واجهة المرفق العمومي هي مكتب الاستقبال، الذي يمنح الصّورة الحقيقية لكيفية عمل المصالح الإدارية وعلاقتها المباشرة بقاصدها، والمنطلق يكون دائما من مدخل البلدية أو الدائرة أو الولاية، وفي هذا المكان بالضّبط تشكل الحالة النّفسية الأولية للمواطن، إمّا بتحلّيه بالهدوء وإمّا أن يدخل في مناوشات، كل هذه الوضعية مصدرها الأعوان المكلّفين بالاستقبال.
وهناك تكوين خاص لهؤلاء أعدّته وزارة الداخلية والجماعات المحلية، مفاده أنّ لا يكلّف أي شخص بتوجيه النّاس، والتواصل معهم في مسائل حسّاسة جدّا مبنية أساسا على القبول بالآخر، والتحاور معه قدر المستطاع مهما كانت سلوكاته، بالرغم من أنّ مثل هذه المهمة صعبة العثور عليها في الميدان.
وغالبا ما نلاحظ في الكثير من الفضاءات التي لها علاقة مباشرة بالمواطن، أنّ الاستقبال مازال بعيد المنال، ولم نستطع إلى يومنا هذا التحكم في هذا الجانب لأنّ الكثير لا يوليه الاهتمام اللاّزم ـ للأسف ـ معتقدا أنّ البلدية تسيّر لوحدها دون منظومة ضبط لتحركات الناس. وفي العديد من المرات سجّلنا أنّ عون الاستقبال لا يحوز على هاتف ثابت أمامه، كما أنّ المعلومة تتجاوزه بسبب غياب أو انعدام دليل يوجّهه في هذا الشّأن يكون بمثابة المرجع في المخطّط التّنظيمي لتلك المصالح، وكم من مرّة وجدنا عددا من المواطنين تائهين في طوابق البنايات الإدارية التابعة للجماعات المحلية لا يعرفون إلى أين يذهبون!؟ قد يعود للتّغييرات الحاصلة دون علم أعوان الاستقبال.
وهناك بلديات أخذت في التكيف مع الحيوية الجديدة لوزارة الداخلية والجماعات المحلية، في إحداث تغيير جذري بهياكل البلديات أو الدوائر أو الولايات، وهذا بتجديد الكراسي ـ على سبيل المثال ـ لتفادي الوقوف لفترة معينة.
ونظام التّذكرة الذي وضع للسّماح باحترام ترتيب مرور كل واحد، تخلّت عنه العديد من هذه الفضاءات الإدارية بعد أن لاحظ المسؤولون بأنّه يزيد من التّأخير والتباطؤ في أداء المهام، وحتى التداخل في الوظيفة خاصة وأنّ ثقل العمل يقع دائما على الموظّف، الذي يتمتّع بالكفاءة العالية في نشاطه، في حين يستفيد الآخرون من الوتيرة التي يحدّدونها لنفسهم، كما أنّ البعض من الأعوان لا يحملون الشّارة والبدلة الخاصة بهم يعملون بلباسهم العادي الذي أتوا به من بيوتهم. كل هذه الحيثيات قد تبدو عادية، لكن في حقيقة الأمر أساسية ومهمّة في الارتقاء بالمرفق العمومي إلى المستوى المطلوب.
وإذا أخذنا عيّنة ولاية الجزائر، فإنّ يوم الاثنين هو الموعد المحدّد لاستقبال المواطنين لتمسح على المقاطعات الإدارية، البلديات، المديريات والمؤسسات. وخلال سنة ٢٠١٤ استقبلت ولاية الجزائر ٦٨٥١ مواطن، أي ١٤٠ كل يوم، والمقاطعات الإدارية ٨٢٦ . ٢٦ مواطن، ومقر البلديات ٧٧٤ . ٨٢ مواطن.
ومن جانفي إلى جويلية ٢٠١٥ كان الاستقبال على مستوى المقاطعات الإدارية، البلديات والمديريات الولائية قياسيا، في مارس ٥٤٥ . ٢٦ مواطن، أفريل ٢٢٢ . ٢٥ مواطن، ماي ٩٧٧ . ٢٣ مواطن، أما بالنسبة للولاية مارس ٧١٢ مواطن، فيفري ٦٢٩، جوان ٦٠٤. هذه الأرقام تبين حجم الاستقبال عبر هذه المصالح ممّا يستدعى مستقبلا البحث عن صيغ أخرى أكثر فعالية تتناسب مع هذه الحيوية الجديدة.