدا على الحدود، ومساندة الجيش الوطني الشعبي في مسعى محاربة الإرهاب، ف «الجزائر بلد المليون ونصف مليون شهيد نظفها هؤلاء بدمهم وليس بالصابون».
وأقر ناجم أن سكان المنطقة كانوا متخوفين في بداية الأمر، غير أن التدخل «النوعي » للجيش الوطني الشعبي الذي سمح بتحرير أكثر من ٦٠٠ رهينة في اليوم الثالث من الاعتداء، أعاد الأمل لهم، وجعلهم يشعرون بأهمية التفافهم حول هذه المؤسسة ومساندتها في محاربة ظاهرة الإرهاب.
وحملنا مجموعة من شباب المنطقة، نقل رسالة إلى السلطات العليا للبلاد، مفادها أن سكان المنطقة يرفضون الاستعانة بالأجنبي لمحاربة الإرهاب، وأنهم قادرين رفقة أفراد الجيش الوطني الشعبي، ومصالح الأمن المختلفة على حماية الوطن من جميع المخاطر «فنحن نرفض أن تتحول منطقتنا إلى مالي ثانية».
من جهة أخرى، استعانت مصالح الدرك الوطني، بضباط الشرطة القضائية من ولاية ورقلة لرفع كل البصمات الموجودة على متن سيارة استعملتها المجموعة الإرهابية في مداهمة قاعدة الحياة البترولية، وتمكن الجيش الوطني الشعبي من استرجاعها، لتحديد هوية الإرهابيين.

تضامن شعبي واسع مع الضحايا

في الوقت الذي كانت القوات الخاصة للجيش الوطني الشعبي، ساهرة على تنظيف موقع قاعدة الحياة البترولية من فلول الإرهاب، كانت مجموعة من شباب المنطقة حريصة على تقديم المساعدة للعمال المحررين من قبضة الجماعات الإرهابية، من خلال توزيع إعانات غذائية تمثلت في حليب، الخبز، الجبن، والماء.
وقد عملت الجماعة الخيرية ممثلة في ميمي صديق، كاداي بكتة، مبروك الشاوي على ضمان وصول الإعانة إلى أكثر من ١٠٠٠ عامل، وهم ينتظرون استكمال الإجراءات لترحيلهم إلى ولاياتهم وبلدانهم بالنسبة للعمال الأجانب.
ورغم الصعوبات التي واجهها هؤلاء الشباب في إيصال المساعدات إلى العمال المحررين وهم في أول المركز القريب من منطقة تيقنتورين، إلا أنهم أصروا على مواصلة عملهم التضامني، الذي شمل حتى مصالح الدرك الوطني المتواجدة هناك.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024