تشكيلات سياسية وخبراء:

مطلوب قانون يقي المجالس من الانسداد

دعت تشكيلات سياسية وخبراء في القانون، السلطات إلى وضع قانون “ردعي” يقي المجالس الشعبية البلدية والولائية من الآثار السلبية المترتبة عن الانسدادات وتحديد الحالات المتعلقة بها بدقة وتلك التي تخول للمواطن الحق في رفع دعاوى قضائية ضد هذه المجالس، خاصة وأنها تتسبب في تعطيل التنمية المحلية.
عرفت عدة مجالس محلية خلال السنوات الماضية، إشكالية الانسداد وما يتعلق بها من تعطيل لبرامج تنموية لا يتم التصويت عليها رغم أهميتها للمواطن، في خضم صراعات وخلافات بين أعضاء المجالس تتمحور في أغلبها حول تعيين النواب ورؤساء اللجان دون تغليب المصلحة العامة للمواطنين.
ودعا في هذا الإطار، مترشح للمجلس الشعبي الولائي عن قائمة تكتل الأحرار بالعاصمة، الى تطبيق إجراءات “رادعة” ضد المتسببين في الانسدادات على مستوى المجالس المحلية، من خلال استحداث صيغة قانونية في التعديل المرتقب لقانوني البلدية والولاية للتمكن من إقصاء المجلس المتسبب في الانسداد وتعويضه فورا بما يليه في القائمة من أعضاء.
وقال ذات المترشح، إن أزمة الانسدادات خلقت مشاكل تنموية عديدة دفع ثمنها المواطن، ما يتطلب “وضع قانون ردعي للمتسببين بما يكفي لتفادي تكرار هذه الظاهرة، لأنه في النهاية سيمس بالتنمية المحلية ويضر بمصلحة المواطنين والبلد”، مشيرا إلى أن هذا الإجراء سيجعل المجلس المحلي المنتخب حريصا على تفادي الانسداد في المجلس، لأنه يعرف أنه “سيقصى”.
وأكد مسؤول بحزب الحرية والعدالة، أنه من وجهة نظر قانونية وإدارية، تعديل قانوني البلدية والولاية لم يجهز بعد، وهو ما قد يضع المجالس المنتخبة في نفس السيناريوهات التي عاشتها المجالس السابقة.
وقال، إن إشكالية الانسدادات في الوقت الحالي لابد أن تحل بتحقيق التوافق بين التشكيلات السياسية والمرافقة التامة من طرف وزارة الداخلية والجماعات المحلية، إلى حين صدور تعديل قانوني البلدية والولاية وجعل مصلحة المواطن أولوية.
ودعا ذات المسؤول الحزبي، إلى إحداث تعديلات “جوهرية” على قانوني البلدية والولاية وتحديد بدقة حالات التدخل الإداري والقضائي ومنح صلاحيات أكبر لرئيس المجلس الشعبي البلدي للتصرف في حال وقوع مثل هذه الانسدادات ومنحه إمكانية المبادرة لتسيير شؤون بلديته.
وقال مترشح عن جبهة الجزائر الجديدة، إن المنتخب المحلي لابد أن يثبت نيته في تغليب المصلحة العامة للمواطن، من خلال تفادي الحسابات السياسية الضيقة والتوجه نحو حشد أكبر قدر من التوافق حول البرامج والمشاريع، سيما وأن المرحلة المقبلة
تتطلب، بحسبه، التركيز على التسيير الاقتصادي للبلدية وتحريك الأنشطة المنتجة للثروة بها في كل المجالات ووفقا لخصوصيات كل منطقة.
وأضاف، أن استرجاع ثقة المواطن في الإدارة لابد أن ينطلق من تفادي حالات الانسداد وتدعيمها بأطر قانونية تضمن تجسيد الصالح العام وتفادي “شخصنة” الإشكاليات.
تحديد الحالات بدقة
يرى المختص في القانون الإداري، الدكتور بجامعة الجزائر-1، منير قتال، أن المشرّع عالج مسألة الانسداد في حالة واحدة فقط، تتعلق بحالة “اختلاف خطير” بين أعضاء المجلس الشعبي البلدي أو الولائي سيؤدي إلى حل المجلس مباشرة، دون تحديد بدقة هذه الحالات.
ناشد في هذا الجانب، السلطات المعنية لتحديد الحالات المتعلقة بالانسداد وتحديد حالات رفع الدعاوى القضائية من طرف المواطن ومتى يتم ذلك، عند تعديل قانون البلدية، الذي جاء، وفقه، ليخفف من حالات الانسداد فقط، خاصة وأن نتائج الانتخابات ستختلف بين بلدية وأخرى.
وأوضح، أنه لم يرد أي نص قانوني تنظيمي يعالج الانسداد في البلدية، ماعدا نص مادة واحدة واسعة، تشير إلى أن “حل اختلاف خطير بين أعضاء المجالس الشعبية البلدية سيؤدي مباشرة إلى الحل عن طريق الإدارة أو القضاء”، ويتم الحل عن طريق الإدارة من خلال والي الولاية بموجب قرار مسبب ومعلل، لأن الوالي هو الذي يشرف على تنصيب رئيس البلدية، فيما ينفذ الحل القضائي بقرار من المحكمة الإدارية.
وقال قتال، إنه وفقا للدستور، “المواطن لديه اليد في تسيير الشؤون المحلية واتخاذ القرارات ويعد المجلس رابطة قوية لاتخاذ القرارات في جميع الميادين”، بحيث ينص في أحكامه على أن البلديات والمجالس الشعبية الولائية والولايات هي مجالس إقليمية، ولابد أن تجسد الديمقراطية التشاركية من خلال إعطاء الفرصة للمواطنين للتعبير عن آرائهم والمشاركة في رسم حركة التنمية، سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية أو غيرها.
وبموجب قانون البلدية الحالي، رقم 11-10 المؤرخ في 20 رجب 1443 الموافق لـ22 يونيو 2011، فإن أعضاء البلدية الذين يتفرغون لمسائل سياسية أو بغرض الانتقام والتشفي، يصبح عملهم عرضة للطعن القضائي، بحسب الدكتور قتال، الذي دعا إلى إبعاد السياسة تماما خلال العمل الاداري وكل ما يدخل في سيرورة الحياة العامة للمواطن، لأن العمل الإداري يخلف آثارا قانونية تنعكس مباشرة على مصلحة المواطن وتبقى آثاره لفترة زمنية معتبرة.
وأكد في هذا الجانب، أهمية الموازنة بين المصلحة العامة للدولة والمصلحة الخاصة للمواطنين الذين يتطلعون لحل انشغالاتهم، مما يعطي ثقة أكثر في المجالس المحلية ويمنح ضمانات للمواطن تدفعه لآداء واجبه الانتخابي، خاصة في ظل الضمانات التي قدمها قانون الانتخابات الجديد للمترشح والمواطن.
ويبقى، وفق هذا الأكاديمي، للمواطن الحق “قانونيا” في تحرير عريضة للجهات القضائية المختصة للمطالبة بحل المجلس الذي يدخل في أزمة انسداد فور تنصيبه وتعويضه بمجلس جديد. غير أن هذا الإجراء يحتاج إلى ميكانيزمات قانونية تجعل المواطن في موقف قانوني قوي وتسمح له بمخاطبة الجهات القضائية فيما يتعلق بمشاكل الانسداد في بلديته أو سوء سير مصالحها.


 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024