الصحـــة تحـــت المجهـــر

ميزانيـة كبـــيرة وخدمــات دون المستــوى

فاطمة الزهراء طبة

تميزت سنة ٢٠١٢ بعودة الاستقرار لقطاع الصحة بعد حركات احتجاجية كثيرة أثرت على السير الحسن للقطاع وعلى المرضى، ورغم الجهود المبذولة من طرف الدولة من اجل تحسين التكفل بالمرضى على مستوى ٢٨٢ مركز استشفائي عمومي، حيث عمدت على تخصيص ميزانية معتبرة لتحقيق نتائج مرضية إلا أن الخدمات والرعاية الصحية تبقى دون المستوى المطلوب.

وبما أن المواطن هو الحلقة الأساسية التي تستوجب القدر الكبير من العناية والاهتمام كان حليا بنا المرور على مختلف المشاكل التي يعاني منها المريض في المستشفيات الجزائرية في ظل سوء الاستقبال وعدم وجود أماكن للعلاج بأغلبية المصالح الطبية، إضافة إلى تدني مستوى الخدمات الطبية على غرار الافتقار لبعض الأدوية وأجهزة الفحص.
«الشعب» نقلت انشغالات المواطن في جولاتها الاستطلاعية بمختلف المستشفيات العاصمية على غرار اكبر مستشفى جامعي في الجزائر، مصطفى باشا الذي يعتبر مقصد جميع المرضى من مختلف الولايات حيث أكد لنا أغلبية المرضى الذين وجدناهم بمصلحة الاستعجالات ينتظرون دورهم لإجراء الفحص ان موظفي هذا المستشفى يغلب عليهم الطابع المجحف ويستقبلونهم ببرودة، حتى وان كانوا في حالة استعجالية، وهو ما يثير امتعاض واستياء كل متوافد على مصالح المستشفى.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل ان الكثير من المرضى الذين تقربنا منهم أكدوا لنا أن بعض الأطباء لا يحترمون مواعيد علاج المريض حيث يضطر هذا الأخير إلى المجيء للمستشفى مرارا وتكرارا للبحث عن الطبيب المعالج الذي يجده في أغلب الأحيان غائبا أو يدعي ذلك هروبا من المسؤولية.
من جهته قال لنا المواطن محمد.ب وجدناه بالمصلحة رفقة ابنته المريضة ان ألام المرض لم تعد تسبب قلقا كبيرا بالنسبة للمريض بقدر ما أصبح البحث عن مكان لاستقباله داخل المصلحة وإيجاد الطبيب لكي يقوم بعلاجه هو الداء نفسه، موضحا أن معانات المرضى وأقاربهم تزيد أكثر عند رؤية مثل هذه الأوضاع المزرية وكأن المهنة فقدت أخلاقياتها.

النظافة... الغائب الأكبر في مستشفياتنا

لم يعد سوء الاستقبال العامل الوحيد الذي يثير انزعاج المرضى بالرغم من توفر المؤسسات الاستشفائية على إمكانيات بشرية ومادية معتبرة، إلا ان غياب النظافة وإنعدام أدنى شروط الاهتمام بالمريض يبقى مشكلا آخر يثير واستياء المرضى.
فالنظافة هي العامل الأساسي الذي يجب أن تركز عليها إدارة المستشفيات من أجل ضمان راحة وسلامة المرضى لاسيما في المرحلة العلاجية خاصة بالنسبة للأمراض الوراثية على غرار التلاسيميا وفقر الدم المنجلي، وهي الحالات التي تستوجب نقل الدم بصفة كبيرة لهذه الفئة، فأغلب المصابين بهذه الأمراض كانوا ضحية اللامبالاة وعدم احترام التعقيم، ما تسبب في حمل فيروس التهاب الكبد نوع (ب) و(س) وحتى فيروس السيدا.
وأكد مختلف المرضى الذين تحدثنا معهم أن انعدام النظافة باتت تساهم في انتشار الأمراض وهم أول المتضررين من هذا الإهمال وللامبالاة حيث يقصدون المستشفى لمعالجة مرض معين حتى يجدون أنفسهم ضحية مرضا آخر خاصة لدى حديثي الولادة الذين يصابون ببعض الأمراض نتيجة انتشار الميكروبات والطفيليات وهو الأمر الذي يؤدي بعائلاتهم إلى التسارع بين المستشفيات من جهة والعيادات الخاصة لإنقاذهم من الموت.

مصلحة العلاج الكيميائي مشكل قائم

اشتكى أغلبية المرضى بمصلحة العلاج الكميائي والإشعاعي، بمركز بيار وماري كوري من التأخر في الحصول على موعد لإجراء العلاج الكيميائي ونفس الشيء بالنسبة للعلاج الإشعاعي حيث يضطر المرضى إلى الانتظار لمدة تصل في بعض الأحيان إلى ٦ أشهر من اجل القيام بهذا العلاج الضروري والذي قد يؤدي عدم القيام به إلى الوفاة.
ويأتي هذا في وقت تتعهد فيه وزارة الصحة بالقضاء على كل المعاناة التي يعيشها المرضى في الانتظار الطويل وتمكينهم من العلاج بالأشعة على مستوى المستشفيات الجامعية في مدة أقصاها ٦ أشهر حيث سيتمكن على حد تصريحها كل مريض من الاستفادة من هذا العلاج دون تباعد في المواعيد.

 عــــــــــــــــــــــام  هــــــــــــــــــــادئ

من جانب آخر، سجل قطاع الصحة استقرارا خلال هذه السنة عكس ٢٠١١ الذي تميز بشن عدد كبير من الحركات الاحتجاجية ويعود الفضل في ذلك إلى السياسة المنتهجة القائمة على الحوار مع مختلف الشركاء الاجتماعيين والذي أسفر على التكفل بالمشاكل الاجتماعية والمهنية للأطباء في المرحلة الأولى الذين استفادوا من زيادات معتبرة لرواتبهم، في انتظار الانتهاء من معالجة مشاكل عمال الشبه الطبي الذي يبقى الحوار معهم متواصل.
وقد سجلت المنظومة الصحية بالجزائر تحسنا ملحوظا خلال سنة ٢٠١٢ بفضل جهود الدولة في معالجة مختلف المشاكل الي تعترض القطاع، حيث تسعى وزارة الصحة من خلال اتفاقيات الشراكة التي قامت بها مع نظراءها الأجانب على غرار مخابر نوفونورديسك المختصة في انتاج الانسولين إلى تفادي أزمة الندرة في الأدوية سيما لذوي الأمراض المزمنة مخصصة ميزانية معتبرة لضمان التكفل الجيد بالمرضى.

الشراكة الجزائرية ـ الأمريكية فرصة للقضاء على استيراد الأدوية

شهد قطاع الصحة في الجزائر حركة ملحوظة في إطار التزام الدولة بتحقيق شراكة مربحة مع الولايات المتحدة الأمريكية في مجال الصناعة الصيدلانية «البيوتكنولوجيا»، وهي الاتفاقية التي اختلفت فيها اراء فاعلي قطاع الصحة بين مؤيد ومعارض، فهناك من اعتبرها صفقة رابحة لصالح الجزائر كما تعد من كبرى الخيارات الإستراتيجية الخاصة بنظامنا الصحي والتي ستمكن السوق الجزائرية من القضاء على استيراد مختلف أنواع الأدوية، في حين أكد آخرون أن هذه الشراكة لا تعود بالفائدة على الجزائر وإنما هي مجرد مضيعة للوقت وهدر للأموال.

١٤ مركزا  صحيا و١٩٥ مؤسسة عمومية

وبلغة الأرقام تحصي الجزائر ١٤ مركزا اسشفائيا جامعيا و ٥ مؤسسات استشفائية و٦٨ مؤسسة استشفائية متخصصة كما تم تسجيل ١٩٥ مؤسسة عمومية للصحة على المستوى الوطني علما أن جهود الوزارة في تعزيز البنى التحتية الصحية لا يزال قائما في إطار المخطط الوطني للنهوض بالصحة ببلادنا.
أما فيما يتعلق بالكثافة السكانية فهي تشهد تزايدا مستمرا حيث بلغت قبل سنتين ٣٥,٧ مليون نسمة في حين وصل عددها في ٢٠١٢ إلى ٣٧,٢ مليون نسمة نظرا لتحسن الرعاية الصحية مقارنة بالسنوات الماضية وهو ما أدى إلى قلة الوفيات لاسيما لدى الأمهات والرضع وارتفاع معدل العمر إلى ٧٦ سنة.
ويبقى من الضروري أيضا تجسيد البرنامج الصحّي المخصّص لمنطقة الجنوب الجزائري الذي يعاني من مشاكل عديدة على غرار نقص الخدمات الصحية وقلة الأطباء المختصين،فيضطر المرضى للتنقل لآلاف الكيلومترات إلى المدن الكبرى للبحث عن العلاج وبالتالي فإن تشييد مراكز صحية متخصصة وتوفير مختلف التجهيزات الطبية اللازمة من شأنه ضمان استفادة جميع مواطني هذه المناطق البعيدة من العلاج والتكفل الصحي الجيد دون عناء السفر.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024