دعا مشاركون ومسؤولون، خلال الدورة التكويينة الثانية حول إجراءات العمل التشريعي والبرلماني، الى ضرورة إعطاء أولوية للجانب التكويني للنواب في كل المجالات التي لها علاقة بممارسة مهامهم البرلمانية، المتمثلة خاصة في المهام التشريعية للرقي بالعمل البرلماني وضمان حسن الأداء.
شدد، أمس، رئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم بوغالي، على أن هيكلة أي نص تشريعي تتطلب دراسة كافية بجوهره وتتبع مراحله، وهي العملية التي تحتاج إلى الاستعانة بأهل الاختصاص حتى تكون النصوص التشريعية منسجمة فيما بينها من جهة، ومتناغمة مع الدستور من جهة أخرى، وكذا الأمر المتعلق بآليات الرقابة وكيفية تفعيلها.
وأكد بوغالي، في كلمة ألقاها بمناسبة تنظيم الدورة التكويينة الثانية، بعنوان: «إجراءات العمل التشريعي والبرلماني»، أن هذه المسائل هي التي وجب إيلاؤها أهمية والاجتهاد في الإرتقاء بها، من خلال تكثيف الأيام التكوينية، مبرزا أن عملية التكوين المستمر هي الحجر الأساس لأي بناء وفي جميع المجالات والقطاعات، خاصة في المجال التشريعي.
في ذات السياق، ذكر رئيس الغرفة السفلى للبرلمان، أن المجلس الشعبي الوطني، الذي أوكلت له مهمة التشريع، عليه أن يكون أكثر حرصا على التكوين وتجديد المعلومات، وعلى معرفة كل الجوانب المتعلقة بمهامه حتى نضمن حسن الأداء وترقية الفعل البرلماني.
ودعا الرجل الأول في الهيئة التشريعية الثانية في البلاد، كل النواب إلى اغتنام الفرص المتاحة، وإيلاء عملية التكوين الأهمية التي تستحقها، من خلال الإنضمام إلى ورشات تكوين، سواء على مستوى المجموعات البرلمانية أو على مستوى اللجان الدائمة، مبرزا أن هذه الورشات من شأنها تعميق الفكر البرلماني وزيادة الاطلاع من خلال الدراسات المقارنة، لاسيما وأن تحيين المنظومة التشريعية يتطلب السهر على ذلك.
من جهته قال أستاذ القانون الدستوري مسعود شيهوب، في مداخلة له حول إجراءات العمل الشريعي والبرلماني، إن البرلمان مهمته الأساسية التشريع، إلا أن الأمر يختلف في النظام شبه الرئاسي، حيث تتقاسم الحكومة مهمة التشريع مع البرلمان، ليعود ويؤكد بأن هذا الأخير له مهام استشارية مثل حل المجلس الشعبي الوطني، في حالة الطوارئ، الحصار وإعلان الحرب، وهي مسائل يُستشار فيها البرلمان، ما يعني أن هذا الأخير له مهمتان التشريع والتصويت، إلى جانب الرقابة على عمل الحكومة.
وأوضح الأستاذ، أن التشريع نقطة أساسية، سواء من خلال إعداد نص قانوني من قبل النواب في حال اقتراح قانون، المساهمة في حال تقديم الحكومة مشروع قانون ما. مشيرا بالمناسبة، إلى أن المتعارف عليه في الجزائر هو تكليف كل وزير قطاعي بإعداد نص مشروع القانون، حيث يلجأ إلى تشكيل لجنة خبراء من القطاع، مدعمة بالكفاءات التي تعدّ مضامين مواد المشروع، ليتم عرضه على مجلس الوزراء للموافقة على التعديلات والإثراء، وقبل إحالته على البرلمان ومجلس الوزراء، يمر على الأمانة العامة للحكومة، ومنه ـ يضيف ـ فإن مبادرة النواب محدودة، بل تظهر سلطة النواب حيال أي تشريع من خلال التعديلات، التي قد تمر في ظل صمت البرلمانيين.
وأكد أن قانون المالية خط أحمر، نظرا لآجاله المحددة، ليشير أن القوانين تنقسم الى عضوية وعادية. فالعضوية تدخل في مجال البرلمان، الأحزاب، الإعلام وملزمة مثلها مثل القوانين الإجرائية، إلا أنه لا تلغى ولا تعدل إلا بقانون عضوي.
وتحدث المختص في القانون، عن القوانين التوجيهية والعادية، فالأولى تكتفي بمبادئ عامة، فيما تترك التفاصيل للتنظيم، وهو ما يعني إمكانية إجهاضها. أما العادية فتحتاج إلى نصوص تنظيمية، ومشاريع قوانين، بينما نبّه ذات المتحدث الى أن هناك فراغ في مراسيم تتفيذية تمر على مجلس الدولة وهو أمر خطير.
بدورها، أكدت أستاذة القانون الدستوري سليمة مسراتي، أن النظام السياسي الجزائري قائم على علاقة التعاون والرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، المستمدة من مبدإ الفصل بين السلطات المكرس في دستور 2020، والذي يفرض ـ تضيف ـ وجود آليات رقابية برلمانية يملكها البرلمان بموجب نصوصه الدستورية والقانونية لمراقبة أعمال الحكومة، مبرزة أن هذه المهام الرقابية عرفت تطورا مستمرا من خلال التجربة الدستورية الجزائرية التي عززها التعديل الدستوري الأخير.
وأشارت، أن أولوية التعديل الدستوري الأخير العميق، هي تعزيز مكانة السلطة التشريعية وإحداث التوازن بين السلطات العامة، حيث نادى بتمثيل الشعب الذي من حقه الرقابة على أعمال الحكومة ومحاسبتها ومساءلتها عن طريق المجالس الشعبية المنتخبة المتمثلة في البرلمان.
وذكرت أن التعديل الدستوري عزز آلية الاستجواب وحوّل صلاحيات رقابية للغرفة السفلى من خلال منحه آليات رقابية متعددة تختلف من حيث إجراءات مباشرتها وشروط ممارساتها، وكذلك من حيث أثرها وقوتها في مواجهة الحكومة وإمكانية أثرها وقوتها في مواجهة الحكومة وامكانية إثارة مسؤوليتها السياسية.
وقدمت الأستاذة، توصيات تتعلق بضرورة معالجة النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني للعديد من المسائل التنظيمية، التي لا يتعرض لها القانون العضوي، أضف الى تبسيط النظام الداخلي للمجلس لإجراءات ممارسة آليات الرقابة البرلمانية وتوضيح مصير أثرها والآليات التي لا تؤدي الى إسقاط الحكومة وإثارة مسؤولياتها السياسية، الى جانب إعطاء اولوية للجانب التكويني للنواب في كل المجالات التي لها علاقة بممارسة مهامه البرلمانية، كتقنيات الاتصال والحوار السياسي، صياغة الأسئلة والتقارير، السياسات العامة، المعارف الدستورية، حقوق الانسان وغيرها.
وخلال النقاش، تساءل نواب حاضرون عن مصير قانون تجريم الاستعمار، الذي فتح النقاش حوله داخل المجلس خلال الأشهر القليلة الماضية، مطالبين بالمضي قدما في تجسيده.