الخبير الجبائي، ابو بكر سلامي:

السوق الموازية معضلة تهدد الاستقرار الاقتصادي

خالدة بن تركي

- بولنوار:  الأسواق المؤقتة الحل الأنسب لضبط السوق

عادت الأسواق الموازية لتظهر من جديد، بالرغم من الإجراءات التي تتخذها للقضاء على هذه الفضاءات، وانتشرت بشكل كبير، الأمر الذي حذر منه الخبراء، لأنّ الظاهرة أخذت أبعادا خطيرة على جميع المستويات والأصعدة وأصبحت تهدد صحة المواطن والخزينة العمومية، بالإضافة إلى عرقلتها للاستثمار الداخلي والخارجي.


قال رئيس الجمعية الوطنية للتجار الحرفيين الجزائريين، الحاج طاهر بولنوار،أمس، في تصريح لـ»الشعب»، إنّ الاقتصاد الموازي مصدر تهديد للاقتصاد الوطني، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالتجارة غير الشرعية وتراجع الإنتاج وفقدان المداخيل الجبائية نتيجة النشاطات غير القانونية، ناهيك عن الأخطار التي يشكلها على صحة المستهلكين والأمن العمومي.
وتبقى أسباب عودة الأسواق الموازية مرتبطة بعدة عوامل- يقول المتحدث -، تتعلق باضطراب الأسعار في السوق الوطنية، النقص في عدد الأسواق الجوارية بعجز يصل إلى 500 سوق جواري، بالإضافة إلى اقتراب شهر رمضان، إذ تنتعش التجارة الفوضوية في هذه الفترة، وعدم تمكن العديد من الشباب من الحصول على محلات لمزاولة النشاط التجاري بصفة منظمة.
وأوضح بولنوار بخصوص الأسواق النظامية، أنّ الجزائر تمتلك 2800 سوق منظم على المستوى الوطني مقسم بين «جواري» و»تجزئة» وجملة «، وهي قليلة مقارنة بالمساحة وتعداد السكان الذي يقارب 44 مليون نسمة، الأمر الذي أحدث اضطرابا كبيرا في الأسعار بين منطقة وأخرى وبفارق أصبح ملحوظا، وتعمّق مع جائحة كورونا التي أثرت على اقتصاديات الكثير من الدول.
ولهذا، وحفاظا على استقرار الأسعار ولحماية القدرة الشرائية للمواطن، طالبت الجمعية بضرورة إقامة أسواق مؤقتة تحضيرا لشهر رمضان، وذلك باستغلال المساحات الشاغرة الموجودة على مستوى البلديات لتشجيع هذا النشاط التجاري، في انتظار إنجاز أسواق نظامية، مع تنظيم معارض تجارية مصغرة تعرض المنتوجات بأسعار معقولة وتضمن مداخيل للبلدية وتحقق هامش ربح للتاجر أو العارض الذي يكسب زبائن عن طريق هذه التظاهرات.
وعن آثارها السلبية، قال رئيس جمعية التجار، أنّ نتائجها وخيمة على جميع الأصعدة باعتبارها ربح ضائع للخزينة العمومية «أيّ الربح الضائع من النشاطات الموازية «، تحدث خلل في تسطير السياسات، سواء ما تعلق بتوفير العرض أو حاجة السوق، ما يعني استحالة ضبط السوق في حال تفاقم النشاط الموازي، وذلك لصعوبة الإحصاء وتحديد الأرقام، بالإضافة إلى صعوبة إحصاء الباعة بالنظر إلى تغيير النشاط الموازي دوريا.
ومن تأثيراتها الخطيرة أيضا، تهديد صحة المستهلك، كونها تعرض سلع بطريقة غير مناسبة لا تخضع للمعايير والمقاييس التجارية، فهي في الغالب فاسدة مقلدة لا تلبي حاجة الزبون الحقيقة، وبهذا على المصالح الولائية التدخل، مجددا، لإعادة تنظيمها تحت ما يسمى أسواق مؤقتة، في انتظار تنظيم فضاءات تجارية تضمن للشباب ممارسة نشاطهم وفق إطار قانوني.
مصدر للثراء الفاحش
من جهته، قال الخبير الاقتصادي والمستشار الجبائي، أبو بكر سلامي في تصريح لـ»الشعب «، إنّ السوق الموازية في الجزائر أخذت حجما كبيرا فهي معضلة حقيقية تهدد الاستقرار الاقتصادي، خاصة عندما نعلم أنّ المبلغ المتداول في السوق الموازية يقدر بين 50 و100 مليار دولار حسب آراء خبراء وملاحظين فإنّ حجم هذه السوق قد يصل من 80 مليار إلى 90 مليار دولار.
ويمثل ذلك -حسب الأستاذ- أكثر من 60% من الناتج الداخلي الخام يتم تداوله دون أيّ تحكم لا من حيث الاحصائيات التي أصبحت بعيدا عن الواقع ولا من حيث نسبة البطالة، نظرا لغياب أيّ معلومات عن اليد العاملة التي تنشط في هذه السوق، ولا من حيث خسائر الخزينة العمومية من ضرائب ورسوم تبلغ حوالي أكثر من 27 مليار دولار، إذا اعتبرنا أنّ المعدل العام الجبائي حوالي 30%، ولا الاشتراكات الاجتماعية.
وأضاف المتحدث، أنّ هذه السوق تمثل مصدر ثراء فاحش للكثيرين، ولا يمكن التحكم فيه أو الاستفادة منه عن طريق الجباية، خاصة أنّه أصبح يموّل كل النشاطات الفوضوية وتهريب العملة ورفع أسعار العقار والمضاربة، فبالرغم من قانون محاربة المضاربة لا تزال الكثير من المواد والخدمات تشهد ارتفاعا جنونيا وصل في بعض المواد إلى 300%.
لذلك يتفق الجميع على أنّ السوق الموازية أخذت قوة أصبح من الصعب التحكم فيها أو ردعها ما لم تسارع السلطات العمومية المختصة إلى اتخاذ قرارات مدروسة بإشراك كل الشركاء والمتعاملين والخبراء لاحتواء هذه السوق ،واذا تحتم الأمر اتخاذ إجراءات ردعية، لأنه من المعروف سياسة التحفيزات لم تؤت أكلها، ولذلك يجب المرور إلى السرعة القصوى واستعمال سياسة العصا والجزرة.
غير أنه ينبغي العلم، -حسبه -أنّ حركة الانتقال من السوق المنظمة إلى السوق الموازية أصبح يتسارع وحركة الاستثمار تتباطأ بشكل رهيب نظرا لتخوف المستثمرين من المنافسة غير الشريفة وغياب السيطرة والرقابة وبالتالي فكيف يعقل أن يأتي المستثمر ليجد نفسه وجها لوجه مع سوق ليس له فيها أي حق أو حماية، ضف إلى ذلك حقوق المستهلكين والمواطنين البسطاء الذين أصبحوا لقمة سائغة لجشع وطمع وتغول السوق الموازية.
وبذلك، يضيف السلطات مطالبة على ضوء تسارع الوضع إلى رقمنة كل القطاعات وتشديد الرقابة ومنع التعامل بالنقد وإذا تحتم الأمر، تغيير الأوراق النقدية في مدة مقبولة لتفادي الضغط والطوابير ولكن ليس قبل أن يتم توفير الظروف المواتية للدفع الإلكتروني واستعمال وسائل الدفع غير النقدية، وتوفير كل الوسائل الضرورية المالية المادية والآليات والحماية لأجهزة الدولة المكلفة بالرقابة من الإدارة الجبائية إلى إدارة التجارة والعدالة والجماعات المحلية.
وأكد الخبير الاقتصادي أبو بكر سلامي، ضرورة إشراك المواطن أيضا في العملية، وذلك من خلال التبليغ، ولكن بشرط ضمان الحماية له، وإذا تحتم الأمر تخصيص علاوة لكل من يبلغ على الممارسات والنشاطات المخالفة للقوانين.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024