بهلولي لـ «الشّعب»: خرجة لارشيه مخالفة صارخة لقرارات المحكمة الأوروبية
عزّزت زيارة رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لارشيه، إلى أراضي الجمهورية العربية الصّحراوية الديمقراطية المحتلة، الوجه الحقيقي «المخزي» للموقف الفرنسي والمتواطئ مع سياسات الاحتلال المغربي، والمنتهك بشكل صارخ للقانون الدولي ومواثيق وقرارات الأمم المتحدة القاضية بمنح الشعب الصّحراوي حق استفتاء تقرير المصير ونيل استقلاله وحريته.
يتعمّد الإليزيه عبر أذرعه وموظفيه الكولونياليّين الجُدد في الحكومة والمؤسسة التشريعية البرلمانية، ازدراء حقوق الشعب الصّحراوي، عبر تقمّص السّردية المخزنية الواهية والوهمية، المُتماهية مع مخطّطات احتلال الأراضي الصّحراوية، والدّوس على الشرعية الدولية التي تعتبر دولة الصّحراء الغربية كياناً مستقلّاً في طور التحرّر من الاستعمار، وعضوا مؤسسا في الاتحاد الإفريقي، حيث لاقى توجّه رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لارشيه، إلى العيون المحتلة، إدانات بأشد العبارات لا سيما بالداخل الصّحراوي.
وانهارت المنظومة السياسية الفرنسية بشكل صادم في السنوات الأخيرة، على أكثر من الصعيد، إذ جعلت من مهاجمة جزائر الأحرار بشكل مستمر وممنهج، أجندة رئيسية، وقرّرت التماهي مع الماضي الاستعماري المخزي بدعم الطرح المغربي في قضية الصّحراء الغربية.
وبزيارة لارشيه إلى العيون المحتلة، يكون رأس المؤسسة التشريعية الفرنسية، قد قرّر الانضمام إلى «عار» الفكر الاستعماري الذي انتعش في أوساط اليمين الفرنسي المتطرّف وامتد إلى بعض أعضاء الحكومة.
سبق خرجة لارشيه المُنكرة والمُستنكرة قانونياً وأخلاقياً، زيارة أخرى لوزيرة الثقافة والتراث بالحكومة الفرنسية، المسمّاة رشيدة داتي، إلى المدن المحتلة، بغرض محاولة شرعنة احتلال النظام المغربي غير القانوني للصّحراء الغربية وفق منظور الأمم المتحدة، وإبداء دعم باريس الإستفزازي للسيادة المزعومة على الأراضي الصّحراوية، وهو ما أدانته وحذّرت منه الجزائر، ووصفته بالخطوة الخطرة للغاية التي تستدعي الشّجب والإدانة على أكثر من صعيدٍ.
وفي اتصال مع «الشّعب»، أوضح أستاذ القانون الدولي بجامعة مصطفى اسطمبولي بمعسكر، الدكتور أبو الفضل بهلولي، إنّ زيارة رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لارشيه، إلى مدينة العيون المحتلة، تحمل في طياتها انخراطا أوضحاً للمؤسسات الفرنسية التشريعية في موقف دعم فكرة الحكم الذاتي المزعومة في الصّحراء الغربية، بما يرسّخ الفكر الاستعماري الجديد الذي طرحه اليمين المتطرّف تُجاه القضية الصّحراوية. وأكّد الدكتور بهلولي، أنّ الزيارة تمثل استخفافا ودعما سافرا للاستعمار والهيمنة على دولة الصّحراء الغربية، واستمرارا في الاستغلال غير الشرعي لثرواتها ومواردها الطبيعية.
من جهة أخرى، فإنّ هذه الزيارة البائسة تشكل محاولة مفضوحة لفرض سياسية الأمر الواقع على المجتمع الدولي، وحصر الشعب الصّحراوي في خيار واحد ألا وهو الحكم الذاتي، بما يخالف المسار القانوني للقضية في هيئة الأمم المتحدة، بحسب قوله. وفقاً لبهلولي، تعدّ خرجة لارشيه الخطيرة مخالفة صارخة لقرارات المحكمة الأوروبية التي أشارت إلى الوضعية القانونية لإقليم الصّحراء الغربية، وإقرارها أحقية الشعب الصّحراوي في الإستفتاء وتقرير المصير، وهو ما تماهى معه مجلس الدولة في فرنسا باعتباره أعلى هيئة قضائية من خلال منعه استيراد المنتجات من ذات المنطقة، كونها تعود إلى أصحابها الصّحراويين فقط.
وعلى المستوى القاري الإفريقي، مثلما شرح المحلّل، أصدرت محكمة حقوق الإنسان والشعوب التابعة للاتحاد الإفريقي، لأول مرّة، قرارات قضائية لصالح الشعب الصّحراوي، أكّدت فيها أنّ إقليم الصّحراء الغربية منفصل ومتمايز عن المغرب، مع استنادها إلى مراجع دولية أهمها تصنيف الأمم المتحدة لإقليم الصحراء الغربية ضمن الأقاليم الخاضعة للاستعمار، مع إلزام المجتمع الدولي بتصفيته وليس المساهمة في دعمه، وهذا الالتزام يقع أيضاً على الدولة المحتلة المتمثلة في المغرب، وعلى الدولة الثالثة الخارقة للقانون الدولي ألا وهي فرنسا.
وأكثر من ذلك، عضّد قرار محكمة العدل الدولية لعام 1975م، مشروع استقلالية إقليم الصّحراء الغربية، وأوجب تبعيّته للمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة لتقرير المصير، من خلال فرض الأمر الواقع بإجراء تعبير حرّ وحقيقي للشعب الصّحراوي.
من جهتها، وضعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها 79 حيّزاً كبيراً لتداول حل مشكل قضية الصّحراء الغربية، وطالبت العديد من الدول الإفريقية بحماية حق الشعب الصّحراوي في تقرير مصيره وتصفية الاستعمار، في ظلّ تحول فكرة تصفته في حدّ ذاتها إلى إحدى تطلعات قيادات القارة السّمراء وشعوبها المكافحة ضدّ الهيمنة والاحتلال بكل طرقه وأشكاله، يذكر أستاذ القانون الدولي، أبو الفضل بهلولي.