يعرف إنتاج العسل في الجزائر تذبذبا أرجعه المنتجون إلى عدة أسباب، أهمها الحرائق التي تلتهم سنويا العديد من الهكتارات وتأتي على النباتات بجميع أشكالها التي يتغذي منها النحل، بالإضافة إلى الفطريات التي أصابت بعض الأشجار، منها الكالتوس الذي يصنع منه عسل المستعمل لعلاج الأمراض الصدرية، كل هذه المشاكل وأخرى طرحها النحالون في هذا الاستطلاع الذي قامت به ''الشعب'' حول منتجات الخلية.في رحلة البحت عن النباتات التي يتغذى منها النحل لتعطي عسلا طبيعيا ذا جودة، مشاكل عدة يواجهها النحالون الذين يرحلون مع نحلهم من ولاية إلى أخرى ومن منطقة إلى منطقة بحثا عن أحسن النباتات لتغذية نحلهم، رحلات قد تطول إلى شهر ـ حسب ما ذكره مطاسي سامي ـ الذي التقت به ''الشعب'' خلال تغطيتها للصالون الوطني للعسل ومنتجات الخلية التي تحتضن فعالياته تعاونية تربية النحل بجسر قسنطينة، ويدير تعاونية مطاسية لتربية النحل ببومرداس، و هو شاب متخرج من الجامعة متحصل على شهادة ليسانس في التجارة، وقد أحب هذا النشاط الذي مارسه والده على مدى ٣٠ سنة.
قال سامي، إنه يجد المتعة في عمله هذا الذي مارسه مع والده منذ الصغر، وهو يسعى جاهدا لتطوير التعاونية العائلية التي يديرها، و قد أضاف إلى الخبرة التي استفاد منها عن والده، الأمور العلمية لتطوير مهنة تربية النحل وإنتاج العسل، وبالرغم من تجربته التي ما تزال في بدايتها، إلا أنه بدا يحقق بعض الأهداف التي سطرها، حيث تنتج تعاونيته ١٢ نوعا من العسل، بكمية تصل إلى بضع أطنان.
بالرغم من حبه لهذه المهنة إلا أن هناك مشاكل تواجهه في الميدان، ومن أهمها السرقة.
وذكر سامي أن خلايا النحل التي يضعها في عدة مناطق منها عين وسارة، الأغواط، ازفون والمدية كثيرا ما تسرق، حيث فقد بهذا السبب خلال هذه السنة ٥٠ خلية، بالإضافة إلى السرقة، طرح المتحدث مشكل نقص العبوات الزجاجية ذات الحجم الأخير التي يعبئ فيها العسل للتسويق، كما انتقد تحول بائعي العسل إلى ''أطباء'' وينصحون المشترين والمستهلكين باقتناء أنواع من العسل للشفاء، ويعتبر هذا في نظره خطير، لأن النحّال يقتصر نشاطه على إنتاج العسل ذا جودة فقط.
وفيما يتعلق بالتصدير، فإن مطاسيا يرى بأنه هدف بعيد المنال بسبب الشروط التعجيزية التي يتضمنها دفتر الأعباء، والمهم بالنسبة له أنه يقدم منتوجا طبيعيا وذا جودة، والتوصل إلى أن يصبح من أكبر النحالين في البلد.
نفس المشاكل تقريبا يتقاسمها صاحب تعاونية ''كنون للنحل'' المتواجد بسطاوالي، الذي ينتج كل أنواع العسل بالإضافة إلى حبوب الطلع والغذاء الملكي، الذي ينصح استعماله لمعالجة أعراض التعب والإرهاق، والذي يعرف إقبال كبير عليه من طرف المستهلكين.
ذكر المتحدث وهو شاب دون الثلاثين من العمر ان المهنة بها الكثير من المتعة و الحيوية التي تجعل النحال يتجاوز العقبات التي تواجهه في طريقه، وتمثل الإرادة عامل أساسي ينبغي لصاحب المهنة التحلي بها لتحقيق ما يصبو إليه، والأكيد أن الهدف الأساسي كما ذكر التوصل إلى توفير إنتاج كثير من حيث الكم وأجود من حيث النوعية، غير أن بعض المشاكل تحول دون ذلك.
ويمثل نقص العبوات ذات الحجم الصغير ذات وزن ٥٠ غرام وأقل من ذلك مشكل بالنسبة لمنتجي العسل النحل، مطالبا بضرورة توفيرها في السوق، ليتسنى للجميع اقتناء العسل.
واستهلاكه، خاصة الذين لا يستطيعون شراء عبوات ذات ٢٥٠ غرام و١ كيلوغرام، لأن أسعار هذه الأخيرة يعتبرها المستهلكون باهظة، فيبحثون عن أثمان أقل في العبوات الصغيرة لكنهم لا يجدونها في الغالب.
وهناك من النحالين أمثال بن أكحل مراد الذي يدير مستثمرة عائلية في إنتاج النحل (تنشط في المجال منذ ٤٠ سنة)، من يبحث عن تطوير إنتاج العسل وإيجاد أنواع جديدة منه، بالإضافة إلى ١٢ نوعا ينتجها هناك نوع جديد وهو معروض في الصالون، وهو عسل الأرز.
هذا النوع الجديد من العسل ـ كما قال ـ بن أكحل لا ينتج سوى في منطقة تكجدة بمنطقة القبائل، وهو يمتلك حاليا٧٠٠ خلية، وتصل كمية إنتاج هذا النوع إلى ٢ ، ١ طن، وقد ذكر في هذا الصدد بأن عسل الأرز ذا جودة عالية ويحتوي، بالإضافة إلى الفيتامينات الموجودة في العسل الصافي عموما مكونات من الأرز المفيدة للهضم وغيره.
وتعد تعاونية الهدى المتواجدة في بئر توتة، من بين أقدم التعاونيات التي تنتج العسل (أزيد من ٥٠ سنة من الوجود)، حسب ما صرّح لنا به صاحبها، الذي يتجاوز سنه الـ٧٠ عاما.
وقد عرف هذا الأخير بإنتاج عسل ''السدر'' الذي يسعى لتطويره أكثر من خلال جلب نبتات من اليمن وزرعها في الجزائر، بعد أن أعطت فعاليتها في معالجة عدة أمراض كنبتة بعد تحويلها وكمصدر للعسل.
انشغال آخر طرحه أحمد جزائري صاحب تعاونية ''جزائري'' لإنتاج العسل المتواجد بالناصرية ببومرداس، والمتمثل في الأمراض التي أصابت بعض النباتات وأشجار الكالتوس ''فطريات'' والتي أدت إلى إتلافها، وقد انعكس ذلك على إنتاج العسل الذي يستعمل خاصة في فصل الشتاء لعلاج الالتهابات الصدرية والتنفسية وكذا الروماتيزم الذي يعاني منه المصابين به بصفة كبيرة خلال هذا الفصل.
وذكر أحمد جزائري، أن التلف الذي أصاب النباتات المذكورة التي تمثل مصدر لإنتاج العسل أدى إلى تراجع كمية هذا الأخير بشكل كبير خلال السنة الجارية، حيث لم تتجاوز منتجات الخلايا النحل سوى ٧٠ كيلوغراما من عسل الكالتوس، بعدما كان ينتج ٧ قناطير.
وذكر المتحدث أن هذا المشكل لم يثنه عن بحث واكتشاف فوائد العسل بمزجها بمواد طبيعية أخرى كالعدس، هذه الخلطة التي أثبتت كما قال فوائد كثيرة إذ يمكن استعمالها كمقويات، ويمكن أن تعالج أعراض فقر الدم، وهو يبحث عن شهادة مواصفات لتسويق هذا المنتوج العسلي.