تأثر كثيرا مجال صناعة الكتاب شأنه شأن القطاعات الاقتصادية الأخرى، جراء تفشي فيروس كورونا المستجد و قرار الحجر الصحي وتوقف الحياة العملية تقريبا كإجراء وقائي, الأمر الذي تسبب حسب أصحاب دور النشر والإشهار في خسارة مادية كبيرة، و خسارة معنوية للمؤلفين و الكتاب لعدم خروج أعمالهم للنور.
لقد شكلت هذه الأزمة ضربة موجعة لمجال الكتابة والإصدار في آن واحد، ضربة ستتجلى آثارها الوخيمة لاحقا على مشروع إعادة الاعتبار للكتاب وبعث ثقافة المطالعة بين أفراد المجتمع والذي شرع فيه مند سنوات في محاولة من السلطات للرفع من نسبة المقروئية وإنعاش سوق الكتاب...
سيكون للأسف، لهذا الركود الذي يعيشه مجال صناعة الكتاب انعكاسات لا محال على معارض الكتاب الوطنية والمحلية بصفة عامة وعلى الصالون الدولي للكتاب بصفة خاصة، إذ توحي العديد من المؤشرات، اليوم إلى إمكانية تأجيله هو الآخر، الأمر الذي يصفه معظم الناشرين بمثابة كارثة يصعب احتواءها ماديا، والتي جاءت لتضاف إلى مشكل ندرة الورق في السوق العالمية وارتفاع أسعاره باستمرار، إضافة إلى انعدام إستراتيجية للتوزيع على الساحة الوطنية.
يدق اليوم العديد من أصحاب المهنة ناقوس الخطر، مستنجدين بالوزارة الوصية، ومطالبين بإيجاد سبل للخروج من الأزمة وتدارك بعض الخسائر وأكثر من هذا فتح نقاش جاد حول صناعة وسوق الكتاب، ودراسة كل نقاط الضعف التي يعاني منها والبحث لحلول ناجعة لها.
لكن، لا يمكن وضع خطة انقاد للقطاع من خطر الإفلاس الذي يهدد خاصة دور النشر الصغيرة ودراسة الحلول اللازمة، دون التطرق إلى إلى ضرورة إعادة النظر في معادلة الصناعة و التوزيع و مرافقة المؤلف بالترويج لعمله داخل وخارج الوطن و بالتالي المساهمة بجد في مشروع إعادة بعث سوق الكتاب وتشجيع الاهتمام به و رفع نسبة المقروئية، على أن يلبس الناشر قبعة التاجر و المحافظ على جودة الانتاج الأدبي و المروج له في آن واحد ...
وفي انتظار الفرج يفكر اليوم الكثير من أصحاب دور النشر في فرضية الانتقال إلى مرحلة النشر الالكتروني الذي يعد هو الآخر بمثابة السفر في فضاء يفتقر إلى ضوابط وسوق وطني و أهم من ذلك يفتقر إلى قوانين وأطر تقيد و تحمي الحقوق و الواجبات والأرباح للمؤلف و للناشر على حد سواء.