مراجعة مفهومها الاستراتيجي للاتساق مع عقيدة الاتحاد الإفريقي

هــذه استراتيجيات الجزائر لتعزيز القــوة الإفريقيـة الجاهزة

علي مجالدي

قـدرة إقليم شمـال إفريقيـا.. جاهزيـة واقتــدار

في الاجتماع نصف السنوي السادس للاتحاد الإفريقي، الذي عُقد لمناقشة العديد من القضايا الأمنية والتنموية في القارة، كان لتقرير رئيس الجمهورية الجزائرية، السيد عبد المجيد تبون، أهمية خاصة، إذ تضمن رؤية شاملة ومفصلة حول تفعيل قدرة إقليم شمال إفريقيا، ترجمتها مجموعة من التوصيات الاستراتيجية التي تهدف إلى تعزيز السلم والأمن في القارة الإفريقية من خلال تفعيل دور قدرة إقليم شمال إفريقيا.

تهتم قدرة إقليم شمال إفريقيا (NARC)، وهي منظمة إقليمية تعنى بتعزيز السلم والأمن والاستقرار في القارة الإفريقية، وتتكون من دول شمال إفريقيا وهي الجزائر والجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، وتونس، وموريتانيا، ومصر، وليبيا، تأسست بموجب مذكرة تفاهم بين هذه الدول، بهدف بناء قوة جاهزة متعددة الأبعاد تضم مكونات شرطية، عسكرية ومدنية، تتمتع بالقدرة العملياتية الكاملة وجاهزة للانتشار لتعزيز السلم والأمن بالقارة.
وتضمن التقرير المقدم من قبل السيد عبد المجيد تبون، والذي قدمه نيابة عنه الوزير الأول نذير العرباوي، عدة توصيات مهمة، تهدف إلى تعزيز المكاسب المحققة وتدعيم النتائج المحرزة في إطار قدرة إقليم شمال إفريقيا، متمثلة في الترحيب بإعلان جاهزية قدرة إقليم شمال إفريقيا.
ويعد هذا الإعلان خطوة مهمة نحو تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، حيث يؤكد على الاستعداد الكامل لهذه القوة للقيام بمهامها المنوطة بها حسب الأهداف المسطرة في بيانها التأسيسي، حيث تهدف قدرة إقليم شمال إفريقيا إلى المساهمة في إرساء ودعم السلم والأمن بالقارة، وذلك طبقاً لميثاق مجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي وفي ضوء صلاحياته الواردة في بروتوكول إنشائه بخصوص القوة الإفريقية الجاهزة.
وتركزت التوصية الثانية، على ضرورة توفير الدعم الضروري للأمانة التنفيذية لقدرة إقليم شمال إفريقيا، حيث يهدف هذا الدعم إلى ضمان تنفيذ التمرين الميداني المبرمج، والذي من المتوقع أن يشكل إضافة نوعية لإعداد وتحضير القوة الإفريقية الجاهزة، وبالتالي الدخول في المراحل التنفيذية والفعلية، والمقرر في أواخر عام 2024، والهدف الأساسي منه محاكاة عملية نشر بعثة لدعم السلام، من أجل الحفاظ على مستوى عال من الجاهزية وضمان استجابة سريعة وفعالة تجاه الوضعيات المستعجلة والحالات الطارئة.
وكانت الجزائر قد احتضنت في نوفمبر 2023، في القاعدة الإقليمية بجيجل، فعاليات تنفيذ تمرين مراكز القيادة لقدرة إقليم شمال إفريقيا.
أما التوصية الثالثة، فتمحورت حول التعجيل باعتماد مذكرة التفاهم المتعلقة بالقوة الإفريقية الجاهزة، ويشمل هذا الأمر التعاون بين مفوضية الاتحاد الإفريقي والمجموعات الاقتصادية الإقليمية والآليات الإقليمية، وهو ضروري لتفعيل هذه القوة بشكل فعال لضمان حسن عملها.
وفي الأخير، شدد التقرير على ضرورة مراجعة المفهوم الاستراتيجي للقوة الإفريقية الجاهزة، الهدف من هذه التوصية هو جعل القوة أكثر اتساقاً مع عقيدة الاتحاد الإفريقي بخصوص عمليات حفظ السلام، وتوفير الدعم اللازم لها كجزء لا يتجزأ من البنية الإفريقية للسلم والأمن.
وفي ظل التحديات الأمنية المتزايدة بالقارة الإفريقية، تعد قدرة شمال إفريقيا (NARC) أداة استراتيجية لتحقيق الاستقرار والسلم في القارة، وترتكز رؤية الجزائر لهذه القدرة على تحقيق مجموعة من الأهداف الرئيسية، لاسيما مسألة تعزيز التعاون الإقليمي والدولي والتنسيق بين الدول الأعضاء، حيث توفر المنظمة منصة للتعاون بين دول شمال إفريقيا لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة، وتعزيز الشراكات الدولية من خلال فتح قنوات للتعاون مع القوى الدولية والمنظمات الإقليمية والدولية لتعزيز جهود حفظ السلام في القارة الإفريقية.
كما تسعى الجزائر من خلال مقترحاتها، إلى الاستجابة السريعة للأزمات التي تعرفها القارة الإفريقية، مع جاهزية عالية للعمليات الميدانية، وذلك من خلال تطوير قدرة استجابة سريعة للقوة الإفريقية الجاهزة للتعامل مع الأزمات الأمنية فور حدوثها. مع القدرة على الانتشار السريع وتعزيز القدرة على نشر القوات بشكل سريع وفعال في المناطق المتضررة لتحقيق الاستقرار، وبالتالي، قطع الطريق على محاولات التدخل الأجنبي في القارة الإفريقية، حيث أظهرت الأحداث أن هذه التدخلات مع مرور الوقت تزيد من تعقيد الأزمات، ولا تحلها، مثلما يحدث في كل من السودان وليبيا.
وتسعى الجزائر كذلك، إلى مكافحة الإرهاب والتطرف من خلال عمليات حفظ السلام المشتركة لمكافحة الجماعات الإرهابية في المناطق الأكثر تضررًا، ومن خلال تعزيز القدرات الاستخباراتية وتطوير آليات تبادل المعلومات بين الدول الأعضاء لملاحقة ومراقبة الأنشطة الإرهابية.
كما يشمل أحد الأهداف الرئيسية للمنظمة، والتي تسعى الجزائر إلى تكريسها، حماية المدنيين ودعم حقوق الإنسان وتوفير الحماية لهم من خلال العمل على حماية المدنيين في مناطق النزاع، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إليهم، وكذلك دعم حقوق الإنسان وتعزيز جهود مراقبة الانتهاكات والعمل على منعها.
كما تتضمن اقتراحات الجزائر في دعم برامج التنمية والعمل على تنفيذ مشاريع تنموية في المناطق المتضررة من النزاعات لتعزيز الاستقرار على الأمد الطويل، وكذلك المساهمة في عمليات إعادة الإعمار في المناطق المتضررة من النزاعات.
ويرى العديد من المتابعين للشأن الإفريقي، أن التوصيات الجزائرية في الاجتماع نصف السنوي السادس للاتحاد الإفريقي، خطوة هامة نحو تعزيز السلم والأمن في إفريقيا، من خلال التركيز على جاهزية وقدرة إقليم شمال إفريقيا، وتوفير الدعم اللازم للأمانة التنفيذية، واعتماد مذكرة التفاهم، ومراجعة المفهوم الاستراتيجي. وتسعى الجزائر إلى تعزيز فعالية القوة الإفريقية الجاهزة في مواجهة التحديات الأمنية في القارة.. هذه الجهود المشتركة بين دول الشمال الإفريقي من شأنها تعزيز استقرار القارة ودعم مساعي الاتحاد الإفريقي في تحقيق السلم والأمن لشعوبه.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024