الإدمان على استعمال الانترنت واقع يومي،لا ينفك من إثبات تحكمه في هذا للجيل. ويكفي لحصر مدى انتشار هذه الظاهرة الاجتماعية، التي أزاحت من طريقها كل الممارسات التقليدية والعادات المعروفة، تأمل الناس في محيطهم المعيشي، على اختلاف أمكنتهم، وهم منغمسون في هواتفهم النقالة، وحتى الأطفال لم ينج من سحر هذه الشبكة، فقد غيّر عصر الألواح الإلكترونية والهواتف الذكية وانترنت الجيل الرابع، كل عاداتهم وسلوكهم وانتهى بهم الأمر مفتونين بتكنولوجيات الإعلام الحديثة، التي استحوذت على نشاطاتهم اليومية، تماما كما فعلت بالبالغين.
وفي هذا الصدد، نظمت جمعية ‘إقرأ’ يوم دراسي بدار الشباب ببجاية للتحسيس حول هذه الظاهرة، حيث تطرّق مختصون نفسانيون واجتماعيون إلى مخاطر الانترنت على الأطفال، وعلى الألعاب الإلكترونية التي أضحت تعرف انتشارا واسعا لدى هذه الفئة.
السيدة صالحي مختصة نفسية أكدت في تدخلها، «لعلّ الاختراعات الأخيرة لمختلف الأجهزة المتطورة ذات التكنولوجيا العالية، ساهم في الارتفاع الهائل لعدد مستعملي الانترنت الذين يعدون بالآلاف في بلادنا، وينبغي الإشارة أيضا إلى أن الفئات المستعملة للانترنت لم تكف عن التوسع لتشمل كل أفراد العائلة، بما فيهم الأطفال المتمدرسون الذين لم يعد بإمكانهم الاستغناء عنها.
حيث إنها سحرت عقولهم وأسرتها، أجل!! لقد أصبح أولادنا مدمنين على تكنولوجيات الإعلام والاتصال والشبكات الاجتماعية على وجه الخصوص، وأصبحت تلك هوايتهم المفضلة، أو ليس هذا ما يعنيه قضاؤهم عدة ساعات يوميا أمام هواتفهم الذكية، وحواسبهم التي أصبحت من الضروريات؟ كما لو استحال تخليهم عنها ولو للحظة!
ويجدر التيقن بأن هذه العادة تشكل في أيامنا، خطرا جسيما يحدق بأطفالنا، فمع الانتشار المتزايد لظاهرة جرائم الانترنت، وكذا المحتالين الذين يستغلون الشبكة البينية، من أجل الوصول إلى غايات شنيعة معتمدين في ذلك، على الثقة العمياء للأطفال وكذا براءتهم، وأصبح من اللازم التريث في استعمال الانترنت وفرض مراقبة على الأطفال، لأن أي إفراط في الاستعمال قد تكون له عواقب وخيمة عليهم».
أما الأستاذ عليمي فقد أكد، «تعتبر ظاهرة الإدمان على الانترنت خطرا على التوازن النفسي للفرد خاصة فئة الأطفال، وتعود أسباب هذه الظاهرة أساسا إلى فقدان التواصل الاجتماعي في الأسر، حيث إن وقت الفراغ الذي يعاني منه الفرد ساهم في الوضع، سيما بعد توفر الأجهزة عبر مختلف الوسائل الإلكترونية، كالحاسوب، اللوحة الإلكترونية، والهواتف الذكية، واقطع هؤلاء اتصالهم بالعالم الخارجي تماما، وهو الأمر الذي انعكس سلبا على نفسية وصحة الأطفال، حيث يميلون إلى العزلة والانطواء، فضلا عن الإفرازات الناجمة عن الاستعمال اللاعقلاني للانترنت، على غرار الإصابة بأمراض العيون والمفاصل والرقبة.
والحل في معالجة الظاهرة يتمثل في ضرورة مصاحبة الأولياء لأبنائهم، والعمل من أجل تحسين العلاقة الأسرية من خلال التواصل والحوار، مع إشراك الطفل أو المراهق في أخذ القرارات داخل الأسرة، وتحسيسه بدوره في المجتمع كفرد فاعل له دوره في المجتمع».