ليس من بديل للفنون كأفضل وسيلة لإبراز ما يجمع بين الشعوب

الثقافة تذيب الخلافات وتعزز التقارب الاقتصادي والاجتماعي

سعيد بن عياد

يؤكد التاريخ بالشواهد وعبر العالم أن الدبلوماسية بالمفهوم التقليدي تستمد قوتها من القوة العسكرية لهذا البلد والقوة الاقتصادية لبلد آخر والأمثلة كثيرة. وبالفعل تؤكد الشواهد على امتداد تاريخ العلاقات الدولية وممارسة الدبلوماسية أن هذه الأخيرة ترتكز على قوة عسكرية أو اقتصادية،. وحقيقة تحتل الثقافة موقعا متميزا في حالات الحروب بنهب العدو للمتاحف وسرقة أشهر وأندر اللوحات الفنية، وفي حالات السلام بتقديم كل بلد لما يزخر به من فنون وتقاليد لإرساء حوار الحضارات وبناء التقارب بين الشعوب فليس هناك من بديل للفن كأفضل وسيلة لإبراز ما يجمع بين الشعوب.
غير أن النمسا كما تؤكده سفيرتها لدى الجزائر السيدة الوازيا فورغيتر تقدم صورة نموذجية لدبلوماسية جديدة تطبقها بلادها وتستمد قوتها في ذلك من اعتماد الثقافة مصدرا لطاقتها. وأوضحت سعادة سفيرة النمسا بالجزائر أن السياسة الخارجية لبلدها تعتمد نظاما دبلوماسيا يرتكز على ثلاثة محاور هي دبلوماسية المساعي الحميدة، والدبلوماسية الاقتصادية والدبلوماسية الثقافية، موضحة أن بلدها يلتزم الحياد منذ إعلان الجمهورية الثانية.
وتحتل الدبلوماسية الثقافية ثلث العمل الذي تقوم به الخارجية النمساوية على مختلف المستويات وذلك بالحرص على نقل القيم من خلال تنمية النشاطات المتعلقة بالفنون المختلفة والعلوم والرياضة والتعاون الجامعي. وتعتبر النمسا من البلدان القليلة التي تجعل الثقافة ركيزة أساسية للدبلوماسية الخارجية.
وأشارت السفيرة التي تحدثت بقلب مفتوح واضعة ترتيبات العمل الدبلوماسي التقليدي جانبا معلنة منذ البداية أن ممارستها للدبلوماسية بكل ما تقتضيه من أدبيات ومعايير يكتسي جدوى أكثر وفاعلية إذا تم إلباسها الثوب الثقافي للبلدين من خلال الاحتكاك والتبادل  والتقدير لكل ما يعكس جوانب الثقافة والهوية. وفي هذا الاطار أكدت أنها تمكنت من تحقيق الكثير خلال تواجدها ببلادنا مبدية تقديرها لما يتمتع به الشعب الجزائري من انفتاح وتمسك بأصالته. وقالت بوضوح ‘’ لقد حققنا الكثير بفضل اعتماد الثقافة ميدان التقاء وحوار وتعرف على بعضنا البعض’’. وأضافت ‘’ في كل اللقاءات مع الوزراء والمسؤولين تكون الثقافة الجسر الذي يحمل المواقف والآراء بشان كافة المسائل التي تهم البلدين. ومن خلال الثقافة يمكن مد الجسور وتعزيزها ذلك أن الثقافة كفيلة بنشر قيم السلام والنظر إلى الآخر باهتمام ومن ثمة فان الصداقات التي تنشأ من خلال ميدان الثقافة تساعد الدبلوماسيين على فهم بعضهم لتجاوز أي خلافات أو سوء فهم.
وبفضل هذا المحور أي الثقافة تمكنا من تعميق التفاهم مما ساعد على مواصلة العمل باتجاه المستقبل في البناء وإنجاز النسيج المتبادل من خلال الثقافة تضيف الدبلوماسية، التي لا تخفي إعجابها بالقيم الثقافية والاجتماعية للشعب الجزائري وبالحيوية الاقتصادية التي تدفع بعجلة التنمية، مبدية عزيمة على الحرص للدفع بالعلاقات المتنوعة بين البلدين إلى مزيد من المكاسب لفائدة البلدين، واعتماد تكثيف التبادل الثقافي من خلال مقاربة جوارية، خاصة وأن للجزائر موروثا عميقا يمتد لقرون طويلة في ذاكرة الحضارة العالمية كما تؤكده النقوش الحجرية بمنطقة جانت الخلابة التي تثير فضول السياحة العالمية، وما حملته ثورة التحرير المجيدة من قيم إنسانية للتحرر من الاحتلال والاستغلال.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024