حركية دبلوماسية وأمنية مكثفة بينها وبين تونس وليبيا وموريتانيا

الجزائر ترسخ مقاربة «الأمن والتنمية» في جوارها الحيوي

حمزة.م

القمة الثلاثية المقبلة.. تعميق الرؤية التوافقية حول تطورات الأوضاع بالمنطقة

شهدت علاقة الجزائر بكل من ليبيا، موريتانيا وتونس، حركية لافتة في الأيام الأخيرة، ميزتها الإرادة المشتركة في زيادة نسق التواصل والتحرك وفقا لمقتضيات المنافع المتبادلة وضرورات مواجهة التحديات الأمنية المستجدة، ويرتقب أن تعمق القمة الثلاثية المقبلة الرؤية التوافقية حول تطورات الأوضاع في المنطقة.

خلال الأيام الخمسة الماضية، استقبلت الجزائر، رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد يونس المنفي، ووزير الشؤون الخارجية التونسي محمد علي النفطي، فيما أدى الفريق أول السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، زيارة إلى موريتانيا، دامت ثلاثة أيام.
هذه الحركية، أكدت مرة أخرى، التوجه النشط للجزائر، نحو تقوية علاقاتها بدول الجوار وتجسيد ذلك قولا وفعلا، عبر مقاربة «التقييم والتشاور المستمر وتوحيد الكلمة» في عديد القضايا التي تخص إقليم شمال إفريقيا، والعالم.
ويكشف التصريح الصحفي المشترك، الذي جمع رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، برئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد يونس المنفي، الأهمية التي يوليها البلدان لمسألة الأمن والاستقرار، ليس في ليبيا فقط وإنما المنطقة.
وتنظر الجزائر إلى هذه المسألة بنزاهة عالية، حيث تعتبر أن معالجة الأزمة في ليبيا، تمر عبر الطريق السلمي الذي يرسمه الشعب الليبي في انتخابات يختار من خلالها من يراه مناسبا، ما يؤدي بالضرورة إلى استقرار ليبيا ومن ثمة مساهمتها الكاملة في هندسة استقرار المنطقة.
هذا الطرح الجزائري، لقي إشادة رئيس المجلس الرئاسي الليبي، الذي نوه بدعم الرئيس تبون إلى ليبيا من منطلق الحرص على الأمن والاستقرار في بلاده، وأكد أن دعم الجزائر للدولة الليبية في المحافل الدولية «دعم خالص وليس لأغراض أخرى».
وأثبتت الجزائر على مر سنوات الأزمة الليبية، وقوفها إلى جانب المصالح العليا للشعب الليبي والدولة الليبية، ما منحها مكانة تتجاوز «دور الوسيط الحيادي أو النزيه» إلى «البلد الشقيق والسند» الذي يمكن لليبيين أن يعولوا عليه للمرور إلى بر الأمان.
وخلال زيارة المنفي إلى الجزائري، تم الإعلان عن الانعقاد «الوشيك» للقمة الثلاثية التي تجمع الجزائر وتونس وليبيا، في العاصمة طرابلس، وتم التأكيد على مواصلة هذا العمل بهذا الإطار التشاوري بين البلدان الثلاثة.
استمرار انعقاد هذا اللقاء على هذا المستوى، له دلالات بالغة، أهمها جودة العلاقات بين البلدان الثلاثة، وتحقيقها لمستوى عالٍ من التنسيق والتشاور والعمل على توحيد الكلمة والموقف تجاه كل القضايا المشتركة، وبالتالي تتويج الجهد الثلاثي بتحرك وتنسيق ميداني حيال المسائل المطروحة.
الرئيس تبون، وقبيل ميلاد هذا اللقاء، الذي أطلق عليه البعض بالتكتل الجديد في المنطقة المغاربية، لفت إلى أن الفراغ القائم حاليا في كتلة شمال إفريقيا مقارنة بالمجموعات الإقليمية الأربع للاتحاد الإفريقي فرضت العمل على خلق فضاء «للتشاور» كبداية.
وأشار الرئيس إلى أنه ليس موجها ضد دولة من الدول أو ضد اتحاد المغرب العربي، وإنما «لقاء من أجل التشاور والعمل وتوحيد الكلمة ولو لمرة واحدة كل ثلاثة أشهر»، مفيدا بأن مشاكل دول المنطقة تكاد «تتشابه إلى حد بعيد».
وعقد أول لقاء في تونس، شهر أفريل الماضي، أين تم بحث مسائل الهجرة غير الشرعية، وتنمية المناطق الحدودية وتداعيات الأزمات المعقدة في الساحل الإفريقي.
وتواجه الدول الثلاث، تحديات مشتركة، على غرار السيول الكبيرة للمهاجرين غير الشرعيين، التي ترتبط بأجندات مشبوهة، إلى جانب الجريمة المنظمة التي تنشط في تجارة المخدرات بشتى أنواعها وتهريب المهاجرين، وتشكل في معظم الأحيان مصادر تمويل رئيسية للجماعات الإرهابية النشطة في منطقة الساحل.

الأمن والمقاربة الاستباقية

حضور المقاربة الأمنية في العمل المغاربي المشترك، جسدتها زيارة الفريق أول السعيد شنقريحة رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، إلى موريتانيا، الأسبوع المنقضي، والتي دامت ثلاثة أيام وتميزت باستقبالات ولقاءات عالية المستوى.
الفريق أول، وخلال اليوم الثاني من الزيارة أكد رفقة نظيره الموريتاني، «أهمية تعزيز العمل المشترك بين الطرفين بروح التعاون والتنسيق الدائمين في ظل سياق جيوسياسي إقليمي ودولي خاص ترتبت عنه بروز تحديات أمنية جديدة».
وتوجت الزيارة، بتوقيع بروتوكول تعاون مشترك بين جيشي البلدين في مجال تبادل المعلومات بين المدير المركزي لأمن الجيش عن الجانب الجزائري وقائد فرقة الاستخبارات والأمن العسكري للأركان العامة للجيوش عن الجانب الموريتاني.
ويأتي ذلك في سياق بالغ الحساسية لكلا البلدين ومنطقة الساحل، التي تشهد تحديات ورهانات مشتركة، حيث يعتبر التنسيق الأمني بين الجزائر وموريتانيا، خطوة استباقية وحيوية لمجابهة التحديات الأمنية، وأيضا لبسط الاستقرار، خاصة وأن البلدين دشنا أول منطقة للتبادل التجاري الحر في المنطقة ككل، ويحققان تطورا لافتا في التعاون الاقتصادي والتبادلات التجارية.
المنفعة المتبادلة بين دول الجوار، أقحمتها الجزائر في استراتيجيتها مع هذه البلدان الشقيقة، وأضافتها كبعد رئيسي إلى جانب الأبعاد التاريخية والأخوية والجغرافية.
وفي عدة مناسبات، أكد رئيس الجمهورية، العمل على إنشاء مناطق حرة مع كل من تونس وليبيا والنيجر، وتم تجسيدها مع موريتانا، وقد أنهت الجزائر فعليا النص القانوني الخاص بهذه المناطق قبل سنتين.
وحضرت هذه المقاربة في زيارة وزير الخارجية التونسي محمد علي النفطي إلى الجزائر، أمس الأول، والذي تحدث عن «قاعدة المنافع المشتركة والمتبادلة وقاعدة الأمن القومي»، في بعدهما الثنائي والشامل للمنطقة ككل.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19604

العدد 19604

الخميس 24 أكتوير 2024
العدد 19603

العدد 19603

الأربعاء 23 أكتوير 2024
العدد 19602

العدد 19602

الثلاثاء 22 أكتوير 2024
العدد 19601

العدد 19601

الإثنين 21 أكتوير 2024