أكد وزير الاتصال محمد السعيد، أمس، أن «الشعب» لعبت دورا كبيرا في المناسبات الوطنية كجريدة ملتزمة بالخط الوطني ودافعت عنه منذ تأسيسها وصمدت في وقت التعددية، رغم تعثرها في بعض الأحيان بسبب ما أسماه «إهمال» قد يقصد به شيء معين، وقد يكون ناتجا عن الإهمال نفسه.
وقال محمد السعيد في كلمة ألقاها في ندوة حول: (الإعلام العمومي ومسار يومية الشعب)، نظمت بمناسبة إحياء الذكرى الـ٥٠ لتأسيس جريدة الشعب، بقصر الثقافة إن قطاع الصحافة العمومية المكتوبة يعرف مرحلة جديدة، يجب أن يكرس فيها العمل، الشفافية، الصرامة والجدية وتشجيع الكفاءات لبناء مؤسسات إعلامية قوية، مشيرا إلى أن المسؤول الناجح من يستطيع إبراز الكفاءات، لتكون خلفا له حين مغادرته منصب المسؤولية.
وقال وزير الإتصال، «إن المرء عندما يقف أمام الوضع الحالي يقع في حيرة من أمره، فقبل سنة ١٩٩٠ وصل سحب ٦ صحف يومية عمومية إلى ٦٠٠ ألف نسخة، ليتراجع بعد التعددية الإعلامية إلى ١٢٠ ألف نسخة، أي بأربعة أخماس» هذا دون الحديث عن المرتجعات، والمبيعات.
وأردف قائلا: قطاع الصحافة العمومية يواجه عدة مشاكل، وهو أمام تحد حقيقي فإما أن يتكيف ويحاول التغيير من عمله وأسلوبه وطريقة طرحه للمشاكل وتحسسه لانشغالات المواطن، أو يحكم عليه بالزوال التدريجي، وهذه مشكلة كبيرة تواجهها الصحافة المكتوبة العمومية.
وحذر وزير الإتصال، مسؤولي وسائل الإعلام العمومية من الإتكال على مساعدات الدولة، داعيا إياهم إلى التفكير في إيجاد مصادر تموين جديدة، غير تلك التي تقدمها الدولة، وأخذ بعين الإعتبار وضعية السوق الحر بعد إنضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة لأن سوق الإشهار ـ الذي يغذي الصحافة المكتوبة ـ سيصبح محدودا.
وأقر محمد السعيد بوجود مشكل توزيع الصحف العمومية، غير أنه أكد أنه لا يوجد مشكل دون حل، الأمر الذي يفرض ـ كما قال ـ على المؤسسات العمومية التفكير في وسيلة ناجعة توصل بها الجريدة الى القراء في كل مكان، خاصة وأن المطابع متوفرة في كل مناطق الوطن.
كما ألح على بذل مجهود إضافي لتكوين الصحافيين، مذكرا في هذا السياق بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة، ومنها تنشيط صندوق دعم الصحافة المكتوبة الذي جمدت أمواله في ٢٠٠٥ لأسباب معروفة لدى البعض، وخصص لتكوين صحفيي القطاع العام والخاص على حد سواء، وليس لأي شيء آخر، كما فرضت في قانون الإعلام الصادر السنة الماضية تخصيص نسبة ٢ بالمائة من الأرباح للتكوين.
وشدد محمد السعيد على ضرورة مراعاة ميدان التكوين، لإخراج الصحافة العمومية من واقع بئيس أصبحت سمته البارزة نسخ لعناوين مطابقة لبعضها البعض، وغياب الوازع الأخلاقي، حيث «نجد مراسلين يراسلون عدة صحف بنفس الموضوع مع تغيير في العنوان فقط، وصحافيين ينسخون مقالات من الأنترنت ويعيدون نشرها كما هي»، هي حقائق أكد وزير الإتصال على ضرورة معالجتها بكل موضوعية، دون الإعتماد المطلق على الدولة، لأن الإعلام العمومي دخل مرحلة جديدة، يجب أن يفرض نفسه بإمكانياته وكفاءاته، بعيدا عن العادات السيئة التي «جعلتنا نتساهل مع كل شيء يحتاج إلى تغيير».
شروط نجاح التجربة الإعلامية
فضل وزير الاتصال وهو يشارك «الشعب» الإحتفالية بخمسنيتها، أن يخاطب المؤسسات الإعلامية العمومية بلهجة «الصراحة» واللغة المسؤولة من «غير مجاملة» كما قال، غيرة منه على العناوين الصحفية، وليس انتقاصا من مجهوداتها التي بذلتها طيلة عقود من الزمن، ، داعيا إياها الى تقييم الإيجابيات ومعالجة السلبيات والسير بهذه الروح لكي تصل.
وأشار محمد السعيد، إلى مجموعة من الشروط قال يجب أن تتوفر إذا ما أردنا بناء مؤسسة إعلامية تكون جامعة لآراء شريحة كبيرة من القراء، ومحترمة في خطها الافتتاحي، أولها أن يكون المسؤول الإعلامي قدوة لغيره، صارما في التسيير، بحيث لا يتراجع ولا يتهاون عندما يتعلق الأمر بمصلحة المؤسسة، يضمن العدالة بين كل الموظفين والصحافيين، والشرط الثاني أن تكون الجرأة في اتخاذ المبادرة من قبل الصحفي، ولا ينتظر في المكتب تعليمات لتحرير مقال، والشرط الثالث أن يبني المسؤول فور تنصيبه خطة عمل وكأنه سيغادر منصبه الآن، حتى يتجنب الوقوع في فخ المساومات.
وفي رأي محمد السعيد، المسؤول الناجح الذي لا يضيع وقته في انتقاد من سبقه، بل من يعمل على تقييم ايجابيات المرحلة السابقة لتعزيزها، بدل الاستمرار في انتقاد المسؤول لتبرير فشل مسبق من الآن، قبل أن يشدد على ضرورة الاعتماد على الذات و تجنب الاتكالية لتقديم خدمة إعلامية مميزة.
من جهة أخرى، قدر محمد السعيد عدد الصحفيين ب ٤٧٠٠ صحفي، من بينهم ٧٠٠ مراسل، و١٥٠٠ صحفي في القطاع العمومي، و١٢٧ عنوان إعلامي، ينتظر أن يرتفع في الأيام القادمة بعد منح الاعتماد للطلبات «التي مازالت تتهاطل على الوزارة»، والتي سيفصل بالإيجاب فيها نظرا لتوفرها على الشروط.