حمـــلات تحسيسيـــة عـــبر كـــل بلديـــات ولايــــات الوطــــن

السّلطـات العمومية والمجتمع المـدني.. يـــــــــــدًا بيــــــــــــــدٍ لمواجهـــــــة التبـذيـــــر

هيام لعيون

 

   في إطار السّعي لكبح ظاهرة التبذير التي تمسّ مختلف المواد الاستهلاكية، خاصة خلال الشهر الفضيل، سارعت السلطات المعنية في البلاد بقيادة وزارة التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية، بإطلاق حملات تحسيسية عبر كل بلديات ولايات الوطن لترشيد الاستهلاك، والوقوف على هذه الظّاهرة التي تتكرّر كلّ سنة، وانخرطت في العملية فواعل المجتمع المدني والهيآت المعنية، وخرج المعنيّون إلى الميدان، من أجل إيجاد حلول فعلية لمحاربة هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع الجزائري، فيما كشفت معطيات عن الحجم الكبير للتبذير في الجزائر، والذي يكلّف الخزينة العمومية مليارات الدولارات سنويا.

 حسب وزارة التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية، فإنّ التبذير يزداد في شهر رمضان، حيث “تم إطلاق حملة تحسيسية لمكافحة الظاهرة منذ بداية الشهر الفضيل، بالتنسيق مع القطاعات الوزارية والمجتمع المدني في 58 ولاية، وتتركّز الحملة على ترشيد الاستهلاك من خلال أبواب مفتوحة، كما تستهدف تلاميذ المؤسسات التربوية لتعزيز وعيهم بأهمية الحد من التبذير والاستهلاك العقلاني”.
وعبر مختلف بلديات الوطن، وفي كل النقاط على مستوى الأسواق والمدارس والمساجد والجامعات، انخرطت جمعيات حماية المستهلك والمعنية بمراقبة السوق في هذه الحملة التي لم تكن الأولى من نوعها، للتّحسيس بخطورة ظاهرة التبذير على المنظومة الاجتماعية والاقتصاد الوطني.
في الموضوع، أكّد أمس محفوظ حرزلي رئيس الاتحاد الوطني لحماية المستهلك، أنّ مثل هذه الحملات انطلقت منذ أيام عبر مختلف ربوع الوطن، على غرار ما تم خلال الموسم الماضي من رمضان، وهذا لمواجهة مثل هذه الظواهر السّلبية التي تؤدي إلى تخزين المواد ممّا يخلّف مضاربة واحتكار، وإحداث الندرة في السوق.
خسائـــــر الخزينـــــة العموميـــــة
 وأشار حرزلي في حديثه مع “الشّعب”، أنّ الدولة تتحمّل الدعم الذي تخصّصه سنويا من أجل توفير المواد الواسعة الاستهلاك والذي يتجاوز في الكثير من الأحيان عتبة 50 بالمائة من السعر الحقيقي لمعظم المواد، وهو ما يكبّد الخزينة أعباء ثقيلة، مستهجنا استفحال ظاهرة التبذير في الجزائر، التي قال أنها تحصيل للسلوكيات الاستهلاكية الخاطئة والمضرّة للمستهلك وللتاجر على حدّ سواء، وللسوق بالدرجة الأولى. وأفاد محدثنا، أنّ هذه الظاهرة، قد تؤدي إلى حالة من اللإستقرار في السوق في بعض الأحيان، نتيجة تزايد الطلب بشكل غير مبرّر على بعض المواد واسعة الاستهلاك خاصة خلال شهر رمضان، ونتيجة السلوكات الخاطئة للمستهلك.
وأكّد حرزلي، أنّ رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، قد وجّه تعليمات صارمة للحد من التبذير في الطاقة، وكما شدّد على أهمية الاستشراف وترشيد استهلاك مختلف أنواع الطاقة باعتماد أسلوب ضبط جديد، خلال ترأّسه اجتماع مجلس الوزراء منذ أيام، أبرز محدثنا، أنّ ظاهرة التبذير وصلت إلى حدود 20 بالمائة سنويا في قطاع المياه وفي مادة الخبز، على سبيل المثال.
وأضاف “ناهيك عن مواد أخرى كالتبذير في استهلاك الكهرباء والبنزين وغيرها، والتي تكلّف خزينة الدولة المليارات من الدولارات سنويا، حيث كان يمكن تحويلها إلى قطاعات أخرى إستراتيجية كالصحة والتعليم وما إلى غير ذلك، أو توجيه الكميات الفائضة من بعض المواد للتصدير لتحسين مداخيل بالعملة الصعبة”.
 صياغة حلول فعّالة لمعالجة السلوكات
 ولترشيد الاستهلاك لدى المواطن، خاصة ونحن نعيش أيام الشهر الفضيل، الذي تحوّل عند البعض من المستهلكين إلى شهر الإفراط في الاستهلاك والتبذير، أشار حرزلي إلى أنّ الحملة التي أطلقتها وزارة التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية منذ أيام ،تؤكّد أنّ الظاهرة ليست قضية الحكومة وحدها، بل يستوجب أيضا إشراك المجتمع بكلّ مكوناته من أجل المساهمة في صياغة حلول فعالة تأخذ بعين الاعتبار لمعالجة السلوكيات المتفشية في المجتمع.
وبالموازاة مع ذلك، شدّد حرزلي على ضرورة محاربة حجم التبذير المخيف في الجزائر، في مختلف المواد الاستهلاكية، وكل ذلك من أجل الحفاظ على مواردنا الطبيعية خاصة المياه والطاقة، وحماية البلاد من هذه الظاهرة التي باتت تنخر اقتصادنا.
وقال “ففي مادة الخبز وحدها تُرمى سنويا ــ حسب المختصين ــ 10 ملايين خبزة يوميا في القمامات خلال الشهر الفضيل ما يكبّد الخزينة العمومية الملايير، علما أنّ مادة الخبز تحظى بدعم الدولة بينما تُبذّر سنويا المواد الغذائية وتقدّر كذلك بالملايير.
واعتبر حرزلي، أنّ ظاهرة التبذير عبر الأسواق والتي تكلّف الخزينة العمومية الملايير، باعتبار أنّ المواد المهدرة مواد مستوردة على غرار القمح اللين والصلب، والمواد الأولية التي تدخل في صناعة المواد الأساسية مثل غبرة الحليب، المتوفّر عبر كل أقطار الوطن، فضلا عن ذلك الضرر الذي يلحق بالأسرة جراء إهدار المال، عن طريق التبذير والتي تضرّ بالقدرة الشرائية للمواطن.
8 أطنان من الخبز بالنفايات خلال عشرة أيام بالعاصمة
 وفي إطار مساعي ولاية الجزائر لترشيد الاستهلاك الغذائي والحد من ظاهرة التبذير خاصة في شهر رمضان الفضيل، نظمت مصالح ولاية الجزائر من المديريات التنفيذية والمؤسسات العمومية الولائية، حملة تحسيسية بمشاركة مصالح مديرية البيئة، مديرية التجارة، مؤسسة تسيير مراكز الردم التقني للنفايات المنزلية، مؤسّسة “ناتكوم” ومؤسسة “إكسرانت”. حسب بيان ولاية الجزائر.
وتم بالمناسبة ــ وفق ذات المصدر ــ تقديم معلومات ومطويات للمواطنين حول الأرقام الكبيرة المسجّلة بخصوص رفع النفايات المنزلية خاصة مادة الخبر، التي بلغت 8 أطنان خلال الأيام العشرة الأولى من رمضان، والسلبيات والمعيقات التي تشكلها هذه المادة، نظرا لاعتبارها مادة مدعّمة من طرف ميزانية الدولة، كما تم التقرّب من مصالح مؤسسات النظافة للتعرّف عن كيفيات وطرق فرز الخبز من النفايات وحاويات القمامة. وأبرز ذات المسؤول، أنّ غرس ثقافة عدم التبذير لدى المواطن ليس بالأمر السّهل، لأنها تدخل في إطار محاولة تغيير الذهنيات والسلوكيات.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19725

العدد 19725

الأحد 16 مارس 2025
العدد 19724

العدد 19724

السبت 15 مارس 2025
العدد 19723

العدد 19723

الخميس 13 مارس 2025
العدد 19722

العدد 19722

الأربعاء 12 مارس 2025