«النفقة الجبائية»..دعم مباشر للسلع الأساسية ..وحماية «جيوب» المستهلكين
المشرّع المالي ضبط جميع الإجراءات الكفيلة بضبط الإيرادات
مساعدة المؤسسات الصغيرة والناشئـة ومرافقة الصيرفة الإسلامية
الخزينة العمومية تتدخل لدفع الفارق بين سعر السوق والسعر المقنـن
أكد خبراء في الاقتصاد والمالية في تصريح لـ «الشعب»، أن أسعار السلع التي سوف تستفيد من الإعفاءات تضمنها مشروع قانون الميزانية لسنة 2025، ستعرف توازنا ينعكس على مداخيل الأسر متوسطة الدخل، وتقاطعوا في التخفيضات التي جاءت في النص القانوني فيما يخص الضرائب والرسوم، وتندرج في إطار تخفيف الضغط على المواطن البسيط وتحسين القدرة الشرائية.
أكد الخبير في المالية والمحاسبة، بوبكر سلامي، أن التخفيضات التي مست الضرائب والرسوم في مشروع قانون المالية لسنة 2025، تندرج في إطار تخفيف الضغط على المواطن البسيط وتحسين القدرة الشرائية، وهي تسمى «نفقة جبائية».
وأوضح سلامي، أن النفقة الجبائية هي كل ضريبة أو رسم لا تدخل إلى الخزينة العمومية بسبب إجراء يتضمنه قانون المالية، والمتمثل في أن الخزينة العمومية تتنازل عن جزء من الضرائب والرسوم لفائدة المواطن أو المؤسسة، مشيرا إلى أن النفقات الجبائية تم التطرق إليها في نهاية نص القانون.
وقال سلامي، فيما يتعلق بهذه النفقات الجبائية، إنه يستفاد منها في بعض المواد، كالحليب الذي لا يخضع للرسم على القيمة المضافة، هذه الأخيرة التي كان من المفروض فرضها على هذه المادة الاستهلاكية الأساسية، لكنها لم تدخل الخزينة العمومية بسبب هذا الإجراء، لافتا إلى أنه لا يمكن تحديد قيمتها إلا بعد انتهاء السنة المالية. كما أشار المتحدث، في السياق، إلى أن القيمة الجبائية للتقديرات التي وردت في مشروع قانون المالية 2025، تتحدد بعد اختتام السنة المالية وليس في بدايتها، موضحا أنه لا يمكن معرفة قيمتها، سواء تعلق الأمر باستيراد اللحوم أو البقوليات وغيرها...
وذكر الخبير، أن النفقات الجبائية تندرج كذلك في إطار تحسين القدرة الشرائية للمواطن ومساعدة المؤسسات، خاصة المؤسسات الصغيرة والناشئة «ستارتاب»، وكذا بعض العمليات التي تدخل ضمن الصيرفة الإسلامية.
من جهته، ذكر أستاذ كلية العلوم الاقتصادية والتسيير والتجارة بجامعة الجزائر-1، الدكتور إلياس كشاوي، أن مشــــروع قانـــــــون الماليــــــــة لسنة 2025 أقر مجموعة من التدابير، تهدف إلى دعم القدرة الشرائية وتحسين الإطار المعيشي للمواطن، والتي جاءت على شكل إعفاءات جبائية مؤقتة مرتبطة بالضرائب والرسوم على الإنفاق، تتراوح بين إعفاءات الرسم على القيمة المضافة والحقوق الجمركية.
لفت كشاوي، إلى أن هذه الإعفاءات مست في مجملها المواد الغذائية، المتمثلة في البقول الجافة والخضروات والفواكه، اللحوم البيضاء والحمراء والبيض والدجاج...الخ، مضيفا أن المشرّع المالي ابتعد عن آلية الدعم المالي المباشر على السلع مثل السكر، الزيت، الحليب، القمح الأبيض، ومؤخرا مادة القهوة.
أوضح المتحدث -في هذا الصدد- أن الخزينة العمومية هي التي تتدخل لدفع الفارق في السعر، بين سعر السوق والسعر المقنّـن، ولجأ المشرع إلى آلية الإعفاءات من الرسوم، سواء الجمركية أو الضريبية، وهذا ما يطلق عليه بالنفقات الجبائية التي أشار إليها القانون العضوي المنظم لقوانين المالية 15/18، والذي يجبر السلطات المالية على إدراج تقرير مالي عنها ضمن قانون المالية، كما هو معمول به في أغلب الدول، وبالتالي فإن حجم الإيرادات العمومية التي سوف تفقدها الخزينة العمومية تكون مرتبطة، بشكل عام، بحصص الاستيراد، فهي- إذن- معلومة ومضبوطة بدقة من طرف مصالح الجمارك.
ويعتقد الأستاذ كشاوي، أن أسعار السلع التي سوف تستفيد من هذه الإعفاءات، ستشهد توازنا مقارنة بمداخيل الأسر متوسطة الدخل. ووفقا لهذا الإجراء، فإن المشرع المالي اتخذ هذه التدابير وفقا لمبدإ الحيطة والحذر، سواء بالنسبة للآلية في حد ذاتها، أي الإعفاء بدل الدعم المباشر، لأن الأولى مرتبطة بقواعد فرض الضريبة والرسم (أي التضحية بالإيراد بدل تحصيله وإعادة إنفاقه). أما الثانية، فهي مرتبطة بالتحصيل الفعلي للإيراد وإعادة إنفاقه.
أما العامل الثاني، المرتبط بمبدإ الحذر -يقول كشاوي- فإن المشرع المالي حدد له مدة سنة مالية واحدة فقط لانتهاء مفعول الإجراء، أي نهاية سنة 2025، وهذا تحسبا لانتعاش الاقتصاد الوطني والاستجابة لفجوة الطلب.
وذكر المتحدث، أن هذه التدابير تأتي في مجملها في إطار تحسين النمط المعيشي للمواطن والرفع من قدرته الشرائية التي تتآكل بفعل ظاهرة التضخم المرتبط بارتفاع تكاليف عناصر الإنتاج، إضافة إلى عدة تدابير تهدف كذلك إلى دفع الطلب الكلي للتأثير على جهاز الإنتاج للاستجابة إلى الطلب، فهي إذن، وسيلة لتشجيع الاستثمار، هذا الأخير يمكن من تعويض النفقات الجبائية أو الإعفاءات الجبائية التي قدمها المشرع المالي على الأمد المتوسط.
كما أن التضحية المالية في شكل إعفاءات قد أوجد لها المشرع المالي إيرادا بديلا، من خلال توسيع الأوعية الجبائية أو التمويل عن طريق صندوق ضبط الإيرادات، لأن أي تقدير للنفقات أو الإيرادات يتم وفقا لمؤشرات داخلية عن حالة الاقتصاد الوطني وخارجية تؤشر عن حالة أسواق النفط وذلك بصورة تصل إلى الدقة في التقدير.