تمثّل حوادث المرور معضلة لدى السلطات الأمنية والمدنية لما لها من نتائج مأساوية تمسّ المواطنين وممتلكاتهم، ولا يُعَدُّ مبالغا فيه إذا ما قُلنا بأنّ حوادث المرور في الجزائر قد تنافس الأمراض كمسبّبات للوفيات، وهو ما دفع بالسلطات العليا إلى دقّ ناقوس الخطر والرفع من وتيرة العمل من أجل كبح جماح المتهوّرين وإيقاف إرهاب الطرقات ببلادنا.
لتسليط الضوء أكثر على مختلف حيثيات ظاهرة حوادث المرور، والغوص في مسبّباتها وسُبل الوقاية منها، تقرّبنا من مقر المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بتندوف، للوقوف على جانب من مجهودات السلاح الأخضر في محاربة إرهاب الطرقات، حيث تعتبر مصالح الدرك الوطني بتندوف والى جانب مهامها الأمنية الأخرى في إقليم جغرافي تمتدّ حدوده الدولية لآلاف الكيلومترات، نموذجاً يُحتذى به في هذه المعركة، نظراً لشساعة إقليم الاختصاص وطول الطرقات.
وللحديث عن مجهودات الدرك الوطني في الحدّ من حوادث المرور، كان لنا لقاء مع المكلّف بالإعلام والاتصال بمقر المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بتندوف، الرقيب أول الأمين جرارفاوي، الذي كشف لنا عن الإستراتيجية المتبعة في الميدان في ولايات الجنوب عامة وبتندوف على وجه التحديد.
وأوضح جرارفاوي أنّ جهاز الدرك الوطني وتطبيقا لتعليمات القيادة، يعتمد في مجال أمن الطرقات بدرجة أكبر على العمل التوعوي والتحسيسي من مخاطر التهوّر واللاأمن المروري، حيث تكثّف وحدات السلاح الأخضر من نشاطاتها الرامية إلى تطوير وترقية العمل التوعوي لفائدة مستعملي الطريق وتحسيسيهم بمخاطر المناورات الطُرقية.
وتبرز المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بتندوف كفاعل حقيقي في ميدان أمن الطرقات على مستوى ولايات الجنوب، والتي لم تدّخر جهداً في سبيل إنجاح المساعي الوطنية الرامية إلى الحدّ من حوادث المرور، في إطار إستراتيجية أكبر تهدف إلى تدعيم المجهودات والإجراءات الوطنية الرامية الى تحقيق الأمن والسلامة المرورية لجميع مستعملي الطرقات.
وأشار المكلّف بالإعلام والاتصال بمقر المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بتندوف إلى وجود حملات تحسيسية تتزامن مع انطلاق الموسم الدراسي، هذه الحملات –يواصل القول- تكون في أغلب الأحيان للمتمدرسين في مختلف الأطوار التعليمية من ابتدائي، متوسط وثانوي.
ولَفت جرارفاوي إلى أنّ هذه الأنشطة الجوارية تتم بالتعاون مع الشركاء الفاعلين على المستوى المحلي، من مصالح الأمن الوطني، الحماية المدنية، والجمعيات المتخصّصة على غرار “دراج الجزائر” التي تعتبر قدوة للشباب الجزائري في الأخذ باحتياطات السلامة والالتزام بقانون المرور.
تلميذ اليوم هو سائق الغد
تعكف مصالح الدرك الوطني بتندوف على تنظيم حملات تحسيسية لفائدة الأطفال المتمدرسين، وتندرج هذه الأنشطة في إطار تعزيز الثقافة المرورية لدى الأطفال باستخدام أساليب مُبسّطة تأخذ بعين الاعتبار سنّ الأطفال ومستواهم التعليمي.
هذه الحملات التحسيسية التي ترتبط عادةً بمناسبات معيّنة كالدخول الاجتماعي وفترة العطل الموسمية وعطلة نهاية الأسبوع، تتجنّد فيها مصالح الدرك الوطني بشكل منفرد من أجل استهداف أكبر شريحة من المجتمع بالنصائح والتوجيهات.
في المقابل، يتم تسطير برنامج سنوي بالتنسيق مع مختلف الشركاء الفاعلين، يتضمّن حملات تحسيسية وطنية ومحلية تهدف من خلالها المجموعة الإقليمية الدرك الوطني بتندوف إلى غرس ثقافة مرورية لدى الطفل بأسلوب مبسّط بحضور الطاقم التربوي، عملاً بشعار “تلميذ اليوم هو سائق الغد”.
وتابع المكلّف بالإعلام والاتصال بمقر المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بتندوف قائلاً إنّ الحملات التحسيسية للسواق تُعدُّ الشغل الشاغل لجهاز الدرك الوطني، باعتبارهم الحلقة الأهم في ملف حوادث المرور، مع التركيز على توعية الراجلين وإعطائهم نصيباً من الحملات التحسيسية، عبر حثّهم على ضرورة توخي الحيطة والحذر واحترام قانون المرور.
وقال “نركّز في حملاتنا على سواق شاحنات الوزن الثقيل، بعد ما شهدته الولاية من طفرة تنموية كبيرة وانتشار ورشات إنجاز الخط المنجمي الغربي على طول الطريق الوطني رقم 50 الرابط بين ولايتي تندوف وبشار على مسافة 800 كلم”، وتضم ولاية تندوف إلى جانب الطريق الوطني طريقين ولائيين على مسافة 90 كم و60 كلم، إلى جانب طرق بلدية وأخرى غير مصنّفة تدخل كلّها في دائرة اختصاص مصالح الدرك الوطني بتندوف.
شساعة إقليم الاختصاص لم تمنع مصالح المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بتندوف من تكثيف أنشطتها التوعوية والانتقال إلى السرعة القصوى في التحسيس والتوجيه والإرشاد، حيث باشرت في تجسيد مخطّط وقائي مكثّف يهدف إلى تنظيم حملتين تحسيسيتين في الأسبوع بدل حملتين في الشهر.