تؤكد تقاريرالقيادة الجهوية للجمارك وقيادة الجهوية لدرك الوطني ببشار، أنّ الحدود الجهة الجنوبية الغربية المتاخمة للشريط الحدودي مع المغرب تحولت من منطقة عبور إلى منطقة استهلاك ومتاجرة بالمخدرات أو الكيف المعالج، الذي تدر به مساحات شاسعة من الاراضي المغربية التي خصصت لإنتاج الحشيش لجني أرباح طائلة، حيث تكشف إحصائيات هذه السنة أنّ ما تمّ حجزه من المخدرات منذ جانفي 2012 بلغ أرقاما قياسية، فلم تنزل عن الطنين في كل عملية، إذ بلغت أكثر من 40 قنطارا، وهي كمية لا تختلف عن ما تم حجزه السنتين الماضيتين.
واعتبرت تقارير القيادة الجهوية للدرك الوطني والقيادة الجهوية للجمارك ببشار، أنّ هذه النتائج المتوصل إليها من حيث كمية المحجوزات، جاءت نتيجة الخطط الأمنية المحكمة والتنسيق بين أفراد الجيش الوطني الشعبي والجمارك، وذلك عن طريق إقحام كل الوسائل والموارد، والاعتماد على التشكيل الامني واقحام كل الوحدات، والتكثيف من تواجد حراس الحدود على طول الشريط الحدودي بطول 2570 كلم، مع كل من موريتانيا ومالي وجمهورية الصحراء الغربية والمملكة المغربية، والذي شهد إحباط عدة عمليات كبيرة لتهريب هذه الأطنان من المخدرات القادمة من التراب المغربي، لتمريرها إلى التراب الوطني ثم إلى دول الساحل وأوروبا والشرق الأوسط، وهو ما اتضح من خلال القضايا المعالجة لهذه السنة والسنوات السابقة.
تــــــــورط قصــــــر ومغاربـــــة
تعتبر القيادة الجهوية للدرك الوطني أنّ حجز المخدرات قد لا يكون الهدف الأسمى الذي تطمح إليه، بل الوصول إلى البارونات الذين يقفون وراء تهريب هذه السموم،
وهذا ما تم بالفعل خلال الأسابيع الأخيرة، تمكّنت عناصر حراس الحدود بتندوف وعناصر الجيش الوطني الشعبي من توقيف 10 مغاربة كانوا بصدد تهريب أطنان من الكيف إلى داخل التراب الجزائري، والتحقيقات لا تزال جارية للكشف عن عناصر .
ولم يتوقف الأمر عند مجرد قضايا التهريب، إنما تم تسجيل قضايا استهلاك المخدرات تورط في هذه القضايا قصر وشباب تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 40 سنة، وجلهم من البطالين.
غير أنّ الملاحظ أنّ الفئة المستهدفة بـ “الحيازة والاستهلاك” تتراوح أعمارهم بين 18 و28 سنة، وهو مؤشر خطير يعكس سقوط قناعة سابقة، كانت تعتبر أن ولاية بشار مجرد محطة عبور للكيف المغربي، بل تحوّلت إلى منطقة استهلاك في ظل البطالة، وأخرى تتعلق بغياب برامج التوعية في هذا المجال، إلاّ تلك المحاولات التي تقوم بها مصالح الدرك والشرطة في بعض المناسبات.
ويعكس هذا التوجه أنّ نشاط مصالح الدرك لتوقيف مهرّبي المخدرات من الحدود وخارج مجال إقليم ولاية بشار والمناطق المجاورة لها، امتد ليصل الأحياء الشعبية، إنما يعود لمعلومات ترد تباعا لفصائل البحث والتحري التابعة للدرك عن أي تحركات مشبوهة لعناصر هذه الشبكات، وترجيح ارتباطها بنظيراتها من خارج إقليم الولاية، وهي المعطيات التي يبدو أنّ مصالح الدرك استندت إليها لتكثيف تحرياتها على تحركات عناصر هذه الجماعات.
التهريب يطال الابل والأغنام
وتعرف منطقة الجنوب الغربي ظاهرة لا تقل خطورة تتمثل في تهريب الإبل والغنم، وهو ما يشكل خطرا على هذه الثروة الحيوانية، حيث أظهرت المكافحة الميدانية، أنّها ساهمت في زيادة ضبط تهريب الماشية في السنوات الأخيرة، حيث تمكّن أفراد الدرك الوطني وحرس الحدود من إحباط عدة محاولات لتهريب أنواع من رؤوس الماشية، وهي العمليات التي ساعدت في ارتفاع عددها طول الشريط الحدودي الممتد، وانعدام تواجد سكاني في بعض المناطق، كلها عوامل ساهمت في نجاح تسلل المهرّبين، إلاّ أنّ هذا يعكس أنّ أفراد الدرك وحرس الحدود اكتسبت خبرة في العمليات الأخيرة، بعد أن تبيّن أن تدخل هذه الوحدات يتم بناء على معلومات، إضافة إلى تجربة الأفراد فيما يتعلق بتقفي آثار المهرّبين، وهو ما اضطر وحدات إلى التمركز بهذه الأماكن ونصب نقاط تفتيش في كل الثغرات المحتمل أن يلج منها المهرّبون، أو الثغرات التي تتوفر عنها معلومات مسبقة، وهو ما يعكس اعتماد مصالح الدرك الوطني لأساليب علمية متطورة منها الاستعلامات، والمراقبة، والكمائن، والمخبرون، والكلاب المدربة، ما فوّت فرصة استغلالها من طرف هؤلاء المجرمين بعد اكتساب أفراد الدرك الوطني وحرس الحدود خبرة كبيرة، بلغت درجة أنهم صاروا يدركون جيدا متى وكيف يتدخلون لإفشال كل محاولات التهريب. نشاط عناصر الدرك الوطني في هذه المناطق بعد اختيار عصابات التهريب عبر الشريط الحدودي بين المغرب والجزائر لخيار المواجهة المسلحة، حيث لم تعد تتوانى في استعمال مختلف أنواع المواجهة أو التخفي والتمويه عن طريق الاستعانة بالحمير والابل في تهريب المخدرات بدل السيارات رباعية الدفع، التي أضحت ظاهرة ابتدعتها شبكات التهريب سيما أواخر هذه السنة، حيث تمّ ضبط العديد من قوافل الابل والحمير معبأة بالكيف المغربي.