«اليربوع الأزرق» جـريمة فرنسيـة بلا عقاب

التجارب النووية بالصحراء لازالت تحصد الأرواح البريئة وتلوث المحيط

سهام.ب

ما تزال الجريمة التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية في حق الجزائريين العزل بصحرائنا من خلال تجاربها النووية التي أطلقتها في الهواء، تحصد العديد من الضحايا لاسيما فئة الأطفال. ولم تسلم الطبيعة ومن عليها من هذه الجريمة التي بقيت دون عقاب.أقدمت فرنسا على إجراء سلسلة من التفجيرات النووية متعددة الطاقات بكل من رڤان (ولاية أدرار) واينكر (ولاية تمنراست) بدأتها باليربوع الأزرق في 13 فيفري 1960 وختمتها بڤرونا «بجادي» في 16 فيفري 1966 بإينكر. التفجيرات تراوحت طاقتها بين (3.7 - 127) كليو طن وبلغ عددها 17 تفجيرا، منها أربعة سطحية سميت باليرابيع، وقد تم إجراؤها بالعمودية برڤان و13 باطنية أجريت بإينكر.
واستخدمت فرنسا الاستعمارية أبناء المنطقة رجالا ونساء وبعض الأسرى والمجاهدين وعناصر من اللفيف الأجنبي وحيوانات وحشرات وطيورا وبذور نباتات مختلفة حقول تجارب. وكان اختيار فترة أغلب التفجيرات غير سليم لاعتبارات تتعلق بالمناخ والمحيط، أما النتائج فكانت وما تزال وخيمة بحسب الباحثين والسكان؛ أمراض السرطان والجلد والعيون والتشوهات الخلقية استفحلت وثروة الماشية وواحات النخيل تضررت.
الأبحاث والدراسات أشارت إلى أن تجربة مونيك (27 فيفري1965) التي أجريت بجبل إينكر كانت الأقوى (127 كليوطن)، وأن خبراء إسرائيليون شاركوا في هذه الجريمة تنفيذا لاتفاقيات التعاون بين البلدين.
وحسب مركز الأبحاث النووية الجزائري فإن 12 تجربة من الـ 13 تسببت في تسرب إشعاعي وأربعة حوادث، وحمل أول تفجير نووي فرنسي بمنطقة الحمودية برقان اسم «اليربوع الأزرق» وكانت طاقة تفجيره 60 كيلوطن، أي ما يعادل 70 مرة قنبلة هيروشيما اليابانية، علما أن التفجيرات النووية المقدرة بـ 210 تجربة أجرتها فرنسا ما بين سنة 1960 و1996.
وبالموازاة مع ذلك، فإن المجربين الفرنسيين كانوا يختارون موقعا بعد آخر لتحاشي مخاطر التعرض للإشعاع الذي تركته التجارب السطحية السابقة، خصوصا وأن فترات التفجيرات كانت متقاربة، والحصيلة أن المساحات التي استهدفها الإشعاع كانت شاسعة وأكبر من المتوقع ومتداخلة التأثيرات. والأخطر جدا، هو أن فرنسا لم تسلّم لحد الآن أي خرائط لمواقع التفجيرات، وكل ما قامت به هو تحطيم الطريق الموصل لقاعدة «الحمودية» وترك بعض الآليات عرضة لزحف الرمال الملوثة، فضلا عن فقدان إشارات مواقع الخطر بفعل هبوب العواصف وزحف الرمال.
ورغم استنكار الجزائر للتجارب النووية الفرنسية بالصحراء والأسرة الثورية والجمعيات المحلية والوطنية، إلا أن باريس مصرّة على تجاهل فتح ملف التفجيرات النووية بل وتواصل مراقبة ومتابعة وضع المناطق الملوثة بالمواد المشعة وتغيرات البيئة.
وتجدر الإشارة إلى أنه، نظمت سلسلة من الندوات والملتقيات الوطنية حول التجارب النووية وفصل الصحراء عن الجزائر بكل من تمنراست وأدرار، شارك فيها أساتذة جامعيون ومجاهدون وسياسيون وإعلاميون وشهود عيان، تم خلالها تقديم عدة دراسات وبحوث حول الجرائم المقترفة بالمنطقة، وقدم الشهود شهادات حيّة حول ما خلفته كل تجربة، خاصة منها السطحية برڤان، غير أن المطالبة بالتعويض والعقاب بقيت بدون آذان صاغية لان المجتمع الدولي أصبح يكيل بمكيالين حينما يتعلق الأمر بمصالحه الخاصة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024