تقف على أبواب طفرة غير مسبوقة في تربية المائيات

الجلفة.. إمكانات ممتازة للريادة في مزارع “البلطي”

الجلفة: موسى دباب

تستعدّ ولاية الجلفة لخطوة جديدة تعزّز من مكانتها في قطاع الصيد البحري، حيث تجرى تحضيرات جادّة لإنشاء مديرية مختصّة بالصيد البحري والمنتجات الصيدية، بالإضافة إلى منطقة مخصّصة لتربية المائيات. ويأتي هذا بعد أن نالت غرفة الصيد البحري موافقة كلّ من وزير الصيد البحري والمنتجات الصيدية ووالي الجلفة، وفق ما أعلن مسؤولو الغرفة المشتركة بين الولايات.

أوضح نائب رئيس الغرفة المشتركة ما بين الولايات والمشرف على نقطة بيع بالجلفة، طاوسي محمد يسين  في تصريح لـ«الشعب” أنّه خلال زيارة وزير الصيد البحري والمنتجات الصيدية الأخيرة إلى ولاية الجلفة، قدّمت غرفة الصيد البحري بالولاية مقترحا لإنشاء نقطة بيع مباشرة لمنتجات الصيد البحري، بما في ذلك سمك البلطي الأحمر، وذلك لتلبية احتياجات المواطنين والفلاحين على حدّ سواء.
وأوضح طاوسي أنّ هذا الاقتراح تضمّن أيضا فتح مديرية جديدة للصيد البحري في ولاية الجلفة، كون المديرية الحالية تابعة لولاية عين الدفلى، وأشار يسين إلى أنّ الفلاحين والمستثمرين الذين لديهم مزارع لتربية المائيات في ولاية الجلفة كانوا قد طرحوا انشغالاتهم حول الحاجة إلى إنشاء منطقة مخصّصة لتربية المائيات في الولاية، أسوة ببعض الولايات الأخرى التي استفادت من هذه المناطق المتخصّصة.
وقد تم خلال زيارة الوزير اقتراح ثلاث نقاط رئيسية هي، إنشاء نقطة بيع مباشرة، فتح مديرية للصيد البحري في ولاية الجلفة، وتخصيص منطقة لتربية المائيات، وهو المقترح الذي حظي بموافقة كلّ من الوزير والوالي.
وأشار طاوسي يسين إلى أنّ ولاية الجلفة تمتلك مقوّمات قويّة في قطاع تربية المائيات، حيث قال: “لدينا مزرعة بن علي في الولاية المنتدبة عين وسارة، التي تعدّ سادس أكبر مزرعة على مستوى العالم في إنتاج الأسماك وحيدة الجنس، كما أنّ الولاية تضمّ أول مصنع لإنتاج أعلاف الأسماك على المستوى الوطني، ومزرعتين في منطقة روس العيون التي تعدّ هي الأخرى أول مزرعة منتجة ومربية للأسماك في ولاية الجلفة” وأضاف “ نحن كمستثمرين، أسّسنا الأرضية المناسبة ونشرنا ثقافة تربية الأسماك بين الفلاحين، ما يجعل البنية التحتية مؤهّلة لاستقبال المزيد من المشاريع في هذا القطاع الواعد”.

افـتتاح نـقطة بـيع وتـرويـج لـتربية الأسـماك

افتتحت غرفة الصيد البحري وتربية المائيات، نهاية الأسبوع الماضي، بالسوق البلدي لبلدية الجلفة، نقطة بيع مباشرة من المنتج إلى المستهلك، تستهدف ترويج منتجات تربية المائيات، خاصّة سمك البلطي الأحمر.
 وأشار زدام شكيب مدير الغرفة المشتركة ما بين الولايات، الذي أشرف على عملية الافتتاح متحدّثا لـ«الشعب”، أنّ هذه النقطة تعدّ رابع نقطة، بعد افتتاح ثلاث نقاط سابقة في كلّ من خميس مليانة، عين الدفلى، والمدية، على اعتبار أنّ مديرية الصيد البحري وتربية المائيات تغطي أربع ولايات، هي المدية، الجلفة، تسمسيلت وعين الدفلى، وأكّد أنّ هذه النقاط تأتي في إطار استراتيجية وزارة الصيد البحري لترويج منتجات تربية المائيات، خصوصا تربية الأسماك في أحواض السقي الفلاحي، ممّا يعزّز الأمن الغذائي في البلاد.
كما أشار إلى أهمية هذه النقاط في دعم الفلاحين الذين ينتجون سمك البلطي في أحواض السقي الفلاحي.
وتحدّث زدام عن العلاوة التحفيزية التي أقرّتها الدولة للمنتجين، والتي تصل إلى 50 دينار جزائري لكلّ كيلوغرام من سمك البلطي المنتج. هذه العلاوة تهدف إلى تشجيع الفلاحين على الانخراط في تربية الأسماك، حيث تعتبر نقطة البيع هذه همزة وصل بين المنتجين والمستهلكين.
وصرح زدام بأنّ السمك البلطي الذي يعرض للبيع هو نتاج عمل فلاح من بلدية “ القرنيني” بولاية الجلفة، مع تقديم معلومات دقيقة حول قيمته الغذائية مقارنة بأنواع الأسماك الأخرى. وأوضح أنّ هذه النقطة تأتي كمبادرة مهمة لدعم الفلاحين، حيث تتيح لهم فرصة لتسويق منتجهم الجديد بسعر تنافسي. وأضاف أنّ الجزائر تسعى لتطوير هذا القطاع من خلال تعزيز الإنتاج المحلّي وتخفيض الاعتماد على الواردات، لافتا إلى أهمية تربية المائيات القارية، خاصّة سمك البلطي، كخيار اقتصادي يساهم في خفض الأسعار ويضمن توافر المنتجات المحلية في السوق.

إقبال متزايد على تربية المائـيات

وفي هذا السياق، أكّد أمين بن قرطبي رئيس الغرفة الجهوية ما بين الولايات للصيد البحري وتربية المائيات لولايات عين الدفلى، الجلفة، المدية وتيسمسيلت، على أهمية تحقيق الأمن الغذائي من خلال تربية المائيات، مشيرا إلى أنّ الغرفة تسعى دائما لتحقيق أهداف وزارة الصيد البحري، نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الاقتصاد المحلّي، حيث تهدف إلى توسيع نطاق التربية المائية من خلال تنظيم دورات تكوينية للفلاحين لتعزيز معرفتهم بتقنيات تربية المائيات، ما يعزّز قدرتهم على إنتاج أسماك ذات جودة عالية. وأوضح أنّ الغرفة تعمل بالتعاون مع مديرية الفلاحة لتسهيل عملية الحصول على المعلومات والدعم الفني.
بالإضافة إلى ذلك، تسعى الغرفة إلى توسيع نطاق تسويق سمك البلطي من خلال اتفاقيات مع المطاعم الجامعية والمؤسّسات التربوية، ممّا يعتبر خطوة مهمة لدعم الفلاحين وتعزيز استدامة تربية الأسماك، وأضاف أنّ بعض الولايات قد بدأت تعتمد بشكل أكبر على تربية الأسماك وليس فقط على الصيد البحري، ويشمل هذا القطاع نوعين رئيسيين، هما: تربية المائيات البحرية وتربية المائيات القارية، حيث يلعب كلّ منهما دورا محوريا في تحقيق التنمية المستدامة.
وأشار بن قرطبي أيضا إلى تعيين يسين طاوسي للإشراف على نقطة البيع في الجلفة، موضحا أنّ هذا الاختيار يعكس أهمية الخبرة في تسويق المنتجات وتوجيه الفلاحين. وأضاف أنّ هذه النقطة تمثل مكسبا كبيرا لولاية الجلفة، وأشار بن قرطبي إلى أنّ تربية الأسماك لها فوائد استراتيجية تتجاوز مجرد تسويق المنتجات، إذ تستخدم فضلات الأسماك كسماد طبيعي، ممّا يساهم في تحسين جودة التربة وزيادة الإنتاج الزراعي. وأكّد أنّ هذه المبادرة ستتيح للفلاحين تنويع مصادر دخلهم وتعزيز الأمن الغذائي في المنطقة.
من جانبه، استعرض محمد يسين طاوسي تجربته الطويلة في هذا القطاع، حيث قال: “بصفتي نائب رئيس الغرفة المشتركة، كنت أول مستثمر في تربية المائيات في ولاية الجلفة. وعندما أغلقت استيراد الأسماك خلال جائحة كورونا، أصبحت مزرعتي نقطة جذب للفلاحين من مختلف الولايات”.
وأوضح طاوسي أنّه قام بتوجيه عدد كبير من الفلاحين نحو تربية سمك البلطي، مؤكّدا على أهمية التكوين والتوجيه المتواصل لهم. وفي هذا الإطار، قال أنّ الدورات التكوينية في مجال تربية المائيات شهدت إقبالا كبيرا، من قبل الفلاحين والطلبة الجامعيين.
وتم تنظيم هذه الدورات في الجامعات ومراكز التكوين المهني، وأضاف طاوسي أنّ وزارة الصيد البحري أوصت بضرورة مرافقة أيّ فلاح يشرع في زراعة الأسماك بلجنة مختصّة تضمّ نائب ومدير غرفة الصيد البحري، وذلك لمعاينة الأحواض الزراعية والتأكّد من جاهزيتها قبل البدء بزراعة الأسماك. وقد شهدت ولاية الجلفة -حسب طاوسي-زراعة 100 ألف وحدة من سمك البلطي “تيلابيا” في حوض واحد بالولاية المنتدبة عين وسارة. وتعدّ هذه الخطوة نموذجا من نشاط متزايد، حيث تضمّ المنطقة بين 10 إلى 15 مزرعة لتربية البلطي، قام أصحابها بالتوجّه لهذا النشاط بعد خضوعهم لدورات تكوينية.
وتسجّل الولاية تزايدا ملحوظا في عدد الفلاحين المهتمين بتربية الأسماك، حيث عبّر كلّ فلاح تلقّى التكوين عن رغبة جيرانه في الانضمام إلى الدورات، وطلب تزويدهم ببذور سمك البلطي، وتجدر الإشارة إلى أنّ الفلاحين الذين استفادوا من هذه المبادرة يخضعون لزيارات تفقدية دورية كلّ 20 يوما، لمتابعة نموّ الأسماك وضمان تغذيتها السليمة”.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19594

العدد 19594

الأحد 13 أكتوير 2024
العدد 19593

العدد 19593

السبت 12 أكتوير 2024
العدد 19592

العدد 19592

الخميس 10 أكتوير 2024
العدد 19591

العدد 19591

الأربعاء 09 أكتوير 2024